اقتراب انتخابات الكنيست... وأول افتتاحية عربية لصحيفة عبرية دعوات إسرائيلية لإضعاف اليمين في الانتخابات المقبلة، وحث الناخبين العرب على المشاركة، وتداعيات اختيار تشاك هاجل وزيراً للدفاع، ثم تدخل أوباما في انتخابات الكنيست الإسرائيلية... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية. إضعاف اليمين دعوة وجهتها صحيفة «هآرتس» في افتتاحيتها ليوم أمس الجمعة لعموم الناخبين الإسرائيليين قبيل انتخابات الكنيست المقرر إجراؤها يوم 22 من الشهر الجاري، حيث بدأت الصحيفة بتشخيص الوضع الحالي الذي وصلته إسرائيل تحت حكم اليمين وعلى رأسه تحالف «الليكود» و«إسرائيل بيتنا» طيلة السنوات الأربع الماضية، فعلى الصعيد الخارجي تعاني الدولة العبرية من عزلة دولية واضحة بسبب السياسة اليمينية القائمة على التوسع واحتلال المزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية ضاربة بعرض الحائط القانون الدولي، هذا بالإضافة إلى تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة، أما على الجبهة الداخلية فقد تميزت سياسة اليمين، حسب الصحيفة، بالاتجاه نحو القومية الخالصة والتحرش بالسكان العرب وعسكرة التعليم، ثم محاولات نسف المحكمة العليا والمس بحرية الصحافة والإعلام. والحقيقة أن مثل هذه السياسة المعتمدة على العزلة في الخارج وتأجيج المشاعر القومية المعادية للعرب في الداخل، تهدد الديمقراطية والحقوق المدنية، لذا تدعو الصحيفة الناخبين الإسرائيليين إلى وقف زحف اليمين على الساحة السياسية وتقليص حظوظه في الانتخابات المقبلة من خلال المشاركة الكثيفة أولا، واختيار البدائل عدا اليمين الذي أضر بمصالح إسرائيل ثانياً. وفي هذا السياق تقترح الصحيفة التصويت لبعض الأحزاب التي تتبنى أجندة مغايرة مثل حزب «ميرتز» اليساري الذي يتعهد بإنهاء احتلال الضفة الغربية وتقسيم أرض إسرائيل إلى دولتين واحدة لليهود وأخرى للفلسطينيين، بالإضافة إلى فصل الدين عن الدولة ودعم الحقوق المدنية لكافة المواطنين، والأهم من ذلك أن الحزب اليساري أوضح منذ البداية أنه لن يتحالف مع «الليكود»، فضلاً عن ترجيح استطلاعات الرأي لمضاعفة عدد مقاعده، لكنه عدا هذا الحزب تقترح الصحيفة أيضاً بالنسبة لمن لا يريد التصويت على أحزاب اليسار اختيار حزب ليفني، أو «كاديما» الذي يترأسه موفاز، على أمل أنهم سيدخلون الحكومة مع نتنياهو ويساهموا في ترطيب مواقفه وجره إلى الاعتدال. وهناك أيضاً حزب «العمل» بزعامة "شيلي ياسيموفيتش". المهم تقول الصحيفة أن تتم محاصرة اليمين والتصويت لخصومه حتى تحافظ إسرائيل على طابعها الديمقراطي وتتخلص من العزلة الدولية المحدقة بها. أخرجوا وصوتوا لأول مرة في تاريخ الصحافة الإسرائيلية تنشر جريدة إسرائيلية افتتاحيتها باللغة العربية، حيث اختارت "هآرتس" لغة المواطنين العرب لتوجيه رسالتها من خلال افتتاحيتها ليوم الثلاثاء الماضي داعية إياهم إلى المشاركة الكثيفة في الانتخابات المقبلة وعدم الاستسلام لمشاعر اليأس والإحباط، فحسب الصحيفة ليس أمام المواطنين العرب الذين اختاروا منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948 الثبات في أماكنهم والبقاء في قراهم تحت الحكم الإسرائيلي، سوى النضال المدني ومواصلة مسيرة الدفاع عن حقوقهم المشروعة من خلال العملية السياسية والتكتل الحزبي واختيار ممثليهم في الكنيست. وكما تقول الصحيفة، تبقى "الجماهير العربية جزءاً لا يتجزأ من المجتمع الإسرائيلي، تسهم في مختلف المجالات. وكأقلية قومية، فالجماهير العربية تثري الديمقراطية الإسرائيلية وتشكل تحدياً محفزاً لها، ولهذا من الطبيعي أن تجد التعبير السياسي الذي يعكس وزنها في المجتمع الإسرائيلي"، لذا تأتي الانتخابات النيابية لتشكل فرصة لا تعوض لإظهار الحجم الحقيقي للصوت العربي، لاسيما -تقول الصحيفة- إن هناك سوابق في الحياة السياسية اعتُمد فيها على الصوت العربي لترجيح الحكومات، مثل الحكومة الثانية لرابين، التي اعتمدت على أصوات ممثلي المواطنين العرب في الكنيست. ثم إن هناك مصلحة أخرى في المشاركة العربية في الانتخابات تتمثل في التصدي لقوى اليمين التي تسعى لتهميش العرب والنيل من حقوقهم المدنية كمكون أساسي في المجتمع، مدللة الصحيفة على ذلك بحملة التعريض ضد أعضاء الكنيست العرب ومحاولة نزع الحصانة عنهم، أو التشريعات الأخرى المعادية للديمقراطية، كل ذلك تقول الصحيفة لا يترك مجالاً آخر للعرب سوى الإدلاء بأصواتهم والمشاركة بفعالية في بناء ديمقراطية إسرائيلية يكونون جزءاً أساسياً منها. هاجل والرسالة الخاطئة في مقاله المنشور يوم السبت الماضي على صفحات «جيروزاليم بوست» اعتبر المعلق والصحفي الإسرائيلي إيزي ليبلر، أن اختيار أوباما للسيناتور تشاك هاجل لتولي منصب وزير الدفاع يبعث بالرسالة الخطأ إلى عدد من الجهات، أولها الناخبون اليهود الأميركيون الذين دعموا أوباما وصوتوا لصالحه، لاسيما وأن مواقف هاجل وسجله في التصويت عندما كان عضواً في الكونجرس ضد مصالح إسرائيل معروف، يقول الكاتب، كما أن تصريحاته التي تحدث فيها عن وجود لوبي يهودي داخل الولايات المتحدة يؤثر على اتخاذ القرار ويسيطر على الكونجرس مثيرة للجدل لأنها تتفق مع نظريات المؤامرة التي يروج لها البعض و«تكاد تلتقي مع بعض الأصوات المعروفة بمناهضتها للسامية». أما الطرف الثاني الذي فهم رسالة تعيين هاجل على رأس البنتاجون خطأ فهي إيران، إذ رغم إعلان أوباما قبل ستة أشهر على موعد الانتخابات أنه لن يسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي، وأنه من أجل ذلك مستعد للقيام بكل شيء بما في ذلك استخدام القوة العسكرية، فإن تعيين هاجل المعروف بمواقفه الداعية إلى احتواء إيران بدل التصدي لها يثير في نظر الكاتب أكثر من تساؤل، فإما أن هاجل غيّر رأيه وأصبح ملتزماً بالأجندة الرئاسية، أو أن أوباما هو من تخلى عن سياسة التصدي لإيران. وقد كانت لافتةً، يضيف الكاتب، تعليقات الصحافة الإيرانية على اختيار هاجل وزيراً للدفاع، حيث تعاملت معه على أنه إشارة لمزيد من المرونة الأميركية تجاه طهران واحتمال انفراج العلاقة المحتقنة بينها والغرب. لكن سيل ردود الأفعال التي يسوقها الكاتب لا تقتصر على إيران وإسرائيل التي عبرت عن تخوفها من تبدل السياسة الأميركية تجاه إيران، بل امتدت التصريحات المشككة في وجاهة الاختيار إلى الصحافة الأميركية التي وضعت العديد من علامات الاستفهام حول اختيار أوباما لهاجل، محذرة من معركة قادمة في الكونجرس للتصديق عليه، لاسيما وأن هناك عدداً من الديمقراطيين المتحفظين على الترشيح. أوباما والانتخابات الإسرائيلية رفض الكاتب والمعلق الإسرائيلي، أوفير فالك، في مقاله المنشور يوم أمس الجمعة بصحيفة «يديعوت أحرنوت»، التصريحات التي أدلى بها أوباما وتناقلتها الصحف الأميركية بشأن الانتخابات الإسرائيلية المقبلة والتي انحاز فيها ضد نتنياهو، معتبراً أن إسرائيل لا تعرف مصالحها، وهي تصريحات يرى الكاتب أنها ستأتي بنتائج عكسية لأن الإسرائيليين عموماً والناخب الذي يدلي بصوته خصوصاً لا يحبذون التدخل في شؤونهم الداخلية ولا التأثير في قراراتهم، وهو ما يستدل عليه الكاتب بالدعم الذي كان بيل كلينتون قد قدمه صراحة إلى بيريز في انتخابات عام 1996 في مواجهة مرشح «الليكود»، نتنياهو، فرغم المساندة الواضحة لأجندة بيريز المستندة على أجندته المثالية بشأن بروز شرق أوسط جديد قرر الناخب الإسرائيلي التصويت على اليمين ولم يُجدِ الدعم الأميركي في تغيير مواقف الإسرائيليين، والأمر نفسه سيتكرر اليوم مع أوباما الذي لم يخف استياءه من أجندة اليمين في إسرائيل، وبخاصة نتنياهو وخريطة التحالفات الجديدة التي ترجح صعود الأحزاب الدينية والقومية، وإذا أضفنا إلى ذلك، يقول الكاتب، أن كلينتون في عام 1996 كان أكثر شعبية، سواء في داخل الولايات المتحدة أو بين الجمهور الإسرائيلي، ومع ذلك خيب الناخب الإسرائيلي أمله في التصويت لصالح نتنياهو، فإن تعليقات أوباما الأقل شعبية على السياسة الداخلية لإسرائيل ستؤدي بالتأكيد إلى تصويت معاكس. إعداد: زهير الكساب