بلغ الناتج المحلي الإجمالي لقطاع السياحة العالمي نحو 2,054 تريليون دولار في عام 2012، بنسبة نمو تقدر بنحو 2,7 في المئة وفقاً لـ«مجلس السياحة والسفر العالمي»، ومع الأخذ في الاعتبار حجم الناتج الإضافي للقطاعات الاقتصادية المرتبطة بقطاع السياحة التي استفادت من نموه، كالنقل والخدمات اللوجستية والتجارة والخدمات المالية، وغيرها، فإن المساهمة الإجمالية لذلك القطاع في الاقتصاد العالمي ستكون أعلى من ذلك بكثير، ويشير ذلك إلى أهمية قطاع السياحة كأحد مصادر الدخل، وكأحد محركات النمو الرئيسية في المرحلة الراهنة. تزداد أهمية قطاع السياحة في الدول التي تسعى إلى تنويع مصادر دخلها الوطني، كما هي الحال في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي يحتل فيها القطاع أحد المراكز المهمة كمصدر واعد للدخل والناتج، وكأحد القطاعات غير النفطية التي لها دور مهم وأساسي في دفع عجلة النمو الاقتصادي الوطني. ولهذا الأمر، تولي دولة الإمارات لهذا القطاع اهتماماً كبيراً، وتوفر له جميع السبل الضامنة لنموه وازدهاره، من بيئة استثمارية تنافسية، وأطر تشريعية وتنظيمية مرنة وغير معقدة، وبنية تحتية ومرافق عامة، وخدمات مالية متطورة وفق أعلى المعايير العالمية، وفي إطار السياسة الاقتصادية المنفتحة على العالم الخارجي، فإن قطاع السياحة الوطني يعتبر من أهم القطاعات التي يعول عليها من أجل إيصال الصورة الإيجابية للنموذج الاقتصادي والاجتماعي الإماراتي الذي يتميز بالريادة التنموية والتسامح والانفتاح على جميع الثقافات دون قيود، إلى العالم الخارجي. في هذا السياق، استطاعت الإمارات على مدار العقود الماضية بفضل جهودها أن تصبح وجهة مفضلة على خريطة السياحة العالمية، وباتت مدنها وسواحلها ومراكزها التجارية ومطاراتها وسبل التنقل بها تحوز مراتب متقدمة بين منافسيها على المستوى العالمي. وفي هذا الإطار شهدت أعداد السائحين القادمين إلى إمارة أبوظبي عن طريق البحر خلال الموسم السياحي 2013/2012 زيادة تقدر بنحو 17,6 في المئة، لتصل إلى نحو 200 ألف سائح، مقارنة بالموسم السابق، الذي بلغت فيه نحو 170 ألف سائح، وذلك وفقاً لـ«شركة أبوظبي للموانئ». هذه الزيادة تعطي مؤشراً على نجاح إمارة أبوظبي خصوصاً ودولة الإمارات عموماً في اجتذاب السائحين من أنحاء العالم كافة. كما أنها، على الوجه الآخر، تدل على أن هناك تطوراً كبيراً في القدرات الاستيعابية للموانئ الإماراتية، وقدرتها على استقبال أعداد متزايدة من السائحين، وتشير الشركة أيضاً إلى أن ميناء زايد استقبل خلال الموسم السياحي الحالي 96 رحلة سياحية، مقابل 74 رحلة خلال الموسم الماضي. كما أن هذه الزيادة تؤكد أن العديد من شركات السياحة العالمية قد قامت بإدراج اسم إمارة أبوظبي في مسار رحلاتها السياحية البحرية في المنطقة. بشكل عام، يمكن القول إن زيادة أعداد السائحين القادمين بحراً ليس أمراً مقتصراً على إمارة أبوظبي، وكذلك عملية التطوير التي تشهدها الموانئ، فكلتاهما سمة عامة على مستوى الدولة ككل، بل إن هذا التطور ليس إلا جزءاً من التطور الشامل الذي يمر به قطاع السياحة الإماراتي ككل، وهو القطاع الذي أصبح يحتل مكانة خاصة كمصدر للدخل والنمو يمكن التعويل عليه لفترة طويلة في المستقبل، ليظل مصدراً حيوياً من مصادر الدخل، ومحركاً للنمو والازدهار الاقتصادي على المستوى الاتحادي أو المحلي بكل إمارة.