هل تتحقق النبوءة وتتراجع أوروبا اقتصادياً لتحل آسيا محلها؟ في تقديري أن الإجابة تتمثل في أنه على ما يبدو لم يعد هناك أمر مستحيل، أو صعب الحدوث، فالأيام حبلى بالمفاجآت وممتلئة بحقائق كانت في يوم ما أوهاماً. فبعد أزمة قبرص المالية، صار لزاماً أن يبحث المستثمر عن بديل، فلا آمان للمستثمر في ظل قوانين لا تحمي ودائع أصحاب الأموال والتجارة. وإذا كانت الإمارات جاذبة للاستثمار، وأكثر مرونة من قبرص وغيرها من مراكز مالية، فلا بد أن يكون هناك توجه اقتصادي مالي للإمارات نحو آسيا واقتصادها، الذي نجده يوماً بعد يوم، يثبت نموه وتفوقه على اقتصادات القارة العجوز. فالأوضاع تبدو مهزوزة وغير آمنة هناك، عندما اتجهت كل الأنظار الخليجية خاصة نحو أوروبا وبنوكها وعقارها. وربما كانت الأزمة المالية سبباً في كشف كثير من العورات التي حفزت على هجرة الأموال من أوروبا إلى دول أكثر استقراراً وبعداً عن تعقيدات إدارية تعيق الاستثمار، وتعزز نشوء أسواق مالية أكثر قوة ومرونة. لم يعد هناك ملاذاً «آمناً» كما كان تحسب أوروبا حتى دول «الربيع العربي» عندما طالبت بنوكاً أوروبية بإرجاع أموال الطغاة من قوت الشعوب، فلم تكثرت هذه الدول العريقة في النظام الديموقراطي، والتي تتفاخر بالانتساب له. ولم توضح حقيقة المبالغ التي تزيد من أرصدة بنوكها وتفقر شعوبا بأسرها. التصدي لهذا التعثر فرصة سانحة لاجتذاب الاستثمارات والمستثمرين في نطاق قانوني مرن يتيح للمستثمر الشعور، بالأمان بأن أمواله لن تُصادر، ولن يفرض عليها ضريبة كما حدث في قبرص. فالمرونة التي تتميز بها بنوك الدولة من الأهمية بمكان، لدرجة أنها تقدم المزيد من المزايا، وتحث المستثمرين على إيداع أموالهم. فأن تكون الدولة ملجأ مالياً للعديد من أثرياء أوروبا، فهذا يمكن اعتباره دعامة اقتصادية تعمل على دوران عجلة الاقتصاد، وستعمل على تفعيل مكاسب الودائع المالية، خاصة أن العديد من الفرنسيين بعد زيادة رسوم الضرائب على أموالهم وممتلكاتهم توجهوا إلى الإمارات بحثاً عن أمان وهرباً من حصار الضريبة التي يصفونها بالمجحفة. لا شك أن المرونة تعمل على جذب المستثمرين، وتشجعهم على الانتقال من أوروبا إلى هنا، خاصة أن الفرصة سانحة واقتناصها سهل للغاية. الاقتصاد هو الورقة الرابحة، فكلما كان الاقتصاد يسير وفق خطوط متقدمة بثبات، كلما كان المجتمع ينعم برفاهية وطموح إلى التحول إلى بيئة اقتصادية ناجحة ومثمرة. الاقتصاد هو مفتاح للسياحة والتعليم، وكل مناحي الحياة المهمة لكل أفراد المجتمع، لذلك كان التنويع في الاقتصاد والتركيز على إنعاشه عاملاً مؤثراً في إعطاء الحياة طفرة شبابية، ستعمل بالضرورة على تقدم مفيد ومؤثر لكل قطاعات المجتمع.