بريطانيا ترمم نظامها الصحي... وتهديدات كوريا الشمالية تثير القلق ------ تهديدات كوريا الشمالية المتجددة، وإصلاح نظام الرعاية الصحية ودولة الرفاه في بريطانيا، ومأسسة مجموعة البريكس، وإحالة مقدم البرامج المصري الساخر باسم يوسف للمحاكمة، موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن عرض أسبوعي للصحف البريطانية. ------- خطوة على الطريق تحت عنوان «نحن لم نصل بعد سوى لسفح جبل الإصلاح»، تناولت الـ«تلجراف» في افتتاحيتها الأحد الماضي، الخطوات الأخيرة التي اتخذتها بريطانيا في مجال الإصلاح الحكومي المتعلقة بمنافع دولة الرفاه والنظام الصحي الوطني، والتي ترى الصحيفة أنها خطوات مرحب بها ولكن كان بالإمكان تحقيق ما هو أفضل منها وأنها جاءت محدودة حذرة أكثر مما ينبغي مثل معظم الإجراءات والخطوات التي تخطوها حكومة الائتلاف الحاكم والتي لا ترضي طموحات «المحافظين» الذين يلمحون من طرف خفي دائماً، إلى أنه كان بمقدورهم تحقيق ما هو أفضل من ذلك، لو كانوا يحكمون منفردين. تشير الصحيفة إلى أن الإجراءات الجديدة التي دخلت طور التنفيذ الفعلي تنص على إنشاء اتحادات(كونسورتيوم) للأطباء الممارسين سيكون لها الحرية في إصدار التكليفات بإجراء الخدمات المحلية من خلال نظام عطاءات تنافسي، على اعتبار أن الأطباء الممارسين «يفهمون مرضاهم ويدركون احتياجاتهم أفضل من غيرهم»، كما صرح بذلك وزير الصحة البريطاني. وترى الصحيفة أن ذلك يعد أمراً مرحباً به، ولكن المشكلة أن جزءاً ضئيلاً فقط من ميزانيات قطاع الخدمات الصحية الوطنية هو فقط المفتوح للمنافسة، وأن الثقة في النظام وفي العاملين فيه بمن فيهم الأطباء الممارسين قد اهتزت بشدة بعد فضيحة مستشفى «ميد ستافورد شاير»، التي كشفت عن إهمال رهيب في النظام أدى إلى وفاة العديد من المرضى الذين كانوا يعالجون في المستشفى المذكور. وتتوقع الصحيفة ارتفاع تكلفة الرعاية الصحية البريطانية لتصل خلال العام الحالي إلى 216 مليار دولار، وهو ما يكذب في رأيها دعاوى حزب «العمال» المعارض بأن حكومة «المحافظين» تدمر نظام دولة الرفاه، وتنهي افتتاحيتها بالقول إن الإصلاحات الأخيرة على الرغم من كافة ما يوجه إليها من انتقادات تعتبر خطوة في الطريق الصحيح، حتى وإن كانت محدودة وكان الطريق طويلاً. الحذر واجب «سياسة حافة الهاوية في بيونج يانج تحير وتقلق الولايات المتحدة»، اختار «روبرت كورنويل» هذا العنوان لمقاله المنشور في «الاندبندنت» الأحد الماضي، راصداً التوتر السائد في شبه الجزيرة الكورية إثر تهديدات كوريا الشمالية بشن هجوم صاروخي على أهداف كورية جنوبية وأميركية. ورغم أن هذه التهديدات ليست بالجديدة، حيث اعتادت كوريا الشمالية توجيهها كلما أرادت تخفيف الضغوط الواقعة عليها، أو الحصول على منافع ومزايا من الولايات المتحدة وحلفائها، فإن الحدة غير العادية التي تتسم بها هذه المرة، والتي لم يسبق لها مثيل إلا فيما ندر، تحير المسؤولين والخبراء الأميركيين الذين اعتادوا التعامل مع السلوك الشاذ لتلك الدولة لعقود، على الرغم من اقتناع هؤلاء الخبراء أن الغرض من الخطاب ذي النبرة العدائية والحربية العالية، هو تقديم أوراق اعتماد زعيمها الجديد «كيم جونج أون» كقائد عسكري صلب للداخل أو الخارج على حد سواء، وعلى رغم أن هؤلاء الخبراء يدركون جيداً أن التهديدات الكورية الشمالية لا تشكل خطراً وشيكاً على بلدهم، لأن بيونج يونج أمامها سنوات عديدة قبل أن تتمكن من وضع رأس حربي على صاروخ قادر على الوصول إلى الأراضي الأميركية، إلا أن ما يحيرهم ويقلقهم أن نبرة التهديدات هذه المرة أكثر حدة من أي مرة سابقة. وهناك تفسيرات مختلفة لذلك منها أن حجم التوتر والضغط الذي يشعر به نظام «بيونج يانج» بسبب تخلي الولايات المتحدة وحلفاءها- والصين أيضاً- مؤخراً عن سياسة العصا والجزرة التقليدية التي اعتادت التعامل بها مع هذا النظام، واتبعت سياسة جديدة تعتمد على التهديد بالعصا فحسب. ومنها أن التصعيد الكلامي الكوري الشمالي الذي يتزامن سنوياً مع المناورات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية قد ازداد حدة وعدائية هذا العام، لأن الولايات المتحدة ذاتها تعمدت زيادة جرعة الاستفزاز لنظام بيونج يانج من خلال إرسال طائرتين بي- 2 من طراز الشبح للتحليق فوق سماء كوريا الشمالية. على الرغم من ذلك فإن ما يخشاه المسؤولون الأميركيون هذه المرة هو أن يؤدي حادث صغير غير مقصود إلى تصعيد الموقف على نحو يخرج به عن نطاق السيطرة، خصوصاً إذا استمر الزعيم الكوري الشمالي في اتباع سياسة حافة الهاوية، وتعمدت الصين أن تظل بعيدة دون محاولة جدية للتدخل وتهدئة حدة خطابه. مأسسة البريكس تحت عنوان «البريكس تمثل تحدياً للهيمنة الاقتصادية الغربية» كتبت «راديكا ديساي» مقالاً في عدد الجارديان الثلاثاء الماضي، تطرقت فيه إلى قمة دول «البريكس» الأخيرة في ديربان بجنوب أفريقيا التي تعتبر الأولى من بين مجموعة من القمم التي ستعقد في الدول الأعضاء في المجموعة بالترتيب. وعلى رغم أن البيان الختامي للقمة قد تضمن العبارات الإنشائية المعتادة عن التضامن بين دول مجموعة البريكس، وأهدافها المشتركة، إلا أنه تضمن شيئاً أهم من ذلك بكثير وهو أن دول المجموعة قررت البدء في اتخاذ الإجراءات التمهيدية لإنشاء مؤسسات تابعة للمجموعة. وأشارت الكاتبة إلى تشكيك دول الغرب وتقليلها من شأن هذه الخطوة التي لن تجعل من المجموعة في رأيهم منافساً للمنظومة الغربية ولا لمؤسساتها الراسخة كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي على سبيل المثال. وأشارت الكاتبة في هذا الصدد إلى افتتاحية «نيويورك تايمز»، التي رأت فيها أن دول مجموعة «البريكس» ليس لديها قواسم أو أهداف مشتركة تمكنها من العمل بكفاءة وتشكيل كتلة موازنة للغرب، علاوة على أنها تعاني من انقسامات عميقة حول قضايا أساسية، وتتنافس دولها فيما بينها بدلاً من أن تتكامل، كما أنها لم تحقق سوى القليل من أهدفها، وتختلف اقتصاداتها اختلافاً كبيراً فيما بينها، ولديها أهداف خارجية شتى، وأنواع مختلفة من نظم الحكم. وترى الكاتبة أن هذا التشكيك مضلل، وأن تلك الدول بينها الكثير من القواسم المشتركة، كرفض النموذج النيوليبرالي في التنمية الذي اتبعه الغرب ومؤسساته التي تسيطر عليها الدول الغربية، والذي كان الاستمرار في تبنيه سبباً من أسباب الأزمة المالية والاقتصادية الحالية التي تعاني منها دول الغرب. وتمضي الكاتبة للقول إن تلك الدول لم تكتف بنقد النموذج النيوليبرالي ومؤسساته، بل اتجهت كما يتبين من خلال الخطوة التي خطتها في مؤتمر دربان إلى إنشاء مؤسساتها الخاصة، وهو ما سيمثل تحدياً كبيراً ومنسقاً ومنظماً للهيمنة الغربية لم تتعرض لتحد مثله من أن طالبت حركة عدم الانحياز في سبعينيات القرن الماضي إلى إنشاء نظام اقتصادي عالمي جديد. سلاح السخرية «ضرر النكت باعتبارها وسيلة من وسائل التعبير عن أنفسنا أخف كثيراً من التظاهر والشغب»، هكذا عنونت «ناتالي هاينيس» مقالها المنشور في الإندبندنت يوم الاثنين الماضي، مُسلطة الضوء على موضوع تحويل مقدم البرامج المصري الساخر باسم يوسف إلى النيابة العامة، بتهمة إهانة رئيس الجمهورية وازدراء الأديان. وتبدأ الكاتبة مقالها بالقول إنه عندما يبدأ مجتمع ما في حبس ممثليه الكوميديين أو مقدمي برامجه الساخرين، فإن ذلك يعد علامة مؤكدة أن ذلك المجتمع يعاني من أزمة عميقة؟ وترى الكاتبة أن محاكمة باسم يوسف جراح القلب السابق المعروف باسم «جون ستيوارت مصر» بعد أن استضافه مقدم البرنامج الأميركي الشهير الذي يحمل هذا الاسم في برنامجه العام الماضي، والذي يشاهد برنامجه الأسبوعي «البرنامج» ما يقرب من30 مليون شخص لهو دليل دامغ على هشاشة «الإخوان المسلمين»، وأن الإجراء الذي اتخذه النائب العام ، يرجع إلى أنهم يدركون جيداً أن السخرية تمثل سلاحاً فعالاً ضد القمع والديكتاتورية أكثر مضاءً من التظاهر والاحتجاج، وهو ما لا يمكنهم احتماله بسبب هشاشتهم وانعدام ثقتهم بأنفسهم. إعداد: سعيد كامل