أنهى قادة دول مجلس التعاون قمتهم الثالثة والثلاثون في مملكة البحرين يوم 25/12/2012 بالتركيز الواضح على قضية توحيد الجهود العسكرية ضمن قيادة عسكرية موحدة تقوم بالتنسيق والتخطيط والقيادة للقوات البرية والبحرية والجوية المخصصة والإضافية، وعلى قضية الأمن. تماماً كما توقعنا في مقالنا السابق هنا بعنوان: الهاجس الأمني والوحدة الخليجية. كما أقر المجلس الأعلى الاتفاقية الأمنية بصيغتها المعدلة، التي رفعها وزراء الداخلية بعد اجتماعهم الحادي والثلاثين بتاريخ 13/11/2012، حيث أكدوا أهمية تكثيف التعاون فيما يتعلق بتبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية في الدول الأعضاء. كما رحب المجلس الأعلى بافتتاح المركز الدولي لمكافحة التطرف العنيف «هداية» في أبوظبي، بهدف مكافحة التطرف بكافة أشكاله. ويشكل هذان الموضوعان (القوة العسكرية والأمن) عنصرين أساسيين من عناصر الاستقرار في المنطقة، وهما عماد التنمية البشرية ودفع عجلة الاقتصاد. ذلك أن المناخ الآمن والحدود الآمنة من الأمور التي تشجع على الاستثمار، وإيجاد فرص العمل، بل وجذب الاستثمارات الأجنبية إلى المنطقة. ولاشك أن تقوية هذين العنصرين توحد الجهود وترصد المسارات لخلق المجتمع الآمن، ورفض أي نوع من التهديد للسيادة أو العبث بأمن المجتمع الخليجي، وخصوصاً في ظل الظروف الراهنة التي تعيشها المنطقة، في مقابل دعوات التطرف والنزعات الطائفية والمذهبية، وكذلك التهديدات الإيرانية لدول المنطقة. وفي هذا الخصوص عبّر بيان القمة بوضوح عن «رفضه واستنكاره لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون، وطالب إيران بالكف فوراً ونهائياً عن هذه الممارسات والإجراءات التي من شأنها زيادة التوتر، وتهديد الأمن والاستقرار في المنطقة». وعلى رغم وضوح لهجة الخطاب تجاه إيران، وقوة النص، إلا أن وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة أشار إلى أن «الجهود لم ولن تتوقف للتواصل مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأن إيران جارة تربطنا بها علاقات تاريخية، وإن كانت تمر بمراحل مختلفة. وأن هناك أموراً نختلف عليها مع إيران». وأكد وزير الخارجية على أن البيان الختامي للقمة «يعكس حرص دول المجلس على أن تكون العلاقة سليمة، وأن تكون في الطريق الصحيح، وألا يقوم أي طرف بالتدخل في شؤون أي طرف آخر، وألا يقوم أي طرف بوضع المنطقة في طريق تصادمي أو يعرّضها لأي خطر، أياً كان هجومياً أو بيئياً». وهذه الأخيرة إشارة إلى خطر المفاعل النووي الإيراني في «بوشهر» على الخليج العربي. وإذا ما تعرض هذا المفاعل لأي خطر بيئي أو هزة أرضية، لا سمح الله، فإن تسرب المواد النووية سيلحق كارثة بالمنطقة لن تسمع عنها طهران، وتعرض الحياة البرية والبحرية لمخاطر لا يمكن التنبؤ بها. وحول ما اعتقدهُ البعض من أن الإجراءات الجديدة في التنسيق والتخطيط للقوات البرية والبحرية والجوية تشكل بديلاً عن قوات «درع الجزيرة» أشار وزير الخارجية البحريني إلى أن «قوة درع الجزيرة موجودة وستبقى، وهي ركن أساسي في العمل الدفاعي المشترك، حيث صادق المجلس الأعلى على إنشاء قيادة موحدة تقوم بالتخطيط والتنسيق والقيادة للقوات البرية والجوية والبحرية». وإذا ما جاز لنا التعبير بأن قمة التعاون الأخيرة هي قمة القوة والأمن، وهو موضوع حيوي للمنطقة؛ فإن بقية المواضيع تأتي في الدرجة الثانية من الأهمية، سواء ما تعلق بالتعاون الاقتصادي الذي واجه مؤخراً بعض العقبات، أو قضية الشباب والأسرة، أو الموقف الخليجي من دعم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، لوضع حد لنزيف الشعب السوري، حيث دعا المجلس الأعلى المجتمعَ الدولي إلى تقديم كافة أشكال المساعدات الإنسانية العاجلة للشعب السوري الشقيق. وهنالك موضوع فلسطين والدعوة لتوحيد الصف الفلسطيني ونبذ الخلافات بين الأطراف الفلسطينية. وموضوع اليمن والعراق وميانمار، حيث أدان المجلس الأعلى القمع والمجازر الوحشية التي يتعرض لها المسلمون من «الروهينجا» في ميانمار. وهي مواضيع سبق للمجلس الأعلى أن أكد موقفه منها. نقول: إن قمة التعاون هي قمة القوة والأمن! وهذا يعيدنا إلى قول الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبداللطيف الزياني قبل القمة بيومين بأن القمة «تُعقد في ظروف إقليمية حساسة ودقيقة تمر بها المنطقة».