«يسألني الناس في الولايات المتحدة أحياناً عن الإسلام لأنهم فضوليون»، هكذا تقول "سلسبيلا ديار"، وهي طالبة التبادل الإندونيسية التي تدرس في فرجينيا، عند سؤالها عن تفاعلاتها مع الأميركيين. شاركت "ديار" تجربتها في الخارج عبر "سكايب" في حوار عنوانه "الإسلام في أميركا: وجهات نظر الشباب" في مركز "آت أميركا" (@america)، وذلك بمجمع "باسيفيك مول" التجاري في جاكرتا أواخر فبراير الماضي. جرى إطلاق مركز "آت أميركا"، وهو مركز ثقافي أميركي إبداعي للتكنولوجيا المتقدمة، رسمياً في ديسمبر 2010، وهو الأول من نوعه في العالم. ويستضيف المركز بشكل روتيني حوارات يمكن للزائرين الانضمام إليها مجاناً. وبالإضافة إلى الحوارات التفاعلية حول مواضيع متفرقة، منها الإسلام في الولايات المتحدة وموسيقى "الغرونج"، ينظّم مركز "آت أميركا" بشكل متكرر ورش عمل وحفلات موسيقية، ويساعد الطلبة الإندونيسيين الذين يرغبون بالدراسة في الولايات المتحدة. هذه الجهود توفر فرصاً لتقوية العلاقات الثنائية بشكل إضافي والحد من مشاعر التحامل تجاه "الآخر"، والتي يحملها الناس في كلا البلدين. رغم أن الأفلام والأغاني وغيرها من منتجات الثقافة الشعبية الأميركية كانت مرغوبة في إندونيسيا، فإن صورة الولايات المتحدة ليست إيجابية دائماً بين الإندونيسيين. وينزعج الإندونيسيون أحياناً كثيرة من سياسات الولايات المتحدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، التي تعتبر ضارة لإندونيسيا، وغيرها من الدول ذات الغالبية المسلمة، مثل تدخل الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب في إندونيسيا وقرارها الامتناع عن التصويت في الأمم المتحدة حول فلسطين في نوفمبر الماضي. وتؤدي هذه السياسات إلى وجهات نظر بين الإندونيسيين بأن الولايات المتحدة مُسيطِرة وعدائية تجاه المسلمين. غيّرت مناسبات في مركز "آت أميركا" وجهات نظر بعض الإندونيسيين حول الولايات المتحدة. على سبيل المثال، شاركت "سوكي سيكارواتي"، وهي صحفيّة في صحيفة كوران جاكرتا الوطنية، بأفكارها في حديث جرى مؤخراً تحت عنوان "الإسلام في أميركا"، تبعته حوار شاركْتُ به، أظهر لي أن المسلمين في أميركا يتمتعون بنفس الحقوق مثلهم مثل غيرهم من المواطنين. وبالمثل، فإن "أبريليا رامادينا"، الفنانة الهاوية التي شاركت في عدد من المناسبات الفنية في مركز "آت أميركا"، قد سعدت برؤية مدى تقبّل الولايات المتحدة للمشهد الفني الإندونيسي. "من الجيد رؤية موسيقيين إندونيسيين، مثل "جوجن بلوز شلتر"(Gugun Blues Shelter)، وهي فرقة لموسيقى "البلوز" اكتسبت شعبية متزايدة في الولايات المتحدة، تعزف في مركز "آت أميركا"، ويُظهِر ذلك انفتاح الولايات المتحدة للموسيقى الإندونيسية". ويشكّل وجود مركز "آت أميركا" في "مول" تجاري وسيلة مثالية للاندماج في المشهد الإندونيسي الحديث وتنمية الاهتمام في التبادلات بين الناس في إندونيسيا والولايات المتحدة. إلا أن الجدران الخالية من النوافذ والأمن الزائد في المركز، المتمثل في خزائن لترك الحقائب بحيث لا يحضرها الزوار إلى الداخل، إضافة إلى الكاميرات والكواشف الأمنية، تعطي جواً حصرياً يجعل بعض الزائرين قلقين ومتضايقين، وربما يشكل نتيجة عكسية لأهداف مركز "آت أميركا". ويستطيع المركز تكرار عمل المراكز الثقافية الأخرى في جاكرتا، مثل "إيرازموس هويس (Erasmus Huis) الهولندي ومركز "غوته الألماني"، حيث يُسمَح للزائرين بإدخال حقائبهم إلى الداخل، حيث الساحات المفتوحة تضفي جواً من الراحة والاسترخاء. بالإضافة إلى رغبتها بتحسين العلاقات مع الإندونيسيين على مستوى الناس وجهاً لوجه، فقد اختارت الولايات المتحدة إندونيسيا كأول دولة لإطلاق مركز "آت أميركا" لسببين اثنين أولهما، حسب "جون تشوي" نائب الملحق الثقافي لمركز "آت أميركا" هو العدد المرتفع للمستَخدِمين الإندونيسيين للإعلام الاجتماعي، والمناسبين لمفهوم مركز "آت أميركا" للتكنولوجيا المتقدمة، وثانيهما، أن الطلاب الإندونيسيين مهتمون بشكل خاص بمتابعة دراساتهم في الولايات المتحدة. والعديد من الطلاب الإندونيسيين فضوليون حول الولايات المتحدة، ويرغبون بمعرفة كيف يمكنهم الدراسة هناك. ندرك أن هؤلاء الطلاب يطرحون أسئلتهم أحياناً، ويعبرون عن أفكارهم ومشاعرهم تجاه الولايات المتحدة مستخدمين أحدث أدوات التكنولوجيا. وحتى يتسنى اجتذاب الطلبة من إندونيسيا إلى الولايات المتحدة، استثمرت الحكومة الأميركية أموالاً كبيرة لبناء مركز "آت أميركا"، وتوفير فرص بعثات، مثل برنامج كينيدي- لوغر للتبادل والدراسة للشباب، وبرنامج "يس" للدراسة وبرنامج فولبرايت. وبالنسبة لهؤلاء الذين يرغبون بالدراسة في الولايات بشكل خاص، وفّر مركز "آت أميركا" العديد من البرامج المفيدة. إضافة إلى ذلك، فإن حكومة الولايات المتحدة متعاونة اليوم أكثر، خاصة عندما يتعلق الأمر بإصدار تأشيرات الزيارة للطلاب والسياح الإندونيسيين، بمن فيهم هؤلاء الذين واجهوا في السابق صعوبات كبيرة. ورغم بعض النواحي السلبية، يُعد مركز "آت أميركا" في حد ذاته انعكاساً لسياسة الولايات المتحدة الحسنة تجاه إندونيسيا. وبوجود المزيد من التفاعل والتفاهم المتبادل، يمكن لعلاقات الاحترام بين الدولتين أن تتحسن وتؤدي إلى شراكة مثمرة. فايا سواردي صحفية مستقلة - جاكرتا ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند" الإخبارية