احتلت دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة الرابعة عالمياً ضمن التصنيف العالمي، وفقاً لـ«المؤشر العالمي للاستثمار في البنية التحتية»، الصادر مؤخراً عن مؤسسة «إي سي هاريس» البريطانية، وهو ما يمثل إشارة مهمة إلى أن الدولة تعد بيئة للاستثمار في البنية التحتية، وأن قطاع البنية التحتية فيها قد وصل إلى مستوى من التطور والتنافسية حتى أصبح في مصاف قطاعات البنى التحتية الأكثر تطوراً في العالم، وينافس بل ويتفوق على العديد من القطاعات في الدول المتقدمة. ليست هذه هي المرة الأولى التي يحتل فيها قطاع البنى التحتية الإماراتي هذه المرتبة العالمية المتقدمة، بل إن مؤسسات دولية أخرى وذات مكانة عالمية كبيرة قد منحته تصنيفات مماثلة، كـ«المنتدى الاقتصادي العالمي» و«البنك الدولي» و«مجلس التنافسية العالمية»، وغيرها من المؤسسات، وذلك وفقاً للعديد من المؤشرات، من بينها «مؤشر جاهزية البنية التحتية والتكنولوجية» و«مؤشر سهولة أداء الأعمال» و«مؤشر تطور الحكومة الإلكترونية» و«مؤشر التنافسية العالمية»، وهي جميعها مؤشرات تتناول مدى تطور البنى التحتية في الدولة، وقد وضعت دولة الإمارات في مراتب متقدمة، احتلت بها قمة ترتيب الدول العربية في معظم الأحيان، ونافست فيها الدول المتقدمة في أحيان كثيرة. إن المميزات العديدة التي يتمتع بها قطاع البنى التحتية، التي يأتي على رأسها ذلك التشابك الكبير الذي يربطه بباقي القطاعات الاقتصادية الأخرى، تجعل منه إحدى الأدوات الأكثر فاعلية في بث الحيوية في أوصال الاقتصاد الوطني، فهذا القطاع يتمتع بروابط مباشرة وغير مباشرة بعدد لا يقل عن 90 صناعة ونشاطاً اقتصادياً آخر، حتى إن العديد من الاقتصاديين يصنفه بناء على ذلك، على أنه قطاع قائد ومحرك للنمو في الاقتصاد الكلي، خاصة أن تشابكه الكبير مع الصناعات والأنشطة الأخرى يزيد من التأثير الإيجابي للأموال المستثمرة فيه، كونها تفتح الباب أمام باقي القطاعات ومن ثم في باقي أجزاء الاقتصاد المعني للتوسع والنمو. يقدر حجم الإنفاق الإماراتي على البنى التحتية بنحو 11 مليار دولار سنوياً. وفقاً لـ«مصرف الإمارات الصناعي»، بما يساوي 4.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو معدل مرتفع إذا قورن بمعدل الـ(2 في المئة) المقدر من قِبَل «صندوق النقد الدولي» كحد أدنى للإنفاق على البنية التحتية اللازم لدفع عجلة النمو الاقتصادي بالقدر الضروري لتحقيق التعافي الحقيقي من آثار الأزمة المالية. ولعل ارتفاع الإنفاق على هذا النحو هو ما ساعد الاقتصاد الإماراتي على معاودة النمو المطرد في وقت أسرع من المتوقع. وبالإضافة إلى ذلك فإن الاستثمار في البنية التحتية سيساعد على توليد نحو 11 ألف فرصة عمل سنوياً حتى عام 2020، ليسهم في تحسين مؤشرات البطالة في الدولة، في وقت تعد فيه البطالة أحد أهم التحديات التنموية التي تواجه الدول، وفقاً لـ«منظمة العمل الدولية». وبخلاف ذلك، فإن مستوى التطور الذي وصل إليه قطاع البنية التحتية الإماراتي والمستوى التنافسي المتقدم له، يتيح فرصاً كبيرة للدولة للاستفادة من القطاع، وتطويعه لخدمة أهداف الاقتصاد الوطني، عبر جذب رؤوس الأموال الأجنبية إلى الداخل، كأحد بدائل التمويل للمشروعات الكبرى، وأحد وسائل نقل التكنولوجيا والخبرات العالمية إلى الدولة، بما يعود على الاقتصاد الوطني بالكثير من الفوائد.