حققت صناعة السياحة والسفر العالمية خلال عام 2012 نمواً بوتيرة أسرع من نمو قطاعات الصناعات التحويلية والخدمات وتجارة التجزئة المالية والاتصالات، وبحسب تقرير لـ«مجلس السفر والسياحة العالمي»، فقد حققت السياحة العالمية نمواً يقدّر بنحو 8,2 في المئة، فزاد ناتجها إلى نحو 6,6 تريليون دولار مقارنة بنحو 6,1 تريليون دولار في العام السابق، الأمر الذي ساعد على زيادة مساهمتها في الناتج الإجمالي العالمي بنسبة 3 في المئة العام الماضي، لتصل إلى نحو 9 في المئة، وارتفاع عدد العاملين في القطاع حول العالم بنحو خمسة ملايين عامل، وهو ما يساوي نحو 10 في المئة من إجمالي فرص العمل الجديدة التي تم استحداثها حول العالم في ذلك العام. تعدّ دولة الإمارات واحدة من الدول الأكثر استثماراً في قطاع السياحة، إذ إنها تخصص للقطاع استثمارات سنوية تقدر بنحو 41,5 مليار درهم (11,3 مليار دولار) وفقاً لتقديرات «مجلس السياحة والسفر العالمي»، ومن المتوقع أن تزداد قيمة هذه الاستثمارات إلى نحو 82,3 مليار درهم (22,4 مليار دولار) سنوياً بحلول عام 2021، في ظل الخطط السياحية الطموحة التي تنفذها الدولة، ورجّح المجلس أن تبقى الاستثمارات الإماراتية متصدّرة لاستثمارات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث إنها تمثل نحو 57 في المئة من إجمالي تلك الاستثمارات حتى عام 2022، وهذه الاستثمارات السخية تدلل على أن القطاع سيظلّ ضمن أولويات القائمين على السياسات الاقتصادية والاستثمارية في الدولة. وهذه الاستثمارات والجهود جعلت من دولة الإمارات واحدة من الدول الجاذبة للسائحين حول العالم في الوقت الراهن، وواحدة من الوجهات السياحية الأكثر جذباً على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتأتي هذه المكانة كترجمة للجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة منذ عقود طويلة من أجل وضع اسمها بين الوجهات السياحية الأكثر تفضيلاً على المستوى العالمي، مستغلّة بذلك ما تتمتع به من فرص سياحية طبيعية، بما فيها من سياحة شواطئ وسياحة صحارى، بالإضافة إلى ما قامت بإضافته من خيارات وبدائل سياحية أخرى على مدار السنوات، كسياحة المؤتمرات والأعمال، وسياحة التسوق والترفيه، وسياحة الفعاليات الرياضية الكبرى، وفي هذا الإطار فقد استضافت العاصمة أبوظبي مؤخراً فعاليات «القمة العالمية الثالثة عشرة لمجلس السياحة والسفر العالمي»، وتعدّ استضافة الدولة لمثل هذه الفعالية، التي تعدّ إحدى أهم الفعاليات السياحية في العالم، مؤشراً مهماً إلى مكانتها المهمة على خريطة السياحة العالمية، وإلى اعتراف الدول والمؤسسات الدولية بهذه المكانة. وبفضل السياسة السياحية الطموحة يحقق الاقتصاد الإماراتي عوائد تنموية كبيرة، حيث يسهم قطاع السياحة بما يزيد على 10 في من الناتج المحلي الإجمالي في الدولة، ومن المتوقع وفقاً لبيانات «مجلس السياحة والسفر العالمي» أن يحافظ القطاع على إسهامه المرتفع في الناتج على مدار العقود المقبلة، وأن يظلّ ممثلاً لإحدى القوى المحركة للنمو في الاقتصاد الوطني، وأن يحافظ على مكانته كمصدر للدخل وكأحد الآليات الضامنة لاستدامة النمو الاقتصادي والتنمية التي تسعى الدولة إلى إدراكها، بل إن الاستثمارات السخيّة التي ستضخّها الدولة في القطاع على مدار سنوات العقد المقبل ستعطي القطاع دفعة جديدة، تمكّنه من الدخول في دورة جديدة من النمو والازدهار قد تمتدّ لسنوات مقبلة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.