جاء اكتشاف خلية «الإخوان المسلمين» في دولة الإمارات وبدء التحقيق معها، ليظهر أن المشكلة ليست قضية أمنية تخص الإمارات، فهي بلد أقوى من أن يهزه اكتشاف خلية أو خلايا لـ«لإخوان المسلمين»، بل مشكلة لها أبعاد سياسية تتصل بعلاقة دول الخليج بعضها ببعض، وعلاقة دول الخليج بمصر، وبالطريقة المثلى للتعامل مع الأحزاب الدينية في المنطقة. جاءت ردود الفعل الخليجية بعد اكتشاف الخلايا الإخوانية في الإمارات بالتركيز على الجانب الأمني، حيث سارعت كل دولة بإرسال مسؤولين أمنيين لمعرفة مدى تورط مواطنيها أو التنظيمات السياسية لديها في علاقة مع الخلية المعتقلة. ليس سراً أن تنظيم «الإخوان المسلمين» موجود في الكويت والسعودية، بينما لا يوجد تنظيم حزبي فعلي لـ«الإخوان» القطريين، بل توجد قيادة لـ«الإخوان» برئاسة القرضاوي. دول الخليج وجدت نفسها في حيرة، فهي سياسياً تربطها علاقات قوية مع الشقيقة مصر، حكومة وشعباً، لكن بعد وصول «الإخوان المسلمين» للسلطة كيف يمكن التعامل مع النظام الجديد هناك؟ هل من خلال القنوات الدبلوماسية المعهودة أم من خلال تنظيم «الإخوان»! دول الخليج علاقتها بالدولة المصرية قوية، لكنها لم تعتد على رؤية دولة تدافع عن أعمال حزب في دولة أخرى، فوزير الخارجية السعودي رفض طلب الوساطة المصري قائلاً: «لا إخوان مسلمين ولا غير مسلمين، نحن لا نتدخل في شؤون الدول الأخرى». المسؤولون في دولة الإمارات استغربوا من الاهتمام المصري على هذا المستوى الرفيع بقضية 11 شخصاً وبهذه السرعة، بينما يوجد في الإمارات 350 موقوفاً مصرياً بتهم مختلفة لم يتطرق إليهم الوفد الزائر. تهمة الموقوفين أنهم أسسوا شركات تحويل أموال بطرق غير مشروعة إلى تنظيم «الإخوان المسلمين» في مصر. السؤال: هل تتفاقم العلاقات بين مصر ودول الخليج العربية إذا استمر تدخل «الإخوان المسلمين» في السياسة الداخلية للدول الخليجية؟ المشكلة أن تنظيم «الإخوان» في دول الخليج بدأ عمله فترة طويلة قبل وثوب الجماعة الأم على السلطة في مصر بعد ثورة 25 يناير 2011، فقد بدأوا في الكويت عام 1948، وفي السعودية أوائل الخمسينيات. وقد تحالفت بعض الحكومات الخليجية مع تيارات الإسلام السياسي إبان فترة خلافاتها مع التيارات القومية في مصر والعراق وسوريا واليمن. واليوم تتفاوت دول الخليج في مواقفها من كيفية التعامل مع «الإخوان»، فالإمارات العربية أعلنت موقفاً واضحاً وصريحاً، والسعودية تراقب بحذر تنظيمات «الإخوان» لديها، أما الكويت فلا تزال حكومتها مترددة ولا تعرف كيف يمكن التعامل مع خلايا ونفوذ «الإخوان» هناك (الحركة الدستورية الإسلامية). ورغم اعتراف رئيس الحكومة بأن «إخوان» الكويت يمولون خلية الإمارات، فإن الحكومة لم تتخذ موقفاً واضحاً من «الإخوان المسلمين» رغم معارضتهم للحكومة وانضمامهم للمعارضة الشعبية المناهضة للسلطة. لكن ماذا بالنسبة لقطر التي ترى من مصلحتها دعم قوى الإسلام السياسي في الوطن العربي؟ لقد بادرت الدوحة بدعم ثوار ليبيا ومصر وتونس، واليوم تدعم ثوار سوريا من الإسلاميين، كما قدّمت دعماً مالياً وإعلامياً لكثير من الحركات الثورية الإسلامية في المنطقة. واضح إذن أن دول الخليج ليست على رؤية موحدة تجاه جماعات الإسلام السياسي... لأنها تريد احتواءها وليس مخاصمتها.