نشرت صحيفة خليجية مقالةً لأحدهم خلط فيها بين موقف الإمارات المعلن من «الإخوان»، والموقف من «الربيع العربي» وتطلعات الشعوب التي خرجت إلى الشوارع تنشد الحرية والكرامة. وبدا واضحاً أن خزعبلات الكاتب مقصود منها ضرب عصفورين بحجر واحد: الأول الانتقام من موقف الإمارات من تلك الجماعة المتاجرة بالدين، والثاني تأليب شعوب «الربيع العربي» على الإمارات. ومثل جحا الذي باع داره لأحد الأشخاص إلا مسماراً واحداً فيها، فقد أقحم جحا الجديد الجزر الإماراتية المحتلة في معرض حديثه عن الموقف من «الإخوان»، معبّراً عن هذه الفكرة الساذجة بأن «الإخوان» لم يحتلوا الجزر الإماراتية! منطق صبياني بطبيعة الحال، إذ على اليابان والصين وكوريا الجنوبية والهند مثلاً، وهي دول بينها نزاعات حدودية، أن تترك أمنها يعبث فيه من يشاء، لتخوض حروباً طاحنة فيما بينها وتسترد أراضيها كاملة، ثم يحق لها بعد ذلك أن تحافظ على أمنها في بقية ترابها الوطني. كما لا يحق لأي دولة لديها نزاعات حدودية مع جيرانها، تبادل المصالح والمنافع معها، إذ اعتبر الكاتب أن العلاقات التجارية بين الإمارات وإيران من تناقضات السياسة الإماراتية. والتناقض فعلاً موجود، لكن في منطق الكاتب. ثم يكشف النقاب عن سرّ الأسرار، وهو أن القضية أكبر من مجرد مواقف شخصية لقائد عام شرطة دبي من «الإخوان». ويبدو أن الكاتب كان في غيبوبة في الشهور الثلاثة الماضية حين صرّح وزير خارجية الإمارات في مؤتمر رسمي في أكتوبر الماضي عن موقف الإمارات من «الإخوان»، داعياً بصريح العبارة دول الخليج إلى التعاون لمنع هذه الجماعة من التآمر ضد دول المنطقة. وتحدث الكاتب أيضاً عن شأن جنائي بحت بتحليلات من رأسه وكلام مرسل، أعني الموقوفين الإماراتيين على ذمة القضية التي باتت تعرف بـ«التنظيم السري»، ثم عثر على خيط البراءة في قضية «الخلية الإخوانية» المتهم فيها عدد من المصريين، وهو أنهم «مغتربون يبحثون عن لقمة عيشهم... لا يسيئون للبلد الذي يعيشون فيه»، وهو ما لم ينتبه إليه محامو الدفاع عن بعض العرب والمسلمين المتهمين بأعمال إرهابية في الغرب، إذ هم مجرد مغتربين يبحثون عن لقمة العيش ولا يمكن أن يسيئوا للبلدان التي يعيشون فيها، بكل بساطة. أما أكبر كذبة في المقال فهي الزعم بأن موقف الإمارات من «الإخوان» هو في الأساس موقف ضد ثورة مصر وعموم «الربيع العربي»، ونسي الكاتب في غمرة حماسته لجماعته أنه كان قد أشار إلى أن الإمارات أغلقت قبل عقدين جمعية «الإصلاح»، وهي فرع «الإخوان» في الإمارات. وهو ما يؤكد أن الإمارات ضد المتاجرين بالدين لأطماع سياسية إن حاولوا المس بأمنها، سواء كانوا مصريين أو إماراتيين. علماً بأن الكويت والبحرين، وهما أقرب إلى الإمارات جغرافياً واجتماعياً وسياسياً، كانتا قد بدأتا منذ عقود مسيرتهما الديمقراطية، ولم نسمع يوماً أن الإمارات كانت ضد ذلك التوجه الخليجي، بل الإمارات نفسها أخذت تسير بالتدريج في الطريق نفسه. موقف الإمارات، كما يفهمه أي إنسان سوي، ضد ألاعيب «الإخوان» من قبل أن يولد مفجّر الثورة التونسية، الشهيد «البوعزيزي»، وخائبة بإذن الله مساعي العذال بتعكير صفو العلاقات الأخوية بين الإمارات ومصر، مصر الحضارة، والنيل والعروبة، والأدباء والمفكرين والفنانين. وسخافات الكاتب لن يصدقها المصريون الذين يحاول العذّال إثارتهم وتصوير الإمارات بأنها تحاول إجهاض «ربيعهم»، الذي يعرف أحرار مصر أن «الإخوان» هم الذين سرقوه منهم.