بافتراض أن «الإخوان المسلمين» في مصر لا يفهمون الإمارات ولا يعرفون قيادتها السياسية ولا أخلاق أهلها وطبائع أبنائها، يمكن أن نوضح لهم من خلال الأسطر التالية بعض النقاط والحقائق والثوابت التي قد توفر على الطرفين عناء القيل والقال والصد والرد، إن كانوا صادقين في ادعائهم بأنهم يريدون علاقات جيدة مع دولة الإمارات وأنهم لا يتدخلون في شؤونها ولا يعملون على تصدير فكرهم إليها. أولاً: الإمارات لا تريد من «الإخوان» أي شيء، وكل ما تنتظره منهم أن يكونوا بخيرهم وشرهم بعيدين عنها، عن شعبها وأرضها. وسيكون لهم في ذلك حسن التعامل كأي حكومة عربية أو غير عربية، وبغض النظر عن الأيدولوجيا التي تحكمها. ثانياً: أن ترسل مصر وفداً رسمياً لطلب الإفراج عن متهمين يحاكمون أمام القضاء فهذا أمر جد غريب، ومن يعرف الإمارات وسياستها ما كان ليقدم على مثل هذه الخطوة، إذ من المعروف سلفاً أنها ستقابل بالرفض. فالمقبوض عليهم إما أنهم ارتكبوا جرماً وستتم معاقبتهم بالقانون أو أنهم بريئون وسيتم الإفراج عنهم بالقانون... ليس هناك خيار آخر في المحاكم غير كلمة القضاء والعدل. ثالثاً: إن تكرار ما فعله «الإخوان» في مصر بالتشكيك في القضاء والتدخل في أموره لا يمكن أن يتم قبوله في الإمارات، فإذا كان «الإخوان» لا يثقون في قضاء مصر فهذه مشكلتهم، فمن يعيش على أرض الإمارات يثق في قضائها، وأن المصريين الـ11 الموقوفين على ذمة التحقيق سينالون محاكمة عادلة، وبما أن هناك ادعاء وأدلة دامغة فعلى الجميع انتظار حكم القضاء ومن حق مصر أن تكون مطمئنة إلى أن مواطنيها ينالون معاملة حسنة خلال فترة التحقيقات، وأنهم يحصلون على حقهم الكامل في الدفاع عن أنفسهم. رابعاً: الإمارات دولة قانون ومن يعيش فيها يعرف ذلك، ولا يمكن لأحد إلا أن يقول إن الإمارات من أكثر الدول العربية التي تلتزم بتطبيق القانون على الجميع مواطنين ومقيمين وزائرين وبالتالي لا يمكن اختراق أو تجاوز القانون مهما كان الأمر، وأياً كان صاحب الطلب، فضلاً عن أن يكونوا من يخططون ضد البلد. خامساً: الإمارات ترحب بالجميع على أرضها، وتحتضن من يحترم قوانينها ويلتزم بأنظمتها ولا يشكل خطراً على أمنها واستقرارها أو على المقيمين على أرضها، أما إذا أراد البعض أن يشكلوا خلاياهم السرية، فيجب أن يعلموا أنهم أساءوا التصرف. قد يكون هناك العشرات من «الإخوان المسلمين» المصريين لا يزالون يعيشون في الإمارات، منهم المتخفون ومنهم المعروفون للسلطات الأمنية، لكن طالما أنهم احترموا القوانين فلن يقترب منهم أحد، أما إذا ارتكبوا الحماقات فعليهم أن يتوقعوا التعامل المناسب مع تصرفاتهم. سادساً: استمرار زج اسم دولة الإمارات في الأحداث الداخلية بمصر ومحاولة تأليب الشارع المصري عليها، لن يخدم الجماعة الحاكمة حالياً هناك، كما لن يفسد العلاقة بين البلدين والشعبين، كما يتمنى «الإخوان». فسياسة الإمارات الخارجية معروفة للشعب المصري والعالم قبل أن تصل الجماعة إلى الحكم، وستبقى هي نفسها السياسة حتى بعد أن تترك هذه الجماعة الحكم، وهي سياسة احترام سيادة الدول وبناء العلاقات على مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، بل ومساعدتها في مشاريع البناء والتنمية عندما يقتضي الأمر والمصلحة. الإمارات لا تشغل نفسها بالآخرين وهي المشغولة بالتنمية والبناء والتطوير والتحديث. سابعاً: «الإخوان» كجماعة حاكمة جديدة في دولة كبيرة من غير الصحيح أن تصر على التدخل في شؤون الدول الأخرى وتناطح حكومات ودول مستقرة وتعمل بخططها منذ عشرات السنين، ولديها خطط تريد تحقيقها لعقود قادمة. ثامناً: الكل حالياً في مصر والخليج يدرك أن تحريك اقتصاد مصر بحاجة إلى الاستثمارات الخليجية وغير الخليجية، وأن الحل العملي لتحريك الاقتصاد ليس الاقتراض من البنك الدولي وإنما جذب المستثمرين، ذلك لا يكون إلا بالتفاهم وتحقيق مصالح كل الأطراف، فتشنج «الإخوان» وهجومهم على الإمارات وبعض دول الخليج وتحريك مجموعاتهم في هذه الدول، لن يزيد الجماعة الحاكمة في مصر إلا خساراً! تاسعاً: الاقتصاد المصري لن تنعشه الخطب الرنانة ولا الوعود الحالمة، ومصر لن تحتمل ما حدث في تونس من عجز في دفع رواتب الموظفين، لكن بقاء الوضع على ما هو عليه وانشغال الجماعة الحاكمة بمناوشاتها ومناوراتها وتصفية حساباتها الأيدولوجية على حساب مصلحة مصر والمصريين سيوصلها إلى الطريق المسدود. عاشراً: «الإخوان» يريدون أن يحكموا بالقوة، وبالأغلبية، يريدون السيطرة على كل شيء وأن يصدروا فكرهم للخارج.... أما النرجسية الفكرية والسياسية التي يعيشها «الإخوان» فلن تفيدهم ولن تساعدها على التفاهم مع المجتمعين العربي والدولي. أما النقطة الحادية عشرة، فهي أن من أبجديات السياسة أن العلاقات بين الدول تقوم على المصالح المشتركة. الإمارات تريد أن يكف «الإخوان» عنها، وهذا مطلب شعبي يتفق عليه كل الإماراتيين.