مؤشرات انتصار الثورة السورية... وإشارات تغيير في الزعامة الإيطالية المشكلات التي تواجه رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي، وقرب سقوط النظام السوري، وعودة التصعيد إلى منطقة بحر الصين، ثلاثة موضوعات دولية استقطبت اهتمام الصحافة الفرنسية منقذ إيطاليا اعتبرت صحيفة لوموند في مقال للكاتب «فيليب ريديه» حول تجاذبات الحالة السياسية الإيطالية خلال الأيام الماضية أن كل المؤشرات التي سجلت مؤخراً تؤشر إلى احتمال مغادرة رئيس الحكومة الحالي ماريو مونتي، وربما عودة الزعيم المخضرم، المثير للجدل سيلفيو برلسكوني، وذلك لتواتر الإشارات الدالة على عزم مونتي التخلي عن منصبه، في أفق الاستعدادات المحمومة للانتخابات العامة المقررة في ربيع العام المقبل. وإذا صدقت هذه التوقعات فلاشك أنها ستقدم دليلاً آخر على حجم المشكلات التي واجهها مونتي، الذي تسلم السلطة قبل عام دون أن يكون منتخباً وإنما عيّنه رئيس الجمهورية الإيطالية، ومنذ ذلك الوقت وهو يواجه طواحين هواء الأزمة المالية والاقتصادية، وتداعياتها الصعبة على الاقتصاد الإيطالي، وسط عدم فاعلية جهود نظرائه من الزعماء الأوروبيين الآخرين، وأيضاً في خضم من الشكوك والهمس الخفي من قبل الأسواق والبنوك بشأن أداء الاقتصاد الإيطالي، وتآكل فرص تفاديه سقوطاً حقيقياً، هذا على رغم اعتراف الجميع بحجم الجهود الملموسة والتدابير المحسوسة التي اتخذها مونتي. واستعرض الكاتب في سياق مقاله بعض ما ورد من تفسيرات للمأزق الإيطالي الراهن معتمداً على ما جاء في كتاب صدر قبل أيام لغويوم ديلاكروا مراسل صحيفة «ليزيكو» الاقتصادية الفرنسية في روما، وعنوانه: «سر ماريو مونتي». وكما يمكن أن نتوقع فقد كان في مقدمة ذلك الحديث عن أسباب انهيار «نظام برلسكوني» السابق، بكل ما اكتنفه من تخبط ومآزق قضائية وأخلاقية. ولذا فإن من الضروري لمن أراد فهم سبب أو سر انسداد الآفاق الآن في روما أن يستعيد الأسباب التي دعت أصلاً لمجيء رئيس المجلس الحالي ماريو مونتي قبل عام، فقد كانت جميع الآمال معلقة عليه كمنقذ محتمل للبلاد، وخاصة أنه أستاذ اقتصاد محنك، وسياسي معروف بالاستقامة الأخلاقية والدينية، ولذلك فقد استقبلت قراراته وتدابيره الأولى بكثير من الارتياح. وبسرعة تمكن مونتي من بناء رصيد من الثقة والمصداقية لبلاده في وجه شركائها وأمام العالم، وهو الرصيد الذي أفقدها إياه برلسكوني. ولذلك فإن الصورة الإيجابية التي يحظى بها مونتي الآن بين مواطنيه، وفي الخارج أيضاً، عظمها ماضي سابقه برلسكوني المثير للجدل والاستهجان وصاحب الإخفاقات السياسية والاقتصادية المعروفة. وعلى العموم، لاشك أن ظروفاً كثيرة عرقلت مهمة مونتي الذي جاء حاملاً وعداً بـ«تغيير نمط حياة الإيطاليين». وهو إن كان وصل إلى سدة رئاسة الحكومة بالتعيين ولم ينتخب أبداً إلا أن مؤهلاته وقدراته هي ما جعل سقف التوقعات المنتظرة منه عالياً، ولذلك نظر إليه منذ البداية باعتباره «منقذ إيطاليا» المنشود. وإن لم يتمكن من تحقيق كل تطلعاته ورؤاه بشأن انتشال شبه الجزيرة الإيطالية من مشكلاتها الاقتصادية المزمنة، فقد طبع عليها بصمته الإيجابية، على كل حال. وقد حققت بالفعل سياساته التقشفية نتائج ملموسة، كما أثبتت أنه قادر على تنفيذ رؤاه النظرية، البعيدة عن الوثوقية، على أرض الواقع. سوريا: مسألة أسابيع تحت هذا العنوان نشرت صحيفة لوفيغارو مقالاً نقلت في مستهله عن وزير المالية العراقي قوله إن انهيار نظام الأسد يمكن ألا يتجاوز أسابيع معدودة، وهو تصريح بالغ الدلالة والأهمية من وزير حرصت حكومته حتى الآن على عدم اتخاذ أي موقف معلن فيما يتعلق بالصراع السوري. ذلك أن ثمة «تسارعاً للاهتمام بسوريا من قبل المجتمع الدولي... وهنالك مخاوف حقيقية بشأن موضوع استخدام الأسلحة الكيميائة»، بحسب ما صرح الوزير رافع العيساوي للصحيفة، على هامش اجتماع مع صندوق النقد الدولي في عمان، وقد استطرد موضحاً معنى كلامه «عندي شخصياً انطباع بأن... التغيرات (في سوريا) ستقع في وقت قريب»، وسبب هذا الاعتقاد أن «المعارك محتدمة الآن حول مطار دمشق... وعندنا اعتقاد بأن الأمور أخذت تتسارع». واعتبرت الصحيفة أن الوزير العراقي، وهو سُني المذهب مثل معظم فصائل الثوار السوريين، يشير إلى أن وصول المعارك إلى العاصمة دمشق دليل على أن عملية انهيار النظام باتت وشيكة، تزامناً مع تكثيف تحركات المجتمع الدولي لطي صفحة نظام الأسد. وقد جاءت تصريحات الوزير العراقي متوافقة أيضاً مع ما نقل عن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، الذي تعتبر بلاده هي الحليف الأكبر لنظام دمشق، حيث صرح هو الآخر بأن نظام الأسد بدأ يفقد السيطرة على البلاد شيئاً فشيئاً، ومن ثم فإن انتصاراً محتملاً للمعارضة في هذا الصراع لم يعد مستبعداً. وكذلك صرح الأمين العام لحلف «الناتو" أندرس راسموسن بأن نظام الأسد «موشك على الانهيار»، وبأن ذلك «ليس سوى مسألة وقت». وفي سياق متصل نشرت صحيفة ليبراسيون تحليلاً سياسياً حول تسارع مؤشرات الانهيار الوشيك لنظام الأسد، مؤكدة أن قرار مؤتمر أصدقاء سوريا الأخير في مراكش قد دعم عملية انتقال السلطة في دمشق بخطوة بالغة الأهمية من خلال اعتراف عدد كبير جداً من دول العالم بائتلاف المعارضة السورية باعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري، وهي خطوة كانت فرنسا أول من اتخذها في شهر نوفمبر الماضي، وتبعتها تركيا وبريطانيا. والملفت أن الولايات المتحدة التي كانت تعطي إشارات محسوسة على أنها لم تصبح جاهزة بعد لاتخاذ خطوة دعم مهمة كهذه، وجدت نفسها في النهاية مضطرة للانضمام إلى صفوف حلفائها قبل أسابيع، وهو ما دعم مؤتمر مراكش بشكل كبير. غير أن هذه الخطوة الأميركية، على أهميتها، ما زالت لم تمكن بعد ائتلاف المعارضة من وضع يده على السفارات السورية، والودائع في الخارج. كما أن إدارة أوباما قبل أن تعبُر خط الاعتراف بالمعارضة السورية بادرت بوضع «جبهة النصرة» السورية على قائمة المنظمات الإرهابية حسب التصنيف الأميركي، وذلك لاعتقادها الخاص بأن تلك الجبهة امتداد لفرع تنظيم «القاعدة» في العراق. غير أن الإرهابي الحقيقي في سوريا ليس «جبهة النصرة» وإنما هو نظام بشار الأسد، بحسب ما تنقل ليبراسيون عن معارضين سوريين، مثل رضوان زيادة الذي يعتقد أن وضع «جبهة النصرة» في قفص الاتهام لم يكن «إجراء حكيماً»، لكون هذه المجموعة لا تدبر أية أعمال عنف خارج الأراضي السورية. وفي الأخير يذهب هذا المعارض السوري المقيم في واشنطن إلى أن الخطوات الدبلوماسية المهمة التي اتخذتها أميركا وحلفاؤها الغربيون تظهر بجلاء شلل تحركات بقية المجتمع الدولي، تجاه معاناة الشعب السوري. التجاذب الصيني- الياباني صحيفة لوموند نشرت مقالاً بعنوان «دق الطبول في بحر الصين» قالت فيه إن تلك المنطقة من العالم تحولت الآن إلى ساحة لكافة المخاطر الممكنة. وأكثر من هذا أن التجاذب الراهن يقع في آسيا وهي في قمة عنوان صعودها الاقتصادي، حيث عادت الحساسيات والعداوات والتنافسات القديمة لتطل برأسها من جديد. والأشد خطورة أن ثمة تصعيداً صامتاً آخر بين مختلف القوى الدولية والإقليمية المؤثرة في المنطقة، وعلى رأسها الصين وجارتها ما وراء الباسيفيكي الولايات المتحدة. ومن المعروف أن هذه المنطقة عرفت خلال القرن العشرين كثيراً من الحروب والمجاعات، وإن كانت عرفت أيضاً خلال العقود الأخيرة قصة إعادة بناء وصعود اقتصادي باهرة. والأكثر جدارة بالاهتمام هنا هو الصين خاصة، التي عرفت كيف تتخلص من عهد التقوقع على الذات لتصبح الآن إحدى القوى الدولية الكبرى، إلى درجة تمكنت معها من انتزاع تاج الاقتصاد الثاني العالمي من على رأس منافستها اليابان. وبعد استعراض أوجه الصراع بين الصين واليابان خاصة حول الجزر المتنازع عليها، ومن وراء ذلك حول أوجاع الذاكرة وتنافسات الدور والمكانة الإقليمية والدولية، تذهب الصحيفة إلى أن القيادة اليابانية الجديدة تطمح إلى بناء جيش عادي بعد التخلص من عوائق الدستور بهذا الصدد، وهو ما سيؤدي إلى عودة اليابان كقوة عسكرية إقليمية كبيرة، وهذا يعني، مرة أخرى، زيادة مخاطر التصعيد الراهن والمقبل بين طوكيو وبكين، وفي عموم منطقة بحر الصين. إعداد: حسن ولد المختار