تشير الأرقام إلى أن عدد مستخدمي «مترو دبي» منذ افتتاحه في سبتمبر 2009 حتى نهاية شهر نوفمبر الماضي تجاوز 213 مليوناً و354 ألف راكب، وشهد العام الجاري نمواً كبيراً في عدد الركاب، إذ يبلغ المتوسط اليومي لعدد الركاب نحو 350 ألف راكب، وذلك بحسب تصريحات رئيس مجلس الإدارة، المدير التنفيذي لهيئة الطرق والمواصلات في دبي، وسط توقّعات بزيادة عدد الركاب في الفترة المقبلة، وهو ما يكشف عن مؤشرات إيجابية مهمة تعكس، في جانب مهمّ منها، تحسّن الوعي العام في دولة الإمارات العربية المتحدة تجاه استخدام وسائل النقل الجماعي، وهو الأمر الذي ينطوي على مردود إيجابي في ظل تعدّد مزايا استخدام هذا النوع من النقل، ولا سيّما أن سنوات قليلة تفصل بين دولة الإمارات وإطلاق مشروعها الاستراتيجي المهم «قطار الاتحاد»، وهو المشروع الذي سيسهم عند بدء تشغيله في عام 2018 بتوفير الكثير من فرص العمل، فضلاً عن نتائجه وآثاره الإيجابية الكثيرة في النمو الاقتصادي بوجه عام ومنظومة النقل بوجه خاص. وتبرز أهمية النقل الجماعي مع ارتفاع عدد السيارات في الدولة بشكل مطّرد في ظل زيادة عدد السكان، ففي إمارة أبوظبي، على سبيل المثال، بلغ عدد المركبات الجديدة المسجّلة العام الماضي 146 ألفاً و348 مركبة، فيما بلغ إجمالي عدد المركبات المجدّدة 510 آلاف و287 مركبة، وفقاً لإدارة ترخيص الآليات والسائقين في شرطة أبوظبي، وقد أدى ذلك إلى زيادة حالة الازدحام المروري التي تشهدها الدولة ولا سيّما في أوقات الذروة، ناهيك عن ارتفاع نسبة الحوادث والخسائر المادية والبشرية من جرّاء هذه الحوادث. فمن الناحية الاقتصادية بلغت تكاليف الحوادث المرورية على مستوى الدولة خلال الفترة من عام 2009 إلى عام 2011 نحو 17 مليار درهم أو ما متوسطه 1.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للدولة للفترة ذاتها، ونتج عن الحوادث، التي بلغ عددها في عام 2011 فقط 6700 حادث، 7808 إصابات، فيما تسبّبت بمقتل 720 شخصاً، كما جاء في تقرير أعدّته إدارة الدراسات في دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي بعنوان (الآثار الاقتصادية والاجتماعية لحوادث المرور في الدولة). وكشف التقرير المُشار إليه أيضاً عن أن غالبية ضحايا الحوادث المرورية من الفئة العمرية الشابة، الأمر الذي ينطوي على تداعيات سلبية خطِرة على مسيرة التنمية في الدولة وطموحاتها في التطور والتقدّم إلى الأمام، لأن الأمر يتعلق بالفئة الأكثر إنتاجاً اقتصادياً، التي تمثّل عماد التقدم والتنمية في المجتمعات المختلفة، وهي فئة الشباب. جانب آخر سيعود بالنفع على الدولة جراء استخدام منظومة النقل الجماعي، ففي الوقت الذي تتجه فيه دولة الإمارات نحو تطبيق «النقل المستدام» في إطار تفعيل السياسات المتعلقة بحماية البيئة وخفض نسبة التلوث، يأتي استخدام النقل الجماعي كأحد الحلول المهمة لتحقيق هذا الهدف، فخفض استخدام النقل الخاص يعني بالضرورة الإسهام في انخفاض تلوّث الهواء عبر التقليل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، باعتبار أن قطاع النقل هو أكثر القطاعات المنتجة لانبعاث الغازات الدفيئة، ومن ثم تحقيق أهداف الدولة في إيجاد بيئة نظيفة ضمن رؤية التنمية الشاملة التي تتبنّاها. في ضوء كل ما سبق ومن منطلق الوعي بأهمية النقل الجماعي ودوره في إطار رؤية التنمية الشاملة، تبدي دولة الإمارات اهتماماً ملحوظاً به وبتنظيمه والتشجيع على استخدامه. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية