كشفت هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية الوطنية «تنمية» مؤخراً عن تخصصات علمية لا تلقى أي رواج في سوق العمل الإماراتي، حيث تصنف هذه التخصصات على أنها أشد الشهادات أو التخصصات غير المتحركة، مؤكدة وجود تخصصات غير مطلوبة على الإطلاق، الأمر الذي يعني إهدار طاقات الخريجين فيها. يأتي هذا في الوقت الذي تنفذ فيه وزارة التربية والتعليم خطة لعلاج ظاهرة عزوف الطلبة المواطنين عن القسم العلمي على مستوى الدولة خلال العام الدراسي الجاري، وهي الخطة التي تركز على تحفيز الطلبة على الالتحاق بالقسم العلمي من خلال مرشدين أكاديميين ومهنيين. فبحسب إحصائيات وزارة التربية والتعليم للعام الدراسي 2010-2011، بلغ عدد الطلبة المواطنين في القسم العلمي 3810 طلاب فقط، في مقابل 12273 يدرسون في القسم الأدبي، غالبيتهم من الذكور. أهمية ما سبق تنبع من أن الواقع يشير إلى أن عزوف المواطنين عن التخصصات العلمية مرتبط بعدم توافق مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل المتغيرة والمتجددة دوماً؛ إذ إن المطلوب أن تتواكب مخرجات التعليم مع احتياجات الدولة في ظل النمو الذي تشهده العديد من القطاعات، لاسيما العلمية منها. وفي هذا السياق، فإن الخطة الاستراتيجية «رؤية الإمارات 2021»، التي تطمح إلى تطوير اقتصاد قائم على المعرفة، تؤكد على أهمية التركيز على توفير الكوادر الوطنية في التخصصات العلمية والتكنولوجية، التي من أبرزها تقنية المعلومات والهندسة والطب، إضافة إلى تخصصات الطاقة النووية والمتجددة والعلوم البيئية. لقد سعت دولة الإمارات العربية المتحدة خلال السنوات الماضية -ومازالت- لتقليص الفجوة بين التخصصات الدراسية واحتياجات سوق العمل. وفي هذا السياق، يمكن الإشارة إلى توقيع اتفاقية بين وزارة التربية والتعليم وهيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية الوطنية «تنمية»، لتعزيز التوجيه والإرشاد المهني داخل المدارس، وبخاصة أن الدراسات التي أجرتها الجهات المعنية كشفت عن عدم وعي كثير من طلبة المرحلة الثانوية للتخصصات الجامعية المطلوبة لسوق العمل؛ وذلك نظراً لغياب برامج التوعية والإرشاد الصحيح، لتعريفهم باحتياجات سوق العمل والتخصصات التي لم تعد مطلوبة، إذ تسهم مثل هذه البرامج الإرشادية في مساعدة الطلبة على معرفة ميولهم وقدراتهم في التخصصات المتاحة لهم، وتسهيل عملية اختيارهم للتخصصات التي تتناسب وقدراتهم، وتحقق في الوقت نفسه ضمان حصولهم على الوظائف المناسبة بعد انتهاء دراستهم. وفي الوقت الذي تمضي فيه الإجراءات والجهود التي تبذلها الدولة لتحقيق التفاعل بين احتياجات سوق العمل والمخرجات التعليمية، فإن هناك حاجة للعمل على أكثر من مستوى وفي أكثر من اتجاه في وقت واحد؛ إذ لابد من توعية أفراد المجتمع لضرورة تغيير النظرة السلبية تجاه بعض التخصصات، إضافة إلى تشجيع العمل في القطاع الخاص، وخاصة مع الامتيازات التي أصبحت توفرها الدولة للمواطنين العاملين فيه. كما بات ضرورياً إشراك جهات العمل، سواء بالقطاع العام أو الخاص، مع الجهات التعليمية في وضع سياسات التعليم والتدريب، وتحديد احتياجات سوق العمل عبر إعداد قاعدة بيانات لهذه الاحتياجات، وإشراكها كذلك في تأهيل الكوادر الوطنية وعدم حصر موقف جهات العمل في دور متلقي الموظفين فقط دون الإسهام في صناعة الكوادر المواطنة، وفقاً لمتطلبات جهة العمل. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية