عنوان المرحلة في التجاذب المصري... وفرصة جديدة للرئيس الأميركي جديد التجاذب السياسي المصري بعد تمرير الدستور، وفرص أوباما لفرض إصلاحاته في ولايته الرئاسية الثانية، واستمرار الاحتجاجات في الهند المطالبة بحماية النساء، ثلاثة موضوعات نستعرضها بإيجاز خلال قراءة سريعة في الصحافة الفرنسية. مصر: تمرير الدستور صحيفة لوموند نشرت افتتاحية خصصتها للتجاذبات الأخيرة التي عرفتها مصر على خلفية ما سمي معركة تمرير الدستور، وأوردت الصحيفة بعض أوجه النقد التي وجهتها المعارضة المصرية إلى الاستفتاء الأخير وخاصة من ذلك الدعاوى بأن هنالك مكاتب اقتراع لم تكن تحت إشراف قاضٍ، كما أن رؤساء بعض المكاتب عملوا على إبطاء الاقتراع في مكاتبهم لكونها موجودة في أحياء يعرف عنها اتساع تأييدها للمعارضة، وكذلك وجدت بطاقات اقتراع غير مرقمة، وغير هذا مما ساقته المعارضة المصرية كأسباب للتحفظ على الأجواء العامة والإجراءات التنفيذية التي جرى في سياقها التصويت، والتي تقول إنها تشبه في بعض أوجه قصورها ما كان يجري أحياناً من مخالفات انتخابية في عهد النظام السابق. وأكثر من ذلك أن هنالك حديثاً أيضاً عن محدودية هامش المشاركة في الاستحقاق الانتخابي نفسه الذي لم يستقطب سوى قرابة الثلث من الناخبين، ومع هذا يبقى أن انتهاء هذا الاقتراع يختم عملياً مرحلة انتقالية دامت على امتداد سنتين من التجاذب السياسي المحموم، مما زاد من حدة الاستقطاب والانقسام بين القوى الفاعلة في المشهد السياسي المصري. وفي المقابل فإن أكثر ما تحتاجه مصر الآن هو التوافق وتوحيد الصفوف لتحقيق مشروع وطني موحد. وهو ما يعني أن العمل السياسي ينبغي أن يتم وفق منطق لا يتيح الاستحواذ والانفراد لأي فصيل أو جماعة سياسية على حساب بقية أطياف وأحزاب وقوى المشهد السياسي الأخرى، موالاة كانت أم معارضة. كما يتعين على نظام الحكم أيضاً أن يأخذ مسافة أمان سياسي من أي جماعة أو حزب، لكونه نظاماً لجميع المصريين، وفي ذات الوقت يتعين دعم استقلال القضاء، والاستجابة لتطلعات القضاة والتفاعل مع تحفظاتهم على أي تعديل أو تغيير أو تحوير في طبيعة العلاقة بين السلطتين التنفيذية والقضائية. كما يتعين كذلك تجاوز بعض الممارسات السياسية لجماعة «الإخوان» خلال فترة التجاذب مع أو ضد الاستفتاء، حيث تم ربط التصويت بلا أو نعم بدعاوى وتخريجات دينية، هذا في حين كان المستفتى حوله نصاً سياسياً دستورياً وليس مسألة دينية، بحيث يمكن اعتبار الوقوف ضد الدستور وقوفاً ضد الدين، كما تردد في صفوف بعض أنصار الجماعة في خطب المساجد والمهرجانات طيلة فترة الحملة الانتخابية. وتذهب لوموند إلى أن عدة عواصم غربية ما زالت تحتفظ بموقفها الإيجابي تجاه الحالة السياسية الجديدة في مصر، وقد رحبت عموماً بالتحول. كما تركت وساطة مرسي الأخيرة في الصراع بين غزة وإسرائيل أثراً إيجابياً لدى أطراف غربية عديدة. ولكن على رغم أهمية تلك الجهود إلا أن تطلعات المصريين تستحق هي أيضاً أن يستمر الدعم الغربي لها، تقول لوموند، لا أن توضع جانباً لصالح الاهتمام بالاستقرار الإقليمي. ومن ثم فإن على الدول الغربية التي أشادت بالتحول السياسي في مصر ألا تكرر أيضاً خطأ التغاضي عن التطلعات نحو مزيد من الديمقراطية مثلما كانت تفعل في عهد مبارك. وهنا يتعين على الغرب التذكير باستمرار بأن روح الديمقراطية ليست فقط الفوز بأصوات الناخبين، وإنما هي أيضاً احترام الأقليات والنظم، وإقامة دولة القانون. ويبقى أخيراً أن مصر التي تمر من دوامة انتقال سياسي صعبة تجد نفسها اليوم في أمسّ الحاجة إلى دعم مالي دولي. وهذا يقتضي منها كذلك إبداء قدر كبير من احترام المعايير والنظم الديمقراطية. ولاية أوباما الثانية في افتتاحية بصحيفة ليبراسيون تساءل الكاتب فرانسوا سيرجان عما إن كان أوباما الذي أعيد انتخابه لولاية ثانية في البيت الأبيض، وخاض حملة انتخابية ناجحة وباهرة، سيبقى دائماً متوفقاً في أدائه كمرشح على أدائه كرئيس؟ ولا يكاد يوجد خلاف على أن الرئيس الأميركي رجل وعود أكثر من كونه رجل تنفيذ، وخطيب مفوه ذا مهارات خطابية استثنائية أكثر من كونه رجل حكم. ومع ذلك تنفتح الآن أمامه فرصة أربع سنوات مقبلة لكي يقدم نفسه وإنجازاته بطريقة مختلفة عن طريقة أدائه خلال ولايته الرئاسية الأولى. ومن حسن الحظ أن في يديه كثيراً من الأوراق التي يستطيع لعبها، لكي يفرض إرادته دون حاجة إلى مقايضات مريبة مع خصومه الجمهوريين من جهة، أو مع قوى ضغط «وول ستريت» من جهة أخرى. فقد بات الآن متحرراً من ضغوط وهواجس إعادة الانتخاب، كما أنه وهو اليوم في سن 51 عاماً قد أدرك عملياً بالمنصب الذي بلغه نهاية مشواره السياسي. ويتساءل الكاتب، مرة أخرى، ترى هل سيتمكن هذا الرئيس الشاب، وأول رئيس أسود للولايات المتحدة، من كتابة اسمه بطريقة فارقة ومؤثرة في التاريخ الأميركي؟ وخاصة أن مما يعرف عنه شغفه وإعجابه الشديد بالرؤساء السابقين لبلاده: لنكولن وروزفلت، وريجان وكلينتون؟ ومع هذا لا شيء يثبت أن الجمهوريين سيتركون أوباما يحقق ما يريد، أو يسهلون مهمته، لأن من طبيعة التنافس السياسي والاستقطاب الحزبي في أميركا ألا يبدي المنافسون السياسيون فيه مرونة من هذا القبيل، دون أن يكونوا مضطرين إلى ذلك. ولهذا وكما توقعت «نيويورك تايمز» فإن الجمهوريين سيسعون بأي طريق لعرقلة جميع إصلاحات أوباما المالية الهادفة إلى علاج مشكلة الدَّين العام، لأنها تعني في النهاية زيادة في الضرائب على الأغنياء. وإن كان يفترض فيهم أيضاً أن يتعلموا من هزائمهم الانتخابية القاسية الأخيرة في الاستحقاقين الرئاسي والتشريعي، أن تطرفهم وتزايد توجهاتهم الشعبوية لا يلامسان هوى لدى القطاع الأعرض من الناخبين الأميركيين. ويمضي الكاتب في تحليله قائلاً إن هنالك الآن ثلاثة أمور داخلية ضاغطة هي التي ستمثل اختباراً لمدى إرادة أوباما، ومدى قدرته على فرض رؤيته السياسية، وهي على التوالي: الأول فرض إصلاح قوانين حمل السلاح في الولايات المتحدة، وخاصة بعد مجزرة أطفال مدرسة «نيوتاون» الأخيرة، وما ترتب عليها من مواقف استياء واسعة في صفوف الجمهور الأميركي العريض. والثاني إصلاح نظم وقوانين الهجرة. والثالث إصلاح النظام الجبائي الضريبي. وفي كل هذه الأمور الثلاثة يستطيع أوباما إظهار قدرته على الاستجابة لتطلعات الرأي العام الأميركي، وخاصة أنه معروف إلى جانب قدرته الخطابية، بقدرته أيضاً على اتخاذ المواقف الوسطية البعيدة عن الشعبوية والقادرة على استقطاب تأييد واسع. احتقان في الهند صحيفة لوفيغارو نشرت تغطية حول الاحتجاجات الأخيرة التي عرفتها الهند على خلفية اغتصاب امرأة شابة، طالبة طب، في حافلة عمومية، من طرف ستة رجال، وهو ما دفع جماعات حقوقية ومنظمات نسائية لتنظيم تظاهرات أمام مقر رئيس الوزراء الهندي مطالبة بضمان حقوق النساء، وحمايتهن بالطريقة المناسبة، والضرب بيد من حديد على كافة أشكال التعديات ذات الصلة بالجنس والنوع. وتوقعت الصحيفة أن تستمر الضغوط بهذا الشأن وخاصة بعد موت الفتاة الضحية نفسها ليلة أول من أمس في مستشفى بسنغافورة. واعتبرت الصحيفة أن هذه المأساة أدت إلى تجاذب واسع واستياء أوسع في عموم الهند، وقد زاد موت الفتاة من توجس السلطات من أن ترتفع وتيرة التظاهرات الاحتجاجية، بشكل أكبر، ولذلك دفعت بعدد ملحوظ من قوات حفظ النظام إلى الشوارع، كما طوقت بعض الأحياء في وسط العاصمة. ونقلت الجريدة عن الصحافة الهندية توصيفاتها وقراءاتها في قرارات الحكومة الأخيرة، الساعية لاحتواء الموقف، حتى لا يجنح نحو أعمال احتجاج وعنف أوسع، قد تخرج عن السيطرة، ولذلك راوحت في تدابيرها بين تأكيد متابعة القضية التي أوقف أربعة من الجانين فيها، والسعي في الوقت نفسه لضمان عدم تفاقم الأمور، أو خروجها عن السيطرة. ونقلت الصحيفة عن رئيس الوزراء الهندي تعهده بالمزيد من التدابير الحازمة لحماية النساء ومكافحة الجرائم الجنسية، كما تمنى صدور عقوبات صارمة بحق المتهمين في هذا القضية. إعداد: حسن ولد المختار