بين كندا والجزائر أزمة كانت في البداية غير معلنة للرأي العام الكندي سعت وزارة الخارجية الكندية لمعالجتها بالوسائل الدبلوماسية السرية ولكن وزير خارجية كندا جون بايرد نفد صبره، على ما يبدو، واضطر إلى إصدار بيان أذيع ونشر، روى فيه حكاية الأزمة المفاجئة بلغة غير دبلوماسية، وعبّر عن ضيقه من حكومة «البلد الصديق». فما هي حكاية الأزمة الكندية- الجزائرية التي انتقلت من اجتماعات الغرف المغلقة بين موظفي وزارته وسفير الجزائر في كندا إسماعيل بن عمارة؟ بدأت الأزمة بتصريح في مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء الجزائري عبدالمالك سلال عقب العملية العسكرية الناجحة التي نفذتها القوات الخاصة الجزائرية وانتهت بالإفراج عن عدد من الرهائن الذين احتجزتهم مجموعة من تنظيم إرهابي، أعلن مسؤوليته عن الهجوم على محطة لإنتاج الغاز في الصحراء بالقرب من الحدود بين الجزائر وليبيا. رئيس وزراء الجزائر قال في مؤتمره الصحفي المشار إليه: إن من بين محتجزي الرهائن على الأقل ثلاثة من المواطنين الكنديين قتل في عملية تحرير الرهائن اثنان منهم ووجدت لديهم جوازات سفر كندية". وعندما صدر هذا التصريح كان مبعث صدمة شديدة بالنسبة للحكومة الكندية، وبادر موظفو الخارجية بتوجيه من الوزير إلى استدعاء السفير الجزائري لدى كندا وطلبوا منه باسم الحكومة الكندية أن توفر لهم الجزائر المعلومات الموجودة لديها التي استند عليها رئيس الحكومة الجزائرية في إعلانه أن مواطنين كنديين شاركوا في عملية الرهائن، لتكون على بينة من الأمر. السفير الجزائري عاد ليقول لهم إن السفارة ليست لديها أية معلومات أكثر مما جاء في المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء. وتحركت الصحف الكندية لتنشر ما لديها من معلومات أو ما نشر في وكالات الأنباء والصحف الأميركية «المطلعة» والصحف الأوروبية، ومن بين ما نشر أن مخطط العملية الإرهابية هو كندي يعيش في بلد مجاور للجزائر. وعن المشاركين الكنديين الذين تحدث عنهم رئيس وزراء الجزائر قالت إحدى الصحف إن المتحدث الرسمي باسم الجماعة الإرهابية هو رجل أشقر الشعر أخضر العينين ويتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة. وأضافت أن اسمه الحركي هو "شاراد"! وعادت بعض الصحف ضمن استغلال هذه الحادثة إلى الحديث القديم عن الخطر الإسلامي وعن "الخلايا النائمة" التي جندت لها "القاعدة" شباباً من الغرب خدعهم حديثها عن "الجهاد" ضد الإمبريالية الغربية فانضموا إليها وقد قامت بتدريبهم على الأعمال الإرهابية وأعادتهم إلى أوطانهم. وطبعاً لم يتوقف أحد من «الكتبة» الذين نشروا مثل هذا الحديث الذي يهدف إلى تخويف المواطن العادي من «الخطر الإسلامي» ليسأل نفسه: لماذا يقامر ويخاطر شباب يعيش في بلاد توفر له ما لن يجده في بلاد كالصومال واليمن وأفغانستان؟ أو ما الذي يدفعه للمقامرة بحياته وهو يرى أن إرهاب "القاعدة" قد فشل مثلما فشلت أيضاً الحرب العالمية على الإرهاب؟