الغرب يفاوض إيران... وإسرائيل تقوض مسيرة السلام ------- استئناف المباحثات الإيرانية الغربية، والدعوة لإغلاق معتقل جوانتنامو، واعتراضات على تولي تشاك هاجل وزارة الدفاع، ثم نسف إسرائيل لحل الدولتين... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الأميركية. ------- مباحثات إيرانية غربية خصصت صحيفة «نيويورك تايمز» افتتاحيتها ليوم الإثنين الماضي للحديث عن المباحثات المترقبة بين إيران ومجموعة 5 + 1 في شهر يناير المقبل، هذه المباحثات التي تكتسي أهمية كبيرة، تقول الصحيفة، في ظل التهديدات الإسرائيلية بضرب إيران في حال فشل المجتمع الدولي في إقناع طهران بوقف برنامجها النووي، بالإضافة إلى نفاد صبر الغرب من إيران بسبب استمرار عمليات التخصيب رغم قرارات المجتمع الدولي المطالبة بوقفها. لكن حتى تستجيب إيران لما يطرحه الغرب، لاسيما إصراره على وقف تخصيب اليورانيوم إلى 20 درجة حيث يمكن تحويله إلى وقود نووي يستخدم في صنع السلاح، ينبغي على الولايات المتحدة طرح اتفاق شامل يتجاوز ما تم تقديمه من محفزات في المرات السابقة. فخلال المباحثات الأخيرة في يونيو الماضي بين القوى الست وإيران، لم يستطع الطرفان التوصل إلى نتيجة مرضية لأن ما طرحه الغرب من وقف للتخصيب إلى درجة 20 في المئة، وإغلاق مفاعل فوردو للتخصيب، لم يقابله، على الأقل من وجهة النظر الإيرانية، ضمانات لتخفيف العقوبات المفروضة على قطاعي النفط والبنوك وباقي الأنشطة الإيرانية التي أدى الحظر عليها إلى انخفاض صادرات إيران النفطية من 4.2 مليون برميل يومياً إلى 2.6 مليون برميل، الأمر الذي أثر على عملة إيران التي انخفضت قيمتها بحوالي 80 في المئة. لذا فإن بعض الخبراء حالياً يحثون الغرب على تغيير استراتيجيته التفاوضية بطرح اتفاق شامل يمنح إيران ليس فقط تخفيف العقوبات، بل أيضاً إنهاء حالة العزلة السياسية التي تعانيها منذ سنوات مقابل وقف برنامجها النووي، أو على الأقل الجزء العسكري منه. وبحسب ما تنقله الصحيفة عن مسؤولين أميركيين، سيطرح الغرب نسخة معدلة للمقترحات السابقة خلال الجولة الجديدة من المباحثات تشمل تحفيزات أكبر لإيران علها تستجيب للمطالب الدولية وتجنب المنطقة حرباً هي في غنى عنها. أوباما وجونتنامو تناولت «واشنطن بوست» في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي موضوع معتقل جونتنامو الذي كان أوباما قد تعهد بإغلاقه قبل سنوات، دون أن يتمكن من ذلك بسبب ما تعتبره الصحيفة عرقلة الكونجرس المتحفظ على نقل المعتقلين للمحاكمة فوق التراب الأميركي، أو ترحيل المعتقلين الذين ثبت أنهم لا يمثلون تهديداً على الأمن الأميركي إلى بلدانهم الأصلية، لكن إدارة أوباما، ورغم تذرعها بالكونجرس في عدم إغلاق المعتقل، تستحق حسب الصحيفة الانتقادات اللاذعة التي وجهتها لها مؤخراً اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والسبب أن أوباما لم يلتزم ببعض التعهدات التي لا دخل للكونجرس فيها مثل استحداث نظام لمراجعة حالات المعتقلين وعرضهم على المحاكمة، لاسيما وأن العديد من هؤلاء معتقلون خارج إطار القانون. هذا النظام كان أول من بدأ العمل به بوش الابن في أواخر إدارته، حيث شرعت لجنة من الخبراء في مراجعة حالات المعتقلين للتحقق من مدى خطورتهم على الأمن الأميركي، وعندما جاء أوباما إلى البيت الأبيض وقّع أمراً رئاسياً في مارس عام 2011 يقضي بإنشاء لجنة لمراجعة حالات المعتقلين بشكل دوري، وهي اللجنة التي تنطوي على أهمية قصوى لمعرفة من يستحق من المعتقلين المحاكمة العسكرية، ومن يتعين إطلاق سراحه، لكن بعد مرور 21 شهراً على إنشاء اللجنة لم تبدأ عملها حتى اليوم، بل ما زالت معطلة دون أن يعلم أحد السبب. ومع أن الصراعات السياسية داخل الكونجرس والحساسيات المرتبطة بمعتقل جوانتنامو، حالت دون ترجمة القرار الرئاسي إلى أمر واقع من خلال مشروع القرار الذي أعده الكونجرس والقاضي بفرض قيود على محاكمة المعتقلين في أميركا، أو ترحيلهم إلى بلدانهم، فإنه إذا كان أوباما جاداً وصادقاً في إغلاق المعتقل فإن عليه، كما تقترح الصحيفة، إسقاط المشروع والتسريع في عملية ترحيل ما تبقى من المعتقلين، أو إخضاعهم للمحاكمة العادلة. وزير الدفاع المقبل وفي افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي سلطت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الضوء على الجدل الدائر في واشنطن بشأن ترشيح السيناتور السابق، تشاك هاجل، وزيراً للدفاع بعد التحفظ الذي أبدته جهات إعلامية وأخرى في أوساط الكونجرس، وكما نجحت الانتقادات التي تعرضت لها سوزان رايس في إبعادها عن منصب وزيرة الخارجية، يسعى البعض حسب الصحيفة إلى تكرار الأمر نفسه مع ترشيح تشاك هاجل ودفعه ربما إلى التخلي عن المنصب؛ وفي القلب من هذه الاعتراضات التي يثيرها البعض تورد الصحيفة ثلاثة دوافع أساسية: الأول أن هاجل يريد تقليص موازنة الدفاع، والثاني أنه كان ضد فرض عقوبات على إيران في الوقت الذي كانت فيه هذه الأخيرة تتدخل في العراق، وثالثاً ما يراه المعترضون موقفاً عدائياً تجاه إسرائيل. والحقيقة -تقول الصحيفة- إن هذه المبررات لا تستقيم، خاصة فيما يتعلق بالحجتين الأوليين؛ فميزانية الدفاع لا تهم هاجل فقط، بل سبق لأوباما نفسه أن أعرب عن قلقه بشأن انفلات تلك الموازنة وخروجها عن السيطرة، كما أن فرض عقوبات على إيران لا يدخل في اختصاصات وزير الدفاع ولن يؤثر تعيينه عليها. لكن هاجل معروف فعلا بتصريحاته المنتقدة للوبي اليهودي في واشنطن الذي تعتبره الصحيفة تصريحاً غير موفق بالنظر إلى أنه ليس كل اليهود مؤيدين لإسرائيل، كما نُقل عن هاجل تصريح سابق قال فيه: «أنا سيناتور أميركي ولست سيناتوراً إسرائيلياً"، وهو تصريح ترى الصحيفة أنه معقول للغاية بالنظر إلى اختلاف المواقف الأميركية الإسرائيلية بشأن عدد من القضايا؛ مثل الاستيطان في الضفة الغربية، هذا بالإضافة إلى الدور الفعلي الذي يلعبه اللوبي المدافع عن إسرائيل في أروقة الكونجرس وتجنب العديد من النواب إغضابه. وتخلص الصحيفة إلى أن تلك الاعتبارات كلها، والتي يسوقها المعارضون، لا تبرر إقصاء هاجل من وزارة الدفاع، وإذا كان أوباما مقتنعاً بالسيناتور السابق فعليه المضي قدماً في ترشيحه دون تردد. حماية الأطفال لم تستسغ صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» في افتتاحيتها ليوم الجمعة الماضي الدعوة التي وجهتها إحدى الجمعيات المدافعة عن حمل السلاح في أميركا بتسليح حراس المدارس لحماية الأطفال من حوادث إطلاق النار التي تزايد عددها في السنوات الأخيرة. وبالطبع فقد جاءت الدعوة على خلفية الحادث الدموي الذي تعرضت له إحدى المدارس بمدينة نيوتاون بولاية كونتيكات الأميركية وأسفر عن مقتل العشرات من الأطفال. فحسب الدعوة التي وجهتها الجمعية، وتسخر منها الصحيفة، تتعين الاستعانة بحراس مسلحين للوقوف أمام بوابات المدارس بدلا من الاكتفاء بحراس غير مسلحين، والهدف دائماً هو الأطفال، فبالمزيد من الأسلحة -تقول الصحيفة في نوع من السخرية المبطنة- يمكن حماية الأطفال! لكن الصحيفة تنتقد الجانب الآخر من المعادلة المتمثل في الهيئات المطالبة بوضع حد لتداول السلاح في أميركا، إذ في نظرها لا يمكن المس بحق أصيل في الدستور الأميركي بدعوى حماية الأطفال، لأن هذه الشريحة يتم الزج بها لتحقيق مصالح سياسية وتسجيل نقاط لصالح طرف على حساب طرف آخر. وتخلص الصحيفة من ذلك إلى أن الحل الأمثل يكمن في تربية الأميركيين في المدارس وفي جميع المؤسسات على احترام الحياة البشرية، وزرع القيم الرافضة لثقافة العنف وإيذاء الآخر، فبدون منظومة قيمية صلبة تقوم على تقدير الآخر، وبدون معالجة الاختلالات النفسية التي تدفع المراهق إلى حمل السلاح وإطلاق النار على زملائه في الصف، ستبقى المشكلة مستمرة في المدارس الأميركية. لذلك تتعين معالجة مشكلة التهميش النفسي والإحباط الذي تعيشه بعض الفئات الهشة بسبب الإعلاء من قيمة النجاح المادي على حساب النضج والاكتمال النفسي. إعداد: زهير الكساب