تفاقم حالة الاستقطاب في مصر... وسوريا على حافة الحرب الأهلية المذبحة المروعة في «نيوتاون»، وتطورات الصراع في سوريا، والاستفتاء على الدستور في مصر، والتجاذب بين محكمة حقوق الإنسان في ستراسبورج والمحافظين البريطانيين، موضوعات استقطبت اهتمام الصحف البريطانية الصادرة هذا الأسبوع. دولة فاشلة تناولت «الأوبزيرفر» في افتتاحيتها يوم الأحد الماضي تحت عنوان «إطلاق النار في نيوتاون: عندما يتعلق الأمر بالأسلحة والعنف، فإن أميركا تشبه الدول الفاشلة» المجزرة المروعة التي قام بها شاب يبلغ من العمر 20 عاماً في مدرسة «ساندي هوك» الابتدائية الكائنة في مدينة «نيوتاون» بولاية كونيكتيكيت، وأسفرت عن مصرع 28 شخصاً من بينهم 20 طفلاً من تلاميذ المدرسة والشاب نفسه وأمه بالإضافة لستة آخرين بالغين. وترى الصحيفة أن ذلك الحادث وغيره من الأحداث المتشابهة التي تكررت في السنوات الأخيرة تثبت بما لا يدع مجالاً للشك الفشل الذريع للسياسات الأميركية في السيطرة على انتشار السلاح الشخصي، ومنع العنف. كما ترى أيضاً أن الحادث الأخير، على الرغم من بشاعته والأرواح البريئة التي راحت بسببه، يقدم فرصة نادرة للأميركيين شعباً ومسؤولين للتأمل الذاتي على نطاق واسع في أسباب ذلك الفشل ومغزاه، وكيفية علاجه، خصوصاً وأن تكرار تلك الأحداث بمعدل متسارع بدليل أن البلاد شهدت خلال عام واحد فقط عمليات قتل جماعي مروعة في معبد للسيخ، ومركز للتسوق ودار سينما، يمكن أن يدعو البعض لوصف الولايات المتحدة بالدولة الفاشلة بسبب الانتشار واسع النطاق للأسلحة الشخصية ومنها البنادق الهجومية المتطورة التي يستخدمها الجيش في أيدي الأفراد الأميركيين بلا ضرورة ملحة في معظم الأحيان وإلى درجة جعلت من معدل امتلاك الأسلحة الشخصية في الولايات المتحدة يفوق معدله في دولة مثل اليمن، التي تعتبر ثاني دولة في العالم من حيث امتلاك مواطنيها العاديين للسلاح. وترى الصحيفة أن الحادث يقدم فرصة نادرة لأوباما لتعديل قوانين حمل السلاح في الولايات المتحدة، حتى وإن كان ذلك بشكل تدريجي كما فعلت بعض الدول. واختتمت الصحيفة مقالها بالقول بأنه ما لم تقم الولايات المتحدة بالاعتراف بواقع فشلها في مواجهة انتشار الأسلحة الشخصية، وتعمل على مواجهة هذا الفشل، فإنها ستجد نفسها بشكل مستمر مضطرة إلى معاناة الآثار الناجمة عن تكرار مثل هذه الجرائم المروعة. مصير محتوم «سوريا والسقوط في وهدة الحرب الأهلية»، هكذا عنون «باتريك كوكبيرن» مقاله في «الإندبندنت» يوم الأحد الماضي، معلقاً على القرار الذي أصدره «مؤتمر أصدقاء سوريا»، الذي عقد بمدينة مراكش المغربية الأسبوع الماضي، والذي قرر فيه تأييد المعارضة على أساس أنها تمثل الطرف الطيب في القتال الدائر في ذلك البلد، والاعتراف من هذا المنطق بائتلاف المعارضة باعتباره الممثل الوحيد للشعب السوري. يرى الكاتب أن الأمر ليس كذلك على الإطلاق، وأن الفيديو المروع الذي انتشر على نطاق واسع في موقع «يوتيوب»، والذي يظهر قيام المتمردين بقطع رأس رجلين والتباهي بذلك العمل أمام الكاميرا، لا يدل على أن المعارضة تمثل الطرف الطيب، وأن الذي تشاهده أعداد متزايدة من السوريين سيؤدي حتماً إلى زيادة مخاوفهم من احتمال تدهور الأوضاع في بلادهم، وتحولها إلى حرب أهلية على غرار تلك الحرب التي احتدمت في العراق خلال عامي 2006 و 2007 على وجه التحديد. ومن وجهة نظر الكاتب، فإن مثل هذه الحوادث الفظيعة ستجعل أبناء الأقليات التي تعيش في سوريا وتجعل السنة ذاتهم من المؤيدين للنظام الأسدي، على يقين بأن انتصار المعارضة في الحرب الدائرة في سوريا حالياً، لن يجعل منها مكاناً آمناً لهم في المستقبل، مما يدفعهم إلى الدفاع عن وجودهم بأقصى ما يمتلكون من قوة أو الهرب من البلاد، وهو ما يؤدي لتحول القتال الدائر هناك حتماً إلى حرب أهلية لا تبقي ولا تذر. استمرار الأزمة يوم الأحد الماضي تحت عنوان« المعارضة المصرية تدعي حدوث تزوير في الاستفتاء على الدستور في حين يعلن الإسلاميون فوزهم»، كتب«إيان بلاك» مقالاً في عدد «الجارديان » علق فيه على نتائج الاستفتاء الذي جرى في مصر على مشروع الدستور الجديد، والذي انتهى بقبول 56 في المئة من المشاركين للمشروع ورفض 34 في المئة منهم. ويرى الكاتب أنه لو نجح «الإخوان المسلمون» في تحقيق الفوز في المرحلة الثانية من الانتخابات، وهو الأمر المرجح على اعتبار أن المحافظات السبع عشرة التي ستجري فيها الانتخابات في المرحلة الثانية معروفة بتعاطفها مع الإسلاميين، فإن ذلك سيعزز حظوظهم في الانتخابات البرلمانية التي ستجري في شهر نوفمبر المقبل، كما يرى أن البيان الذي أعلنته «جبهة الإنقاذ»، وادعت فيه أن النسبة الحقيقية للرافضين للدستور هي 66 في المئة حسب رصدها، واتهمت فيه الإسلاميين بالقيام بعمليات تزوير واسعة النطاق في الانتخابات، ودعوتها للاعتصام في ميدان التحرير وأمام قصر الاتحادية في مصر الجديدة، يعني أن التوتر القائم في مصر لن يخف في المدى القريب وأن حالة الاستقطاب الحاد في البلد سوف تظل على ما هي عليه، مما ينذر بأن الأزمة السياسية الخطيرة الحالية، سوف تستمر خصوصاً وأن ضآلة الفارق الذي انتهى به الاستفتاء لا يُمكّن مرسي من الادعاء بأنه قد نال تفويضاً من الشعب. ويرى الكاتب أن المعارضة المنقسمة على نفسها وغير المنظمة، قد انتهزت فرصة الأخطاء في التقدير الأخيرة التي ارتكبها مرسي وتذبذب قراراته، وقررت الإقدام على مغامرة تتمثل في رفع الرهانات وتصعيد الأزمة على الرغم من أن المطلوب منها في الوقت الراهن هو التركيز على توحيد صفوفها والاستعداد للانتخابات البرلمانية القادمة خصوصاً وأن نتيجة الاستفتاء والعديد من الدلائل تشير إلى أن التيارات الإسلامية قد فقدت الكثير من شعبيتها خلال الشهور الأخيرة. انتزاع السيادة «المحافظون يجب أن يصمموا على موقفهم في موضوع حقوق الإنسان»... كان هذا هو عنوان افتتاحية «ديلي تلجراف» يوم الأحد الماضي التي تناولت موقف حزب «المحافظين» البريطاني الحاكم من موضوع حقوق الإنسان. وترى الصحيفة أن حزب «المحافظين» قد ظل مقتنعاً لسنوات طويلة بأن الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان، قد انتزع صلاحيات البرلمانات، وأن المشكلة لا تكمن في الميثاق نفسه الذي قام حزب «العمال» البريطاني خلال فترة حكمه بإدماجه في القانون البريطاني تحت مسمى قانون حقوق الإنسان لعام 1998، بل تكمن في الطريقة التي يتم تفسيره بها من قبل القضاء في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورج، التي تقوم بشكل دائم بتضخيم الحقوق الممنوحة من قبل الدستور بطرق لم يتخيلها الخبراء الذين قاموا بصياغته وذكرت الصحيفة مثالا على ذلك وهو الحكم الذي أصدرته المحكمة بحرمان المساجين من التصويت في الانتخابات ـ وهو الحكم الذي تبناه البرلمان البريطاني- والذي ينتهك حقاً من الحقوق الأساسية لهؤلاء المساجين. يرى الكاتب أن الحكومة البريطانية ليس أمامها لمواجهة ذلك الحكم الجائر سوى خيارين: الخيار الأول هو تجاهل الحكم الصادر من محكمة ستراسبورج. الخيار الثاني يتمثل في البحث عن طريق للخروج عن سلطة وإملاءات محكمة ستراسبورج. لكن المشكلة التي تعترض طريق «المحافظين» في الأخذ بأي خيار من الخيارين في سبيل مواجهة حكم المحكمة، هي أن المحافظين يحكمون من خلال ائتلاف مع الديمقراطيين الليبراليين الملتزمين بالمحافظة على صلاحيات محكمة ستراسبورج والذين لا يرى زعيمهم «نيك كليج» ضرراً في الموقف الحالي الناتج عن حكم المحكمة بل وتجرأ على إعلان أن أية محاولة من جانب «المحافظين» للعبث بالميثاق ستكون نذيراً بانتهاء الائتلاف القائم. وترى الصحيفة أن ذلك الوضع يخلق فرصة لـ«كريس جرايلينج» وزيرة العدل البريطانية التي بمقدورها أن تستجيب للتقرير المذكور من خلال القول بشكل قاطع بأن «المحافظين» ملتزمون بتقليص نطاق تشريع حقوق الإنسان من أجل المحافظة على سيادة البرلمان البريطاني وأولويته. بيد أن هذا الموقف يمكن أن يواجه عقبات جمة إذا ما ظل «الديمقراطيون الليبراليون» على موقفهم، وبالتالي، ليس أمام «المحافظين» في نظر الصحيفة سوى تبيان موقفهم من خلال بيان واضح والتمسك به قبل الانتخابات القادمة بوقف طويل واعتباره بمثابة «مانيفيستو» يتعهد بتخليص البرلمان البريطاني العتيد من براثن صلاحيات محكمة ستراسبورج. إعداد: سعيد كامل