إلقاء السلطات الإماراتية القبض على خلية إرهابية من الفئة الضالة التي كانت تخطط للقيام بأعمال عنف تخريبية يتأذى منها المكون السكاني الآمن في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وشروعها في التنفيذ عبر استيراد المواد التي يتم منها تصنيع المتفجرات، أمر يدعو للتوقف وقراءته بجدية مطلوبة. فالتنظيم الإخواني المتشدد تصاعدت وتنوعت وسائل استهدافه للمجتمعات الخليجية التي لا يريد لها أن تعيش هذه النهضة الازدهارية فتمنح مجتمعات المنطقة نموذجاً أفضل من النموذج الإخواني الذي فشل في الدول التي حكمها أكثر من عقدين من الزمان وتلك التي حكمها فترات مختلفة، أو حتى تلك التي لا يزال في يفاعة وبدايات حكمه لها، وهي مقارنة يخاف أن تقلب عليه الطاولة، ويرتد إليه كيده الذي أسماه «الربيع العربي» في نحره ربيعاً مضاداً يزيح عن الشعوب حرارة صيف التنظيم الذي انكشف سريعاً بعد نزعه قناع الربيع الذي كان يحمّله شعارات إسلامية براقة، انتهت عنده مدة صلاحيتها بإعتلائه كراسي السلطة، وهو إنقلاب صحبته العديد من الشواهد الفاضحة التي أثبتت دائماً أن التنظيم يتغير سريعاً للنقيض بمجرد وصوله الحكم، فالفتاوى التي تجيز للشعوب الخروج على طاعة أولي الأمر قبل إعتلاء التنظيم الإخواني الحكم سرعان ما تتحول بعد أشهر قليلة ومن ذات المفتي إلى فتوى تجب ما قبلها وتنسخها بتحريمها خروج الشعوب على طاعة حكامها بعدما اعتلوا كراسي السلطة، وهي فتوى تم تفصيلها وتعليبها عملياً بصلاحية لا تكون إلا في الدول الإخوانية، لأن التنظيم الإخواني الذي يتعامل مع شعوبه وفق تلك الفتوى، يحرض شعوب الدول اللا إخوانية بالبقاء في محطة الفتوى السابقة، وتحويل كعبة الولاء تجاه مكتب المرشد. ورغم الفشل الذريع الذي واجهته تجاربها في دولها إلا أن جماعة الإخوان المتأسلمين الضالة تصر على أن تكذب على شعوب الخليج وتحاول تغطية عين الشمس بأصبعها وهي لا زالت تروج لتجربتها وكأنها تقول لشعوب الخليج لا تصدقوا ما تبثه وسائل الإعلام كلها عدا الإخوانية عن شكل الدولة الإخوانية، وأنهار الدماء التي ترتوي بها لتكتسب طاقة الوصول للكرسي. وكان للتعاون الأمني بين الإمارات والسعودية أثره الفعال في اجتثاث هذه الخلية، إذ أعلنت الدولتان عبر مختلف الوسائل الإعلامية أنهما ستقدمان أفرادها للإجراءات القانونية وفق الدستور والقانون القائم دون الخروج عنه قيد انملة، وهو ما يعطي أفراد الخلية رغم جرمهم الشنيع الذي لا يحتاج حكم القضاء ولا كان سيصل لتطبيق القانون لو تم هذا الأمر في دولة من الدول التي يحكمها «الإخوان»، فهم أعداء للقانون، ووقائع صدامهم المباشر معه متعددة لا ينكرها كل من يقرأ تاريخهم الأسود، وهذا هو الاختلاف بينهم وبين الدول الخليجية، فها هو ذا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة يقول في مخاطبته للكتاب في الدورة الأولى من المؤتمر العام لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات والتي حملت اسم الشيخ زايد طيب الله ثراه، أن لا صوت يعلو على صوت الدستور، مؤكداً حرص القيادة الإماراتية مجتمعة على حماية الدستور والدفاع عنه ضد أي استهداف، حتى لا يقع ظلم على أحد جراء تفسير خاطئ لمادة من مواده، أو استغلال متعمد لأي من ثغراته إن وجدت، أو حتى آفاقه. وجاء ذلك متزامناً مع إعلان الفائزين في المسابقة البحثية التي أجراها مركز المزماة للدراسات والبحوث، حول الحريات العامة وحقوق الإنسان المدنية في دستور الإمارات والتي شارك فيها أكثر من خمسين باحثاً تراوحت أعمارهم بين العشرين والأربعين، ما يدلل على التباين الكامل بين واقع الشعوب الخليجية التي تهتم بالدستور وتحرص عليه، والفكر الإخواني المتأسلم الذي يبدأ دائماً بمصادمة القانون، لاستبداله بقانون تمكيني يؤدي لأخونة السلطة والمجتمع. فاستهداف الإمارات والسعودية بشبكة إخوانية تخريبية واحدة، مقابل ما كشفه المؤتمر الصحفي المشترك بين وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني، والذي انعقد في البحرين مباشرة بعد انتهاء أعمال القمة، عن عدم وجود خطة خليجية لمواجهة تنظيم الإخوان المتأسلمين الذي يهدد المنطقة بكاملها، يجب أن ندرسه بعناية، خاصة وأن ما كشف هذه الشبكة المشتركة المؤلفة من ضعاف نفوس من الإماراتيين والسعوديين، هو جهود أمنية مشتركة بين الإمارات والسعودية. كل القراءات لا يمكن أن تؤدي سوى إلى طريق واحد فقط، وهو ضرورة وجود خطة أمنية خليجية واضحة لمواجهة تنظيم يستهدف دول المنطقة عموماً، تنظيم ملأ صفحات تاريخه بالغدر والإنقلاب الفجائي العنيف غير المسبب حتى على قادته وأقرب المقربين إليه. إن قوة درع الجزيرة مثلت تجربة حية، وهي تمثل صمام أمان للمجتمعات الخليجية، لأنها أثبتت وجودها في حرب الخليج، وفي إخماد الفتنة الطائفية في البحرين، وهي ظاهرة بدأ التنظيم الإخواني في إذكاء نارها في دول المنطقة، بغرض خلخلة الأنظمة والمجتمعات، وإحداث فوضى وخلل أمني، وتحريك بعض الجماعات للصعود على أكتاف أفرادها حتى الوصول للسلطة كما في مخطط التنظيم الإخواني الواهم، بعدما باءت بالفشل كل جهوده التخريبية السابقة من تكفير وتطاول واتصال بالأجنبي، ومحاولات تشويه صورة الدول والمجتمعات والأنظمة الخليجية في الخارج، وبعد أن عاث فساداً فكرياً فدخلت آفاته للصغار والكبار والرجال والنساء في مختلف الدول الخليجية من وراء القوانين، وتلقى الدعم الأجنبي وأسس الخلايا، وسعى لتأسيس الأجنحة العسكرية المسلحة لقلب أنظمة الحكم بالقوة، وسير التظاهرات، ومارس الشتم بأقذع الألفاظ والأوصاف على ساحات التواصل الاجتماعي في الإنترنت وغير ذلك كثير. ألم يحن الوقت بعد للسعي الجاد في إقامة خطة أمنية خليجية موحدة تحاصر تحركات التنظيم وتكتم أنفاسه وتجعل من الخليج مقبرة لأفكاره المسمومة؟