حرب باردة جديدة... وكوريا الشمالية تتحدى المجتمع الدولي إلى أي مدى وصل التوتر في العلاقات الأميركية- الروسية؟ وهل يمكن لجم التصعيد الكوري الشمالي؟ وكيف تغيرت قناعات الناخبين الإسرائيليين من واقع نتائج انتخابات الثلاثاء الماضي؟ تساؤلات نضع إجاباتها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية. حرب باردة جديدة تحت عنوان «حرب أميركا الباردة الجديدة ضد روسيا»، كتب «ستيفن كوهين» يوم الأربعاء الماضي مقالاً في «ذي موسكو تايمز» الروسية، رأى خلاله أن ثمة توتراً في العلاقات الروسية- الأميركية، بسبب نزاعات جوهرية حول الدرع الصاروخية، وحول قضايا الشرق الأوسط، وحول سياسات روسيا الداخلية، ويبدو أن المشهد يذكرنا بالحرب الباردة بين البلدين. وضمن هذا الإطار، أصدر الكونجرس في ديسمبر الماضي قانوناً يُدعى « ماجنتسكي » من خلاله تتم معاقبة المسؤولين الروس وربما أسرهم إذا ثبت اتهامهم في انتهاكات لحقوق الإنسان في روسيا. وسرعان ما رد مجلس «الدوما» الروسي بحظر تبني الأميركيين للأيتام في روسيا، وسيدخل الحظر حيز التنفيذ في عام 2014. وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام الأميركية، عادة ما توجه اللوم إلى بوتين وتحمله مسؤولية غياب الشراكة مع واشنطن، فإن "كوهين"، أستاذ الدراسات الروسية بجامعتي نيويورك وبرنيستون، استنتج أن التحرك في اتجاه الحرب الباردة في مرحلة ما بعد الاتحاد السوفييتي، بدأ قبل مجيء بوتين إلى الكريملن بعقد من الزمان، وتحديداً في تسعينيات القرن الماضي، أي إبان إدارة بيل كلينتون. هذه الأخيرة دشنت سياسة استمرت في إدارة بوش الابن وأوباما، ألا وهي: توسيع نطاق حلف شمال الأطلسي، ونشر تجهيزات صاروخية قرب الحدود الروسية. وتتضمن تلك السياسة ما يسميه الكاتب بـ"التعاون الانتقائي"، أي الحصول على تنازلات من موسكو دون تقديم مقابل. والتدخل في الشؤون الروسية ضمن إطار ما يعرف بـ"الترويج للديمقراطية". وحسب الكاتب، حظي منطق الحرب الباردة، طوال عشرين عاماً على دعم كبير لدى الحزبين "الجمهوري" و"الديمقراطي" وعلى النخبة السياسية الأميركية ووسائل الإعلام الرئيسية في الولايات المتحدة. ولفت الكاتب الانتباه إلى مقولة "إعادة إطلاق" العلاقات الصادرة عن أوباما عام 2009، أو ما كان يعرف بـ"انفراجة" في العلاقات إبان الحرب الباردة. أوباما يريد من موسكو ثلاثة تنازلات: المساعدة في تموين قوات"الناتو"في أفغانستان، وعقوبات أكثر قوة ضد إيران، وامتناع موسكو عن استخدام حق النقض "الفيتو" ضد فرض منطقة حظر طيران في ليبيا. البيت الأبيض حصل على الأمور الثلاثة. وفي المقابل، ترغب موسكو في وضع نهاية لتمدد "الناتو" شرقاً، والوصول إلى اتفاق بشأن الدرع الصاروخية في أوروبا، ومنع الانخراط الأميركي المباشر في حياة الأميركيين، وبدلاً من ذلك لم تحصل موسكو إلا على تصعيد في السياسات الأميركية تجاهها. التحدي الكوري الشمالي تحت هذا العنوان، نشرت «جابان تايمز» اليابانية يوم الجمعة الماضي افتتاحية أشارت خلالها إلى أن مجلس الأمن الدولي أصدر قبل أسبوع قراراً بالإجماع يدين فيه إطلاق كوريا الشمالية لصاروخ طويل المدى، ما يعد انتهاكاً للحظر الأممي على اختبار صواريخ وتجريب أسلحة نووية، ويعد مبرراً لتمديد العقوبات على كوريا الشمالية. وكرد فعل من جانبها على القرار الأممي، أعلنت كوريا الشمالية أنها ستستأنف تطوير أسلحتها النووية، وأشارت إلى أنها ستجري تفجيراً نووياً ثالثاً. وإذا مضت بيونج يانج في مساعيها، فإنها ستكون قد أجرت أول اختبار نووي في ظل الزعيم "كيم يونج أون"، الذي تسلم السلطة منذ 11 ديسمبر عام 2011، الأمر الذي يؤجج التوتر في شبه الجزيرة الكورية. الملاحظ أن قرار الإدانة تم اتخاذه بالإجماع، وحظي بموافقة الصين حليفة بيونج يانج، فالمجتمع الدولي يقف صفاً واحداً في دعوته لكوريا الشمالية لوضع نهاية لبرامجها الخاصة بتطوير الصواريخ والأسلحة النووية. وحسب الصحيفة، فإن إجراء تجربة نووية جديدة سيعزز من عزلة بيونج يانج، وفي الوقت نفسه، فإن استمرار العقوبات سيجعل من الصعب على كوريا الشمالية بناء اقتصاد قوي. القرار الأممي يشمل تجميد أصول كورية شمالية، والدعوة لفرض رقابة شديدة على منظمات بيونج يانج وفرض حظر على ست مؤسسات كورية شمالية. من الواضح، أن كوريا الشمالية تطور سياسة حافة الهاوية، ضمن جهودها الرامية لتغيير اتفاقية الهدنة التي أنهت الحرب الكورية، وتحويلها إلى اتفاقية سلام دائمة، وتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة. لكن بدلًا من السير في اتجاه تحقيق هذه الرغبات، تنتهج بيونج يانج سياسات تصعيدية لا تؤدي إلا إلى تعميق حالة انعدام الثقة الدولية في كوريا الشمالية. وحسب الصحيفة، بمقدور الصين المساهمة في استقرار شبه الجزيرة الكورية وضمان نجاح جهود المجتمع الدولي الرامية لمنع كوريا الشمالية من أن تصبح قوة نووية معترف بها. ما بعد الانتخابات سلطت «سيدني مورنينج هيرالد» الأسترالية الضوء في افتتاحيتها يوم أمس، على المشهد السياسي الإسرائيلي بعد الانتخابات البرلمانية. وحسب الصحيفة، فإن نتنياهو يحتاج الآن إلى تدشين تحالف سياسي مختلف عن التحالفات التي تنبأت بها استطلاعات الرأي. نتنياهو السياسي الإسرائيلي الأكثر استمرارية بعد بن جوريون عليه إعادة النظر في النهج المتشدد ، إذا كان يرغب في إدارة حكومته الثالثة. وحسب الصحيفة، فإنه على الرغم من أن اتجاه إسرائيل نحو "اليمين" قد بدأ يتوقف، فإن ذلك لا يضمن إحياء محادثات السلام مع الفلسطينيين. نتنياهو المنتمي لحزب "الليكود" المتحالف مع حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني الذي يتزعمه أفيجيدور ليبرمان، حصلا على 42 مقعداً في البرلمان من أصل 120 مقعداً، وحل حزب "البيت اليهودي" رابعاً في هذه الانتخابات بحصوله على 12 مقعداً فقط ، ولم يحصل على المركز الثاني مثلما كان متوقعاً. حزب "ياش أتيد" أو (هناك مستقبل) الذي يمثل تياراً وسطياً جديداً، بزعامة "يائير لبيد"، قد فاز بـ 19 مقعداً، وحصل حزب "العمل" على 15 مقعداً. لابيد ربح أصوات الطبقة الوسطى العلمانية المهتمة بقضايا الرعاية الصحية، والإسكان وتحسين الخدمات التعليمية وإعفاء اليهود الأرثوذكس من الخدمة العسكرية. الصحيفة تقول إن الاقتصاد الإسرائيلي يعاني عجزاً في الميزانية يصل إلى 10 مليارات دولار، وهذا يعد ضعف الرقم المتوقع. وترى الصحيفة أن الناخبين الإسرائيليين تحولوا باتجاه جيل جديد من القيادات مثل "يائير لابيد"،ما يعني اتجاهاً جديداً مغايراً لجيل أو "حرس قديم" يهيمن من خلال سيطرة الأحزاب الدينية على الحكومات. والنتيجة الإسراع في بناء مستوطنات بالضفة الغربية والقدس الشرقية، ما يهدد احتمالات بناء الدولة الفلسطينية. لكن الأحزاب الدينية الرافضة للدولة الفلسطينية مثل حزب "البيت اليهودي" خسر في الانتخابات الأخيرة. وتقول الصحيفة إن عملية السلام في حد ذاتها والمجمدة منذ أربعة سنوات ليست مشكلة في حد ذاتها. وضمن هذا الإطار نجد وزيرة الخارجية السابقة "تسيبي ليفني" دعت في إطار حزبها المعروف باسم "هاتنواه" إلى محادثات سلام جديدة، والأمر نفسه دعت إليه حركة "ميرتس"، لكن حزب ليفني لم يحصل إلا على ستة مقاعد فقط. وبالنسبة لنتنياهو، فإن موقفه "الصقوري" تجاه التهديد النووي الإيراني لم يغير كثيراً أو بالأحرى لم يؤثر على الانتخابات. وحسب "لابيد": (فإن مواطني إسرائيل قالوا الآن: لا لسياسات الخوف والكراهية، مشيراً إلى أن الإسرائيليين يواجهون أزمة اقتصادية تهدد بتدمير الطبقة الوسطى، ونحن نواجه عالماً من المحتمل أن ينبذنا طالما تعثرت عملية السلام). إعداد: طه حسيب