يبدو أن أحلام الشعب السوري بتحقيق الدولة الديمقراطية التعددية في بلادهم، بعد رحيل الأسد قد اندثرت بتعقد الأمور أكثر بإعلان «جبهة النصرة» الإسلامية في سوريا مبايعتها الظواهري، زعيم تنظيم «القاعدة». ويأتي هذا الإعلان، بعد اندماج «النصرة» مع زعيم «القاعدة» في العراق أبوبكر البغدادي الذي أعلن قيام دولة العراق والشام الإسلامية. ماذا يعني هذا الإعلان عن قيام الدولة الإسلامية في العراق والشام؟ وهل هو بداية لتجميع الجهاديين في سوريا، أم بداية الصراع بين الثوار السوريين الحقيقيين مع الجهاديين من تنظيم «القاعدة»؟ وماهو مصير الثورة والمعارضة في سوريا؟ رئيس الائتلاف الوطني السوري المستقيل، أحمد معاذ الخطيب، أعلن أن فكر تنظيم «القاعدة» لا يتناسب مع الائتلاف، وذلك رداً على إعلان «القاعدة» في العراق أن «جبهة النصرة» في سوريا هي امتداد له. وطالب الخطيب من الثوار في سوريا اتخاذ قرار واضح بهذا الشأن. بينما أعلن «الجيش السوري الحر» أن «جبهة النصرة» لا تتبع له وأنه لا ينسق معها. التحدي الحقيقي الذي يواجه الثورة السورية اليوم هو كيف يمكن التعامل مع الجهاديين من أنصار «القاعدة» في سوريا، خصوصاً وأن هذه الجماعات تسعى لإقامة دولة الخلافة الإسلامية في بلاد الشام، وهو ما يختلف تماماً مع الطموحات الوطنية لفصائل المعارضة السورية على اختلافها. كما أن أنصار «القاعدة» يمثلون خطراً حقيقياً ليس فقط على الأمن والاستقرار في سوريا في حقبة ما بعد الأسد، بل على جميع الدول العربية المجاورة لسوريا ودول الخليج العربية. والخطورة في تحولات الوضع السوري تكمن في حقيقة أن الجهاديين الإسلاميين بدأوا يتدفقون على سوريا من كل أرجاء المعمورة، بما في ذلك شباب جهاديون من الخليج، وقد نشرت الصحف الكويتية أسماء من قتل منهم في سوريا، وبعضهم كويتيون وسعوديون. لذلك فإن ما نتخوف منه فعلاً هو أن تصبح سوريا أفغانستان «القاعدة» الجديدة. تسارع الأحداث في سوريا دفع بالرئيس الأميركي للاجتماع مع الأمين العام للأمم المتحدة في البيت الأبيض لتدارس الأوضاع الإنسانية في سوريا، وقد تعهدت الولايات المتحدة بزيادة الدعم الإنساني للاجئين السوريين. أما التحرك الأوروبي، فقد تبلور أكثر في اجتماعات بعض القيادات الأوروبية مع قادة الائتلاف الوطني السوري في لندن خلال اجتماعات قادة الدول الثماني الكبرى. القادة الأوروبيون أبدوا مخاوفهم من التطورات الأخيرة في سوريا، وقد برز خلاف حول كيفية دعم هذا الائتلاف على ضوء وجود عناصر من «القاعدة» في سوريا. ما هو تأثير هذه التحولات على دول الخليج العربية؟ هنالك تباين في مواقف دول الخليج، فبعضها يدعم المعارضة، وبعضها متخوف من تزايد نفوذ «القاعدة» بين الثوار خصوصاً فصيل «النصرة» الذي ازدادت قوته ونفوذه بشكل سريع ولا أحد يعرف من أين يأتي تمويله وتسلحه. والمخيف أن هنالك أحزاباً وتنظيمات إسلامية تجمع التبرعات لسوريا، رغم التحذيرات الحكومية لهذه التنظيمات. لكن دول الخليج لم تبلور سياسة موحدة فيما يتعلق بكيفية التعامل مع التحولات الجديدة.