تشكل التوعية إحدى الأدوات المهمة في مواجهة الحوادث المرورية التي أصبحت تمثل هاجساً مقلقاً للمجتمع بأكمله، والتي تنجم بالأساس عن عدم الالتزام بالقواعد المرورية المتبعة، سواء من جانب سائقي المركبات أو المشاة. من هذا المنطلق تأتي أهمية الحملة التي أطلقتها وزارة الداخلية مؤخراً تحت شعار «سلامة المشاة مسؤوليتنا»، والتي تستمر حتى الأول من شهر مارس المقبل، لتوعية مستخدمي الطرق، وخصوصاً المشاة، لكونها تركز على أحد الأسباب الرئيسية وراء تزايد الحوادث والمخالفات المرورية، والمتمثل في عدم التزام المشاة بالأماكن المخصصة للعبور، وفي عدم إعطاء بعض قائدي المركبات الأولوية للمشاة. هذه الحملة، التي تنفذها «الإدارة العامة للتنسيق المروري»، بالتعاون والتنسيق مع إدارات المرور والتراخيص بالدولة، وأكثر من 20 جهة معنية بالسلامة المرورية في القطاعين العام والخاص، تستهدف بالأساس تعزيز الإدراك بأهمية السلامة المرورية بين شرائح المجتمع كافة، بالإضافة إلى تفعيل الضبط المروري للمشاة وقائدي المركبات. وهي بذلك تكرس حقيقة مهمة، وهي أن السلامة المرورية مسؤولية مجتمعية، يشارك في تحقيقها جميع أطراف المعادلة المرورية دون استثناء. اهتمام وزارة الداخلية بتوعية مستخدمي الطرق، خصوصاً المشاة، يعد أمراً مهماً في مواجهة المخالفات والحوادث المرورية، خاصة إذا ما تم الأخذ في الاعتبار أن أغلب المخالفات التي يرتكبها هؤلاء المشاة يمكن تجنبها؛ كالسير في الأماكن غير المخصصة لعبور المشاة، وعبور الشوارع دون التفات إلى الإشارات، وهو الأمر الذي يؤدي إلى وقوع حوادث خطيرة، وهذا ما تكشفه نسب الإحصائيات المرورية الرسمية، التي تشير إلى أن حوادث الدهس تشكل ما نسبته 65 .18 في المئة من إجمالي الحوادث المرورية على مستوى الدولة، و26 .29 في المئة من إجمالي الوفيات و35 .15 في المئة من إجمالي الإصابات، خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2012. التوعية المرورية جانب مهم ورئيسي في أية مواجهة فاعلة لمشكلة المخالفات والحوادث المرورية؛ لأن المشكلة لا تتعلق بالأطر التنظيمية والتشريعية التي تحدد القواعد واللوائح المرورية، وإنما تكمن بالأساس في الثقافة المرورية السائدة لدى كثير من مستخدمي الطرق، والتي تجعل الكثيرين منهم لا يبالون لا بالقواعد المرورية، ولا حتى بالغرامات المالية التي تفرض على المخالفين منهم؛ الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تزايد الحوادث المرورية، وما يترتب عليها من تكلفة اقتصادية واجتماعية مرتفعة، يصل تأثيرها إلى جميع أفراد المجتمع. وتسعى وزارة الداخلية لتحقيق السلامة المرورية في محاورها الثلاثة المتمثلة في «العنصر البشري، والمركبة، والطريق»، من خلال استراتيجية شاملة، تتضمن العمل على تطبيق مبادئ تدقيق السلامة المرورية على مشاريع الطرق، وتطوير الممارسات حسب أفضل الممارسات العالمية، وتنظيم المسابقات الرامية إلى توعية جميع فئات المجتمع، وزيادة الثقافة المرورية لجميع فئات مستخدمي الطريق، للوصول إلى أفضل معدلات الاستجابة للحوادث المرورية، وتكثيف برامج التوعية لمستخدمي الطريق، بالتعاون مع إدارات المرور والدوريات بالدولة، وإدارة الشؤون الفنية والإعلام الأمني تحت شعارات مختلفة، لتوعية الجمهور من أجل تكريس الوعي بأساسيات السلامة المرورية، والعمل على إيجاد بيئة مرورية آمنة تعكس الوجه الحضاري للدولة وحركة التطور التي تشهدها في مختلف المجالات.