توافقات مصرية غائبة... وفرصة لإعادة تعريف معايير التجارة الحرة موقف واشنطن من المشهد المصري الراهن، ودعوة لإعادة تعريف معايير تحرير التجارة الدولية، وأهمية التوصل لاتفاق أميركي- أوروبي في هذا الصدد، وحان الوقت لإعادة النظر في الحظر الذي فرضته واشنطن على كوبا منذ عام 1962... موضوعات نضعها تحت الضوء ضمن قراءة موجزة في الصحافة الأميركية. أين الأرضية المشتركة؟ تحت عنوان «مصر تحتاج أن تتحرك»، نشرت «نيويورك تايمز» يوم الإثنين الماضي، افتتاحية رأت خلالها أن قرار إدارة أوباما منح 250 مليون دولار لمصر يعد تصويتاً بالثقة في بلد مهم من ناحية تحقيق الاستقرار في المنطقة، لكنه يقترب من حافة الكارثة الاقتصادية. وحسب الصحيفة، يتوقف الأمر الآن على الحكومة المصرية وعلى معارضيها لإرساء توافقات اقتصادية وسياسية، تُسهل عودة الأموال الأميركية مرة أخرى إلى ما تسميه الصحيفة «دولتهم الفاشلة». جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، الذي أعلن يوم الأحد الماضي من القاهرة عن هذه المساعدات، أوضح أن المسؤولية عن إيجاد أرضية مشتركة، تقع على عاتق الرئيس مرسي، فمن بين مهام وظيفته إقناع المعارضة السياسية باللحاق به، والقبول بإصلاحات اقتصادية تشمل زيادة الضرائب، والحد من دعم المحروقات، وتمهيد الطريق للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، الذي يزيد على 4.8 مليار دولار، وهو ما قد يفتح الباب لمزيد من المساعدات والاستثمارات سواء من مؤسسات دولية مانحة أو من دول أخرى. الصحيفة تقول إن التعاون مطلوب أيضاً من المعارضة، فمصر في أمس الحاجة لمؤسسات ديمقراطية، وإلى اقتصاد قوي يحرك البلاد نحو مستقبل أفضل. وبدلاً من ذلك يتجه الفرقاء السياسيون في مصر إلى مفاقمة الأزمة السياسية والاقتصادية، ما يعد خيانة للثورة التي أطاحت بالنظام السابق. وترى الصحيفة أن الانتكاسة الأخيرة في المشهد المصري، حدثت عندما حذرت «جبهة الإنقاذ الوطني» من مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في أبريل المقبل، لأن حكومة مرسي التي يقودها «الإسلاميون» قد فشلت في توفير ضمانات بجعل هذه الانتخابات حرة ونزيهة. مخاوف المعارضة مشروعة، وبدلاً من أن يعمل مرسي في اتجاه حكومة تشمل كافة الأطياف السياسية، يسعى هو وحزبه إلى تعزيز سلطاتهما، ومضيا قُدماً نحو دستور معيب، وفشلا في إصلاح قوى الشرطة وما بها من فساد، واقترحا قانوناً جديداً يحد من الحق في التجمهر السلمي، وعلى الجانب الآخر، لم تقدم المعارضة بديلاً متماسكاً يمكنها من تحدي «الإخوان المسلمين» في صناديق الاقتراع، وضمن هذا الإطار ترى الصحيفة أن المعارضة تهزم نفسها بنفسها بمقاطعتها للانتخابات البرلمانية. وبعدما حثت الخارجية الأميركية جميع الأحزاب على المشاركة في الانتخابات، رفض بعض رموز المعارضة المصرية، مقابلة «كيري»، بحجة «رفض الضعط الأميركي»... وتقول الصحيفة: بصراحة من الصعب معرفة ماذا تريد المعارضة من واشنطن...تارة تحذر من التدخلات، وتارة تنتقد المعارضة المصرية الأميركيين كونهم لا يتعاملون مع مرسي بشكل أكثر صرامة. سباق على القيم التجارية أول من أمس الاثنين، وتحت عنوان «سباق عالمي على القيم في العلاقات التجارية الأميركية الأوروبية- الصينية»، استنتجت «كريستيان ساينس مونيتور» في افتتاحيتها أنه بينما يتسلم الرئيس الصيني الجديد مقاليد السلطة في بلاده، تخطط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لاتفاق تجاري يعزز اقتصاد الطرفين ويبث رسالة إلى الصين مفادها أن تتحمل المسؤولية، تجاه شروط تجارية أكثر جودة. وحسب الصحيفة، ثمة توقعات بإقدام «زي جينبنج» على إصلاحات راديكالية في الاقتصاد الصيني، لكن من غير الواضح إلى الآن ماهي المعايير التي سينتهجها الرئيس الصيني الجديد. وحسب الصحيفة، فإن «كارل دي جوشت»، المفوض التجاري الأوروبي ذهب إلى الولايات المتحدة لحشد دعم الأميركيين لاتفاق يجمع الاتحاد الأوروبي والأميركيين من أجل تحرير التجارة. الصحيفة اعتبرت الإصلاح الاقتصادي في الصين ومساعي الاتحاد الأوروبي إلى تدشين منطقة تجارة حرة مع الولايات المتحدة خطوتين تندرجان ضمن سباق متواصل حول تعريف القيم التي تقود التجارة الدولية. ونقلت الصحيفة عن المفوض التجاري الأوروبي قوله إن الدافع الأساسي لاتفاق أميركي- أوروبي حول منطقة تجارة حرة، هو التأكيد على معايير تجارية منها الانفتاح وحكم القانون واحترام الحقوق، وهي معايير عالمية في عالم يواجه تحدياً يتمثل في السلوك الصيني وما به من افتقار للشفافية وتفضيل للمشروعات التي تمتلكها الدولة. الاتحاد الأوروبي لا يريد أن يصبح عدوانياً تجاه الصين، وفي الوقت نفسه، لا يريد أن يكون في موقف دفاعي، فالصين لم تعد اقتصاداً صاعداً، ويتعين عليها التحلي بالمسؤولية عن تحسين النظام التجاري الدولي. لكن ليس لدى الصين- حسب المفوض الأوروبي- مقاربة استراتيجية، لإرساء نموذج جديد للعالم، ومن ثم ينبغي على واشنطن والاتحاد الأوروبي الاتفاق معاً لإيجاد صيغة توازن مع الصين و«رأسماليتها السلطوية». وتأمل الصحيفة في أن اتفاقاً تجارياً أميركياً- أوروبياً، سيلتزم بمعايير وشروط أكثر من تلك المتبعة تحت مظلة منظمة التجارة العالمية، فالطرفان الأوروبي والأميركي سيعززان المعايير التجارية. وانتهت الصحيفة إلى خلاصة مفادها أن الأزمة المالية العالمية خلال عامي 2008-2009 ألحقت الضرر بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهذا جعل العالم يبتعد عن تحسين معايير الرأسمالية، وفي غضون ذلك، أصبحت الصين أكثر قوة من ذي قبل، لكنها تعاني مشكلات داخلية. الآن من المتوقع أن يبعث الاتفاق التجاري الأوروبي- الأميركي برسالة إلى الصين تحثها على اللحاق بالجهود الرامية إلى وضع معايير للتجارة العالمية. إعادة النظر في الحظر تطرقت «دالاس مورنينج نيوز»، في افتتاحيتها ليوم الجمعة الماضي، إلى الحظر الأميركي على كوبا، فتحت عنوان «ينبغي على الولايات المتحدة إعادة النظر في حظرها المفروض على كوبا عندما تنتهي سلطة آل كاسترو»، رأت الصحيفة أنه لطالما اقتنع البعض بأن نهاية حكم كاسترو في كوبا ستكون خطيرة وربما متفجرة، لكن يوم الأحد قبل الماضي أعلن راؤول كاسترو - وهو أخ فيدل كاسترو- والرئيس الحالي للكوبيين أنه ينوي التنحي عن السلطة في عام 2018، هذا الخبر لم يسفر عن تظاهرات في مدينة ميامي الأميركية- حيث يعيش كثيرون من ذوي الأصول الكوبية- ولم نشهد تظاهرات في هافانا، وعندما يتنحى راؤول، سيكون عمره 87 سنة وأخيه سيصبح عمره 92 سنة. الصحيفة نوهت إلى أن الرجل الذي اختاره «آل كاسترو» لخلافتهم في الحكم هو «دياز كانيل» نائب الرئيس، الذي يُنظر إليه كمدير فعّال وعنصر نشط في الحزب الشيوعي الكوبي، ما يعني أن رجلاً له سابق خبرة في الشيوعية، الأمر الذي عزز تكهنات مفادها أن هذا البلد لن يشهد تغييراً كبيراً. لكن هذا الكلام قيل على ميخائيل جورباتشوف آخر رؤساء الاتحاد السوفييتي السابق. «دياز» نشأ في فترة الحظر الأميركي على كوبا، وهو أكثر براجماتية وانفتاحاً على التغيير. ومن ثم تأمل الصحيفة في أن يتم رفع الحظر الأميركي على كوبا الذي يقول الدبلوماسيون الكوبيون إنه تسبب في خسائر لبلدهم بلغت منذ عام 1962 إلى الآن تريليون دولار أميركي. ويُشار – حسب الصحيفة- إلى أن كوبا تقدمت عام 2010 بطلب إلى الأمم المتحدة لرفع هذا الحظر، وبالفعل حظي بموافقة 185 عضواً مقابل معارضة عضوين فقط. ومع بوادر ظهور قيادة كوبية جديدة، ينبغي على واشنطن إعادة النظر في الحظر، لاسيما وأن الكوبيين راغبون في زيادة التواصل مع الأميركيين، للاستفادة من أموالهم وتقنياتهم. وعلى الجانب الأميركي، ثمة استفادة من رفع الحظر على كوبا، التي باتت في أمس الحاجة للأموال وهذا سيعود بالفائدة على الولايات المتحدة وبالتحديد ولاية تكساس، ذلك لأن واردات كوبا الأساسية تتمثل في النفط والأغذية والآلات والمعدات، وهذا بالفعل يتطابق مع قائمة المشتريات التي تحتاجها ولاية تكساس، وكوبا أيضاً لديها ناتج محلي إجمالي تبلغ قيمته 14 مليار دولار، وذلك رغم قيود الشيوعية، وهذا يوفر فرصة جيدة لشركات النفط والغاز ومزارعي ومصنعي المعدات في ولاية تكساس. إعداد: طه حسيب