بعد حادث إطلاق النار المروع بمدرسة «ساندي هوك» الابتدائية في الرابع عشر من ديسمبر الحالي، بدت الولايات المتحدة التي ظلت طويلا ترفض فرض حظر على اقتناء وحمل الأسلحة الشخصية، على استعداد للتصرف حيال هذا الموضوع، كما أعلن أوباما أنه سوف يجعل من موضوع الأسلحة الشخصية في الولايات المتحدة قضيته الرئيسية خلال فترة ولايته الثانية. لكن قبل أن تقوم أميركا بمعالجة موضوع الرقابة على اقتناء واستخدام السلاح، دعونا نشرع في تفكيك بعض الجوانب الأسطورية في سوء الفهم حول مدى خطورة الأسلحة، وما الذي تستخدم فيه، وماذا يقول الدستور عنها. الأسطورة الأولى: الرقابة على السلاح قضية خاسرة بالنسبة للديمقراطيين. وفي مذكراته الصادرة عام 2004، كتب كلينتون يقول إن الديمقراطيين خسروا الكونجرس في انتخابات التجديد النصفي عام 1994 لأنهم كانوا قد مرروا قانوناً يحظر البنادق الهجومية ذلك العام. لكن الفحص الدقيق لتلك الانتخابات يظهر عكس ذلك؛ فالعديد من المرشحين الديمقراطيين لم يستطيعوا الاحتفاظ بمقاعدهم في الكونجرس بصرف النظر عن تأييدهم أو عدم تأييدهم لحظر البنادق الهجومية وبصرف النظر عن موقفهم من الرقابة على الأسلحة الشخصية. وهذا الدرس ليس جديداً، فمن المعروف في الانتخابات الأميركية أن نتائجها لا تتأثر بموضوع واحد أو قضية معينة. الأسطورة الثانية: البنادق تمثل السلاح الأكثر فتكاً في جرائم القتل. تحتل حوادث القتل بالبنادق الصفحات الأولى من الصحف، بينما تظهر الإحصائيات أن عدد الأميركيين الذين يموتون سنوياً بإطلاق الرصاص على أنفسهم بالبنادق أكبر من عدد من يقتلون بواسطة استخدام الغير لتلك البنادق. ففي عام 2009 مثلا لقى 11,500 أميركي مصرعهم برصاص البنادق التي أطلقها عليهم أشخاص آخرون، بينما بلغ عدد الأميركيين الذين لقوا مصرعهم بإطلاق النار على أنفسهم من أسلحة نارية 18 ألفاً. الأسطورة الثالثة: مدارس الولايات المتحدة تحولت إلى قاعات للرماية. ويمكن القول من دون مبالغة إن الغالبية العظمى من المدارس آمنة بدرجة كبيرة للطلاب، وربما أكثر أماناً من شوارع أحيائهم ومنازلهم. وتشير الإحصائيات إلى أن احتمال تعرض طفل للموت عن طريق هجوم عنيف يقع على مدرسته يبلغ واحداً في المليون. الأسطورة الرابعة: لوائح وقوانين السلاح لا تتماشى مع أرث أميركا في الأسلحة الشخصية. وعندما نستعيد صور المستوطنين في أميركا المستعمرة وصور الغرب المتوحش في القرن التاسع عشر، نستعيد صور رجال يدافعون عن أراضيهم وديارهم من الغزاة والمغيرين باستخدام السلاح. لكن عندما نتذكر ذلك ينبغي أن نتذكر أيضاً أنه وإن كان حمل السلاح واستخدامه في الولايات المتحدة أمر قديم فإن لوائح وقوانين حمل السلاح لا تقل قدماً، بدليل أن أحد المجالس المحلية في مدينة فرجينيا أصدر قانوناً عام 1619 يحرم بيع ونقل السلاح إلى أي شخص من سكان أميركا الأصليين ويهدد من يفعل ذلك بعقوبة الإعدام. الأسطورة الخامسة: كان الغرض من التعديل الثاني في الدستور حماية حق الأميركيين في الثورة ضد الحكومات المستبدة. ويوفر نظامنا السياسي وسائل سلمية للمواطنين يمكنهم من خلالها الشكوى والتظلم، تتراوح بين صناديق الانتخابات ومقاعد مجالس المحلفين في المحاكم وبين الحقوق المختلفة الممنوحة لهم، ومنها حقهم في التجمع والتعبير عن آرائهم. -------- روبرت جيه سبيتزر رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة ستيت- نيويورك -------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»