كان هذا عنوان دراسة عرضتها الأحد الماضي في المؤتمر الأول لجمعية الإمارات للتخطيط الاستراتيجي، والذي عقد في المجلس الوطني الاتحادي برعاية وحضور الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الرئيس الفخري لـ«جمعية تحقيق رؤية الإمارات 2021». وقد تناولت أوراق العمل التي عرضت في المؤتمر أبعاداً مختلفة، هي الأمن والاقتصاد والهوية الوطنية والتعليم. ومن خلال دراسة كل ما عُرض في المؤتمر، نجد أنه مرتبط بصورة مباشرة بالتعليم، فأبرز عمليات الخروج عن الأمن، تتم بسبب الفشل في سوق العمل والاقتصاد. الحديث القائم على المعرفة، يعود في جذوره إلى التعليم، وبلا شك أن الهوية الوطنية لن تغرس دون تعليم وطني له جذور راسخة في الانتماء الوطني للتاريخ واللغة، التي نفقدها يومياً في محافلنا التربوية. وقبل أن أقيم واقع التعليم في الإمارات، استعرض أهم الأهداف الاستراتيجية، التي ركزت عليها «رؤية الإمارات 2021 » وهي: تنشئة إماراتيين ذوي شخصيات متكاملة يغرس المعلمون فيهم قيم ديننا المعتدل وهويتنا الوطنية ومناهج وطنية متطورة تزودهم بمتطلبات النجاح في عصرنا كمهارات التفكير لتحقق نتائج متقدمة في الامتحانات الدولية الموحدة، والالتحاق بالتعليم العالي بتقليل نسب التسرب وتأمين فرص تعليم متساوية للجميع، تؤدي إلى نتائج متوازنة... كل ذلك تحت شعار المساواة التي أكدت عليها الرؤية عندما قالت يحظى الإماراتيون بفرص متساوية في الحصول على تعليم من الطراز الأول. فهل تعليمنا اليوم يحقق هذه الأهداف؟ بلا شك هناك تطوير في تعليمنا لا يستطيع العاقل أن ينكره، فمن يدرس حال التربية في الماضي ويقارنها بالحاضر، يجد أننا قطعنا شوطاً كبيراً في الاتجاه الصحيح. لكن «رؤية الإمارات 2021»، حددت محكات واضحة للتعليم في الدولة، لا يمكن تجاهلها، وقد رصدت عدداً منها، والتي تبين أننا بحاجة ماسة إلى جهد كبير لتحقيق ما اتفق عليه من أهداف فمثلا في اختبارات الالتحاق بجامعة الإمارات، وهي الجامعة العريقة في الدولة، نجد أنه في عام 2009 رسب 96 في المئة من الدفعة في اختبار تحديد المستوى في اللغة العربية، وهذا العام كانت نسبة الراسبين 65 في المئة، وفي مادة اللغة الإنجليزية رسب هذا العام 45 في المئة من الدفعة في مقابل 43 في المئة عام 2009. أما في الرياضيات، فبينما كانت نسبة الراسبين 54 في المئة عام 2009 أصبحت اليوم 37 في المئة، لا شك أن مثل هذه الأرقام تقول لنا إن مخرجات التعليم العام ما زالت بينها وبين متطلبات التعليم العالي فجوة بحاجة إلى التضييق كي نحقق «رؤية الإمارات 2021». وفي الاختبارات الدولية، نجد أن نتائج طلبة الإمارات أقل عن المتوسط العام العالمي بدرجات في مواد الرياضيات والعلوم واللغة، وهذا مؤشر آخر يدعونا للقلق. ومن المؤشرات الأخرى نسبة المعلمين المواطنين من مجموع المعلمين الذكور وهي 10.2 في المئة، فكيف نسد هذا الخلل، ومن جانب آخر، فإن عدد المدارس الحكومية هو 422 مدرسة تابعة لوزارة التربية، و303 مدارس يديرها مجلس أبوظبي للتعليم، فهل نحن فعلا بحاجة إلى جهتين للتعليم لهذا العدد من المدارس لو أضفنا إلى ذلك الفجوة التي نشأت عن هذه الهيكلة لإدارة التعليم في المناهج التعليمية والأدوار المناطة بالمعلمين، لأدركنا لماذا أوصى المؤتمر السنوي الأول لجمعية «إمارات 2021»، بتشكيل مجلس أعلى للتعليم في الدولة، لوضع معايير موحدة على مستوى وزارة التربية والتعليم والمجالس التعليمية.