تتصدر معظمَ قوائم وسائل الإعلام لأهم أحداث عام 2012 عناوين من قبيل إعادة انتخاب أوباما، وتعيين الزعيم الصيني الجديد، والثورة في سوريا، وعودة الحزب الثوري المؤسسي الحاكم إلى السلطة في المكسيك، وصراع تشافيز مع السرطان. غير أنه كانت ثمة عناوين إخبارية أقل لفتاً للانتباه في عام 2012، سيكون لها القدر نفسه أو أكثر من التأثير في مستقبلنا، والعديد منها لم تظهر على الصفحات الأولى لمعظم الصحف في الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية. وعليه، دعوني أشاطركم في ما يلي قائمتي لأكثر الأخبار أهمية في عام 2012: - التقرير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة، في الثاني عشر من نوفمبر، والذي يقول إن الولايات المتحدة ستتجاوز السعودية كأكبر مصدر للنفط بحلول عام 2017، وإن واشنطن ستصبح مصدِّراً للنفط بحلول عام 2030. هذا الأمر سيغير بشكل جوهري الخريطة الجيوسياسية للعالم مثلما نعرفها اليوم. ذلك أن الثورة التكنولوجية التي تحدث في صناعة الطاقة الأميركية، بفضل الحفر الأفقي وعملية الكسر الهيدروليكي -عملية لاستخلاص النفط والغاز الصخري عبر ضغط الماء- ستجعل الولايات المتحدة تدريجياً أقل اعتماداً على منتجي النفط الشرق أوسطيين. وإضافة إلى ذلك، فإن انخفاض واردات النفط الأميركية سيؤدي إلى انخفاض في أسعار النفط العالمية، الأمر الذي يمكن أن يطرح مشاكل حقيقية لبلدان بترولية شعبوية مثل فنزويلا والإكوادور وبوليفيا، وهي بلدان فشلت في تنويع اقتصاداتها، بل يمكن القول إنها في بعض الحالات دمرت تقريباً قطاعاتها الاقتصادية غير النفطية، وأصبحت تعتمد اعتماداً كبيراً على صادرات النفط والغاز. - التحذير الذي صدر في العشرين من نوفمبر عن الزعيم الصيني الجديد شي جينبينج من أن الحزب الشيوعي قد يفقد سيطرته على السلطة في حال فشل في محاربة الفساد المتفشي في البلاد. وقد شكل اعتراف شي العلني، الذي يذكِّر بتصريح مماثل لسلفه هو جينتاو قبل بضعة أسابيع، مؤشراً على الاضطراب الاجتماعي المتزايد في الصين وتحدى الاعتقاد السائد بأن صعود الصين إلى مكانة أكبر اقتصاد في العالم هو نهائي وغير قابل للانتكاس. ومثلما لاحظتُ خلال زيارة قمت بها إلى الصين في أكتوبر الماضي، فهناك استنكار عام غير مسبوق ضد الثروات الخرافية لعائلات وأصدقاء زعماء الحزب الشيوعي، ومظاهر الإثراء في محيط هؤلاء الزعماء وأقربائهم. وهذا الأمر يمكن أن يؤثر على النظام السياسي الصيني، ما سيزيغ الصعود الاقتصادي للبلاد عن سكته، أو إلى إصلاحات ديمقراطية يمكن أن تسرعه. وفي كلتا الحالتين، فإن الوضع الحالي للصين لم يعد من الممكن اعتباره من المسلَّمات. - التقرير الإخباري الذي صدر في السادس عشر من يوليو من كوالالمبور ويفيد بأن المفاوضات حول إتمام الاتفاقية التجارية لـ«الشراكة العابرة للمحيط الهادي»، والتي قد تصبح أكبر وأكثر اتفاقية من نوعها طموحاً في العالم، يمكن أن تستكمل بحلول أكتوبر 2013. وفي مرحلة أولى، من المنتظر أن يشمل التكتل التجاري الجديد لحوض المحيط الهادي كلا من الولايات المتحدة وكندا والمكسيك والبيرو والشيلي وأستراليا ونيوزيلاندا، وماليزيا، وسنغافورة، وفيتنام. غير أن كوريا الجنوبية، واليابان التي تعتبر ثالث أكبر اقتصاد في العالم، قد تنضمان أيضاً، مما سيخلق تكتلا اقتصادياً ضخماً سيتحدى الوزن الاقتصادي المتزايد للصين في آسيا وأميركا اللاتينية. - انتخابات الخامس والعشرين من نوفمبر في كاتالونيا، بإسبانيا، والتي صوت فيها نحو 70 في المئة من الناخبين لصالح أحزاب تدعم استفتاءً حول استقلال المنطقة الغنية الشمالية من إسبانيا، مما سيتسبب في سلسلة من التحركات الانفصالية في الاتحاد الأوروبي البالغ عدد أعضائه 27 عضوا. وفي هذا السياق، يخشى الكثيرون من أنه إذا انفصلت كتالونيا عن إسبانيا، فسيتبعها إقليم الباسك، كما ستسعى جزيرة كورسيكا وراء الاستقلال عن فرنسا، وقد تنفصل سكوتلاندا عن بريطانيا، ومنطقة والونيا والفلاندر عن بلجيكا، من بين حالات أخرى. والاضطرابات الاقتصادية يمكن أن تعقبها فوضى سياسية في أوروبا. - قرار الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف بإقالة أكثر من ستة وزراء على خلفية ادعاءات أو شكوك تتعلق بالفساد، وهو قرار بعث برسالة قوية إلى جيران البرازيل. ولعل الأهم من ذلك هو أن قرار المحكمة العليا البرازيلية القاضي بالحكم على السياسي القوي في الحزب الحاكم خوسي ديرسو، رئيس موظفي الرئيس السابق لويس إينياسيو لولا دا سيلفا، بنحو 11 عاماً في السجن، بسبب فضيحة تتعلق برشى حكومية لمشرعين، قد تمثل نقطة تحول في تاريخ البرازيل. وتعد بمثابة درس للبلدان المجاورة التي تتحكم حكوماتها في القضاء من أجل حماية المسؤولين الفاسدين. وربما أغفلتُ عدداً من الأحداث الهامة الأخرى التي ميزت 2012، غير أنه يجدر بنا أن نأخذ هذه الأحداث التي عدّدناها للتو بعين الاعتبار عندما نجلس مع أحبائنا ونناقش مستقبل العالم في عطلة نهاية السنة. صحيح أنها ربما لم تكن عناوين كبيرة على الصفحات الأولى للجرائد الأميركية، لكنها ستترك بدون شك تأثيرها في عام 2013 وما بعده. أندريس أوبنهايمر محلل سياسي متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»