مع قُدوم عام 2013 الجديد تنشغل البشرية بمعضلتين كبريين هما: تداعيات الثورات العربية التي بدأت منذ نهاية عام 2010 وبداية عام 2011، ولا زالت مستمرة، ومشكلة ديون دول الاتحاد الأوروبي الضعيفة اقتصادياً، وتحديداً اليونان وإسبانيا وإيطاليا. هاتان المشكلتان تلقيان بظلال ثقيلة على دول العالم كافة لما لهاتين المنطقتين المبتليتين بهما من أهمية قصوى على السياسة والاقتصاد العالمي، فالمنطقة العربية تحتوي على أكبر احتياطي عالمي معروف من النفط الخام والغاز الطبيعي، وأوروبا هي مركز العالم التجاري والاقتصادي والصناعي، فإذا تداعى الاقتصاد الأوروبي تداعيات كارثية، ربما تنهار العديد من اقتصادات دول العالم النامي تأثراً به لارتباطاتها الوثيقة به، وهذا شأن معقد ومتداخل يدخلنا في متاهات مقولات التبعية الاقتصادية التي سنرجئ الحديث حولها إلى وقت آخر. ورغم أن مشكلة الديون الأوروبية واهتزاز الاتحاد الأوروبي الاقتصادي والسياسي يؤثران علينا سلباً بدرجة لا يستهان بها، إلا أن ما يهمنا في دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل أكبر كعرب هو ما يحدث في جوارنا الجغرافي وفي الدول العربية بالتحديد. شعوب الدول العربية التي خرجت في ثورات عارمة وأسقطت نظم الحكم القائمة في دولها، تدخل، ونحن في بداية عام 2013 في نفق مظلم طويل ليس بالإمكان التكهن بمتى سينتهي، أو طبيعة تلك النهاية، وهل ستكون حميدة توصل تلك الشعوب إلى نقاط تحول إيجابية فيما يتعلق بالمطالب، التي رفعتها وخرجت تنادي بها، أم سيئة وسلبية وكارثية في نهاية المطاف؟ ورغم أن الأحداث التي تجري في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا لا تبشر بالخير الكثير، إلاَّ أن الأمنيات الطيبة لكافة الشعوب العربية بمستقبل أكثر إشراقاً وأمناً وطمأنينة ورفاهية اقتصادية واجتماعية هي أفضل ما يمكننا تمنيه لها في العام الجديد. ما هو مقلق حقاً هو أن ثورات الشعوب العربية التي اندلعت شراراتها بعفوية سُرقت منها في وضح النهار، وجاء من ليس لهم دور حقيقي يذكر في اندلاعها وركبوا موجاتها لكي نجدهم بقدرة قادر وهم يجلسون على كراسي السلطة. وربما أن ما حدث يعود بالدرجة الأولى إلى أن النظم الحاكمة السابقة في الدول المعنية تركت الباب على مصراعيه أمام «الإخوان المسلمين» لكي يستغلوا المساجد كمنابر لهم لنشر فكرهم وأيديولوجيتهم وتنظيم أنفسهم دون أن تلتفت إلى ذلك، رغم أن أجهزتها الأمنية عملت طوال المدة السابقة على مطاردتهم ومحاولة القضاء على نشاطاتهم السياسية والاجتماعية منذ أن اتضحت خطورتهم منذ عام 1954 في مصر، ثم في بقية الدول العربية الأخرى بعد ذلك تباعاً بعد أن انتشروا فيها كفارين من وجه النظم الحاكمة في عهد كل من جمال عبدالناصر وأنور السادات وحسني مبارك. ويضاف إلى ذلك أنهم سيطروا أيضاً على العديد من النظم التعليمية في الدول التي تواجدوا فيها، وعملوا من خلال ذلك على تجنيد الأتباع في أوساط الناشئة والشباب في المدارس والمعاهد والجامعات وكانوا ناجحين جداً على هذا الصعيد إلى درجة أن أتباع الجماعة صاروا يحصون بالآلاف. خلاصة القول هي إن العام الجديد قد لا يحمل الكثير من الأنباء السارة إلى المواطنين العرب في بلاد الثورات الجديدة، فوصول «الإخوان المسلمين» إلى السلطة سيدخل الدول العربية التي يسيطرون على نظمها السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مرحلة جديدة من التجربة والخطأ، وهي دوامة عاشها الإنسان العربي بمرارة منذ أن خرج الاستعمار الغربي سياسياً من أوطانه مع نهاية الحرب العالمية الثانية. ويبقى السؤال الحائر: هل يحتاج المواطن العربي إلى الدخول في نفس الدوامة على يد «الإخوان المسلمين» بعد أن عانى منها كثيراً على يد العسكريين؟ الإجابة واضحة، وكل عام ميلادي جديد وأنتم بخير. د. عبدالله جمعة الحاج