في الوقت الذي يجري فيه الأميركيون جردة حساب لعام 2012 ويستعدون لعام 2013، قد يكون من المغري أن يتبنى البعض الآراء السائدة حول «أفول الأمة الأميركية». وبالنسبة للكثيرين، لم ينته الركود الكبير بعد، كما أن النمو الاقتصادي يسير بخطى واهنة، ونسبة البطالة ما زالت مرتفعة، علاوة على أنه لم يتم التوصل إلى صفقة لتجنب السقوط في «الهاوية المالية». وفي الخارج، يبدو نفوذ الولايات المتحدة متراجعاً على المسرح العالمي، سواء في عدم قدرتها على إيجاد مخرج من الفوضى في دول «الربيع العربي» أو احتواء الصين التي يتصاعد نفوذها وتكاد قوتها الاقتصادية تقترب من قوتها. ورغم كل ذلك، فهناك الكثير من الأشياء التي يجب أن يشعر الأميركيون حيالها بالامتنان، وهم يدخلون إلى العام الجديد. وفيما يلي ستة أسباب أرى أنها يجب أن تجعلهم متفائلين بشأن مستقبل بلادهم: الأول: أن وقائع التاريخ تثبت أن أميركا قد واجهت مصاعب وعقبات أكبر من ذلك ونجحت في التغلب عليها، وعلينا في هذا السياق أن نرجع إلى أحداث الثورة الأميركية، والحرب الأهلية، والحربين العالميتين، كي نعرف أن الشعب الأميركي كان يمتلك دائماً ذلك الإحساس الفريد بالقدرة على التغلب على الصعاب والخروج منها ظافراً مهما كانت جسامة التحديات. الثاني: أن أيام الزمن الجميل لم تكن على ذلك القدر من الجمال الذي يتخيله كثيرون. فمن يتحدثون مثلا عن تراجع الهيمنة الأميركية حالياً يقيسون الوضع الحالي بالهيمنة التي كانت أميركا قد حققتها بعد الحرب العالمية الثانية في حين أن فترة الهيمنة تلك لم تخل من بعض الانتكاسات والمشكلات مثل حرب السويس وأزمة الصواريخ الكوبية وحرب فيتنام. الثالث: أن نقاط قوة أميركا لا يمكن التقليل من شأنها ولا يمكن لأحد تحديها فأميركا مثلا هي الدولة الوحيدة القادرة على استعراض ونشر القوة على امتداد العالم، بينما دولة مثل الصين لا تستطيع فعل ذلك إلا على مسرح آسيا الباسيفيكي في أحسن التقديرات. الرابع: مظاهر التقدم العديدة في سوق الإسكان والقطاع الصناعي، إذ تشير الإحصائيات إلى أن أسعار المنازل في الولايات المتحدة قد استقرت وحققت بعض المكاسب، وأن مستويات التصنيع المرتفعة المعهودة عن القطاع الصناعي في أميركا عادت مجدداً. الخامس: أمتلاك أميركا لثروات طبيعية هائلة لا تمتلكها دول أخرى، ما يجعل من احتمال حلول دولة أخرى محل أميركا كقوة عالمية وإقامة نظام عالمي جديد، احتمالا ضئيلا للغاية. السادس: رغم التحديات والصعوبات التي تواجهها أميركا فإنها تقل كثيراً عن التحديات والصعوبات التي تواجهها القوى الأخرى على الساحة العالمية، مثل الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين. وعلينا أن نتذكر هنا ما قاله نيكسون في معرض الرد على من كانوا يتبنون الرأي القائل بأفول النفوذ الأميركي في عهده، وهو: «لا تدعوا مشكلات اللحظة تغطي على الأشياء العظيمة التي تمضي قدماً في هذا البلد في الوقت الراهن». آيلي وايني أستاذ مساعد العلوم والشؤون الدولية بمركز بيلفر التابع لكلية هارفارد كينيدي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»