فاز المنتخب الوطني بكأس بطولة الخليج لكرة القدم في دورتها 21 التي نظمت في البحرين، بعد تقدمه على المنتخب العراقي، وأحرز المنتخب الكويتي المركز الثالث بفوزه على البحرين، وذلك في إطار البطولة الخليجية التي تنظم كل عامين، والتي كانت قد انطلقت في عام 1970. وتلعب كرة القدم دوراً حيوياً في صهر الانتماء المجتمعي، فيصبح أبطال الرياضة إيقونات رياضية، ولكن في ذات الوقت تلقي التناقضات والتجاذبات السياسية بظلالها على أنشطة الرياضة فتظهر حاجة السياسي للرياضة كما أن للرياضة والرياضيين حاجة للساسة والسياسة، وقد شكلت «دبلوماسية البينغ بونغ» في عام 1971 اختراقاً في العلاقات الأميركية- الصينية حين دعت الصين فريق كرة طاولة أميركياً ممهدة لبدء العلاقات الأميركية الصينية. في الحقيقة تلعب كرة القدم دوراً مهماً في الحياة السياسية حيث تعمل على توحيد الصف الداخلي وتتجاوز الفروقات والطبقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وحتى الخلافات والاختلافات السياسية، فتقف الشعوب متوحدة خلف منتخباتها الوطنية. أما على الصعيد الخارجي فتعتبر وسيلة مثالية لتقريب الشعوب من بعضها بعضاً وتعمل كذلك على إنعاش اقتصادات الدول المستضيفة للبطولة وازدهار السياحة الرياضية. فإلى أي مدى أثرت متابعة خليجي 21 في الاهتمام بالشأن السياسي؟ وهل يمكن أن تصلح الرياضة ما تفسده السياسة؟ وهل الرياضة بعيدة دوماً عن حسابات السياسة والساسة؟ مع انشغال شعوب الخليج بكأس خليجي 21 رأى العديدون أن كرة القدم تؤثر في متابعة الأحداث السياسية، فمتابعة خليجي 21 خففت من حدة الاستقطاب السياسي وقللت من لهفة الناس على متابعة الأخبار السياسية المحلية أو العربية، وانتقلت الحوارات في المقاهي والمجالس أو الديوانيات ووسائل التواصل الاجتماعي من الحوارات السياسية إلى كرة القدم، فيما يرى آخرون أن الهم السياسي الذي يشغل بعض الدول الخليجية مؤخراً لا يمكن أن تشغل فيه كرة القدم الناس عن متابعة الأحداث السياسية الراهنة. تختلط الرياضة بالسياسة مؤدية إلى «تكوير السياسة»، فشهدت الدورة مشاحنات بين وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة الرياضية بطريقة غير رياضية، وبدأ بعض إعلاميي الرياضة بقرع طبول الحرب وتأجيج الاحتقانات وساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تأجيج نيران التصريحات وفي إشعال المزيد من الحرائق، وأظهرت بعض وسائل الإعلام وجهها القبيح الذي يقتات على الفتن والمشاكل ويعيش في ظل التصريحات العنصرية والمسيئة. فعادة يبدأ التحرش الرياضي بتعليق جارح أو بخبر مغلوط ينشر في الصفحة الرئيسية كعنوان رئيسي صادم سرعان ما تتناقله بقية وسائل الإعلام وينتقل الحوار من وسائل الإعلام التقليدية إلى الفضاء الأرحب «تويتر»، ومن تحرش رياضي إلى معركة رياضية يبلغ فيها الاستقطاب حده بين الدولتين الشقيقتين، ويبلغ التصعيد الكلامي حده بدخول الساسة والفنانين وحتى جماعات الإسلام السياسي حيث تدخل المعركة الكلامية تصفية للحسابات السياسية، وتشتعل الحرب الرياضية تغذيها التصريحات المؤججة للاستقطاب. إن ما يحدث في الملعب يفترض ألا يخرج عن إطار المنافسة التي أياً كانت نتيجتها ففي الختام يهنئ الفريقان بعضهما بعضاً بغض النظر عن الرابح أو الخاسر، تلك هي الرياضة، فالرياضة هي وسيلة للتقارب وليست وسيلة للشقاق والفرقة بين الشعوب. لسنا في عالم مثالي لكن للرياضة قوانينها التي تختلف عن السياسة، وللسياسة لاعبون وملاعب فلا ينبغي تسييس الرياضة ولا يجوز القبول بأن تقتحم ألاعيب السياسة ملاعب أكثر رياضة شعبية في العالم وهي كرة القدم. وعوداً على بدء، ستظل كرة القدم معبودة الجماهير رغم الساسة والسياسة، فإلى لقاء جديد مع الساحرة المستديرة، ولا يسعني إلا أن أهنئ الإمارات قادة وشعباً على فوز المنتخب الوطني لكرة القدم بكأس خليجي 21، فألف مبروك.