تبذل دولة الإمارات منذ سنوات عدة، جهوداً حثيثة من أجل توفير الوظائف الملائمة، من حيث الكم والنوع، لتطلعات المواطنين وأهدافهم، ونفذت الدولة العديد من المبادرات، انضوت جميعها تحت مظلة برنامج التوطين، وهو البرنامج الذي أخذ أبعاداً استراتيجية طويلة الأجل، وفقاً للمعايير الزمنية والجغرافية، وغطى مختلف مناطق الدولة دون استثناء، وشاركت فيه معظم مؤسسات الدولة أيضاً، على اختلاف نشاطاتها، ما أعطاه نوعاً من الشمول وفقاً للمعايير القطاعية، وقد أعطت الدولة لهذا البرنامج بُعداً مؤسسياً، فأنشأت مؤسسات عدة، تَركّز جهدها حول عملية التوطين، كما هو الحال بالنسبة إلى «مجلس أبوظبي للتوطين»، وأطلقت العديد من المبادرات، كـ«مبادرة أبشر»، والمبادرة الأخيرة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بجعل عام 2013 عاماً للتوطين، تتضافر فيه الجهود وتتوحد الطاقات، وتُطلق فيه مجموعة من المبادرات والسياسات، لوضع التوطين أولويةً وطنيةً على جميع المستويات. وفي إطار هذه المبادرات أعلنت «بلدية مدينة أبوظبي» مؤخراً، أنها تعاونت مع شركة «مساندة» و«مركز أبوظبي للأنظمة الإلكترونية والمعلومات» في إطلاق نظام إلكتروني جديد لإدارة عملية التوظيف في البلدية، يهدف إلى استقطاب الكفاءات، من خلال آلية إلكترونية تبدأ بتقديم طلب الوظيفة وتنتهي بتعيين المرشح. ورغم أن المبادرة غير مقصورة في استخدامها على الباحثين عن عمل من المواطنين، وتسعى إلى استقطاب الكفاءات من داخل الدولة وخارجها، إلا أنها، ووفقاً لما أعلنته البلدية، تمثل تجسيداً لرؤية المؤسسة واستراتيجيتها لاستقطاب وتوظيف الكوادر الوطنية المؤهلة، التي تسعى للحصول على وظيفة مناسبة في بيئة عمل مناسبة، وتحسين خبراتها العملية والمهنية للوصول إلى أعلى المعايير العالمية. إن نظام إدارة عملية التوظيف في بلدية أبوظبي يعتبر خطوة جديدة تقطعها الدولة على طريق التوطين، وإطلاق هذا النظام يمثل إلى جانب ذلك خطوة جديدة للدولة في إطار تطوير سوق العمل الوطنية، تماماً كما هو الحال بالنسبة لـ«موقع وظائف أبوظبي» الإلكتروني، فمثل هذه الأنظمة التي تعتبر بوابات إلكترونية للتوظيف، كذلك لها العديد من المزايا ذات البعد التنموي، فهي تساعد على التنسيق بين جانبَي العرض والطلب في سوق العمل، من خلال تمكين أصحاب الأعمال من استقطاب الأيدي العاملة المؤهلة، ومساعدة الباحثين عن عمل، في الوقت نفسه، في الحصول على الوظائف التي يتطلعون إليها، الأمر الذي يختصر الكثير من الوقت والجهد ويقلص التكلفة بالنسبة للطرفين، ويساعد المجتمع على الاستفادة من موارده البشرية بدل أن تتعطل، إلا في حدود ضيقة، وبمعدلات مقبولة اقتصادياً وتنموياً، وتُمكِّن مثل هذه المبادرات أيضاً المجتمع من توزيع موارده البشرية بشكل مناسب على الأنشطة والقطاعات الاقتصادية وفقاً لاحتياجات كل منها، ما يتيح له فرصة الوقوف على حجم الفجوة بين جانِبَي العرض والطلب في سوق العمل، وبين مخرجات نظام التعليم واحتياجات الاقتصاد من الكوادر البشرية، ما يساعده كذلك في نهاية المطاف على تطوير منظومة التعليم بما يتوافق مع الاحتياجات والخطط التنموية في المجتمع. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.