تنتقل مصر من أزمة إلى أخرى دون أن يتحرك الإخوان لإنقاذها. عرفناهم من شعاراتهم، فهم كانوا يقولون إنهم ليسوا طلاب سلطة بينما حقيقة الوضع التي كشفتها لنا مصر العروبة من خلال حكم الإخوان أنهم فعلا يرون مصر كغنيمة لا يمكن التفريط فيها، فهم يمسكون بها بأسنانهم وقد يضحون بالرئيس إلا أنهم لن يضحوا بالسلطة، فهم انتظروا هذه الظروف ليقفزوا على السلطة ليحققوا مطالبهم. وقد كانت جماعة الإخوان وغيرها من أحزاب إسلامية تحارب معارضيها بمقولة «أعداء الإسلام»، وتقذفهم بتهم الليبرالية والعلمانية وغيرها من مسميات توفر لها الغطاء والاستمرار في نهج الاستيلاء على المكتسبات. والإخوان يستغلون بساطة الناس وحبهم لدينهم فيستخدمون الشعارات البراقة ليحققوا مزيداً من المكاسب. وهم لا يؤمنون بالديمقراطية، وفي نفس الوقت يريدونها لهم فقط، ويمسكون بكرسي السلطة وإن ضاعت مصر، فمصر لا تعني لهم سوى بوابة لتحقيق مكاسبهم وطموحاتهم العابرة للحدود الجغرافية، فهم يرون أنفسهم الحزب المؤهل للحكم، وهم يدخلون في تحالفات مع نماذج مشابهة لهم وإن اختلفوا معها مرحلياً. هل اليوم من يعترض على حكم الإخوان لا يؤمن بصناديق الانتخابات التي جاءت بمرسي؟ حقيقة الإخوان عندما اتهموا المجلس العسكري ولجان الانتخابات بالعمل على استبعادهم، وها هم اليوم يحكمون مصر بصندوق الانتخابات إلا أن الواقع يؤكد لنا يوماً بعد يوم أنهم فعلاً طلاب سلطة، وأن السلطة هي مطلبهم، وأنهم يمسكون بها مهما كلفهم الثمن. في مصر نلاحظ أن مؤيديهم يتراجعون يوماً بعد آخر، وأن شعاراتهم تنكشف حتى لبعض من كوادرهم مما يعني أن مصر تدخل أزمة طاحنة. هتلر جاء عبر الصندوق الانتخابي إلا أنه أمسك بالسلطة ولم يخرج إلا بعد دمار ألمانيا بالحرب العالمية الثانية. حكم الإخوان يقترب من النموذج الهتلري النازي، فهم يعملون وفق رؤية خاصة بحزبهم، وهم يحاولون اقتباس نماذج مثل النموذج الإيراني على سبيل المثال، وهم أعلنوا مرات عن رغبتهم في تشكيل حرس ثوري على غرار الحرس الإيراني لكي يحموا سلطتهم ويتصدوا للمؤسسة العسكرية لأنهم يدركون أن العسكر في مصر لهم تاريخهم في الحفاظ عليها. والحرس الثوري كما جاء في تصريح الكتاتني يعد مطلباً لحماية الثورة «لكي لا تنزلق» وطبعاً حماية الإخوان المسلمين وليس مصر الثورة التي أطاحت بحكم مبارك. والإخوان المسلمون يعملون ضمن مخطط، فهم اليوم يسعون لإخضاع مؤسسات الدولة لنفوذهم الحزبي، فما أثير حول المخابرات المصرية من تهم معروفة مسبقاً بأنها تهم يراد بها باطل، فهم اليوم يعرفون قوة جهاز المخابرات المصرية ويسعون ترويض هذا الجهاز كي يحافظوا على سلطتهم. إن مصر تعاني، وقد تستمر سنوات، إلا أن شبابها يخرج كل يوم ليعبر عن رفضة لحكم الإخوان، وبكل تأكيد تشير الشواهد إلى أن حكم الإخوان في أكبر دولة في الوطن العربي قد يكون فرصة لينكشف زيف الشعارات التي رفعوها. وفعلاً هم اليوم ينتقلون من فشل إلى آخر، ولا نبالغ لو قلنا إنه لو أجريت انتخابات في هذه المرحلة فالإخوان خاسرون لا محالة. د. علي الطراح سفير الكويت لدى «اليونسكو»- باريس