بعد فترة وجيزة من انفجار قنبلة في ديرة إسماعيل خان، وهي مدينة في مقاطعة خيبر باختونخوا بباكستان، يوم 23 نوفمبر، حيث قتل سبعة أشخاص، حاول حسن زيدي، وبشكل يائس، الاتصال بمنزله من «راولبندي» ليطمئن على صحة عائلته. كان ذلك هو الشهر الأول من التقويم الهجري، شهر محرّم، عُندما يرثي المسلمون، وخاصة الشيعة منهم استشهاد الحسين، حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم عبر مسيرات ومهرجانات وتجمّعات عامة. مع تعليق خدمة الهواتف الخلوية لإحباط الهجمات الإرهابية، مضت بضع ساعات قبل أن يعرف «زيدي» أن الجميع بخير. أتى ذلك بارتياح شديد لرجل فقد 22 فرداً من أسرته الممتدة في هجمة انتحارية طائفية عام 2008 في بلدته الأصلية على الضفة الغربية لنهر الإندوس في مقاطعة خيبر باختونخوا. يبرز هذا الحدث التوترات الطائفية الموجودة في باكستان، حيث يستهدف المسلمون المسلمين. لدى الطوائف السُنية والشيعية المسلمة تفسيرات مختلفة للتاريخ السياسي المبكّر للإسلام، وكانت هناك فترات من الهدوء النسبي والتناغم، وكذلك فترات من انعدام الثقة والعنف. وحسب «بوابة الإرهاب في جنوب آسيا»، قتل 425 شخصاً في 149 حادثة من العنف الطائفي هذه السنة وحدها في باكستان. قلب العنف الطائفي حياة «زيدي» رأساً على عقب. أهله ليسوا على استعداد بعد لترك بلدة أجدادهم في ديرة إسماعيل خان والعيش معه في «راولبندي»، ولم يعد «زيدي» إلى بلدته، التي تبعد مسافة ست ساعات بالسيارة من «راولبندي»، منذ عام 2007 بسبب هذا العنف. إلا أن «زيدي» يتذكر وقتاً كان فيه الشهر الأول للتقويم الإسلامي سلمياً، وعندما شارك الجميع في الاحتفالات والمناسبات الدينية. كان أصدقاء والده السنّة يزورون منزله لحضور الصلوات. «كان من العادي في تلك الأيام الصلاة في مساجد وقاعات احتفال بعضنا بعضاً». ليس «زيدي» هو الشخص الوحيد الذي يستذكر أيام التناغم الطائفي والاجتماعي. يتذكّر الصحفي الباكستاني البارز «وساط الله خان» في عمود كتبه مؤخراً على موقع «بي بي سي» باللغة الأردية كيف احتفلت أمه وأبوه وجدته بالأيام العشرة الأولى من شهر محرم مع جيرانهم الشيعة، يخططون معاً ويطبخون اليخنة مع اللحم والعدس وينصتون إلى الخطب الدينية التي تستذكر معركة كربلاء حيث قتل الحسين. وتظهر مقالته الساخرة أن ما كان يعتبر سلوكاً اعتيادياً من قبل كافة الطوائف، يعتبر «انحرافاً مروعاً» في مناخ اليوم المستقطب. ويقول «زيدي» أن خسائر العنف الطائفي خلال السنوات العشرين الماضية تظهر في التناغم الاجتماعي، وأن الفجوة غير المحسوسة قد أصبحت واضحة. «نحن مترددون في أن نتحدث ونجد سبيلاً للخروج من هذا الجنون». يناقش مظهر عريف، المدير التنفيذي لـ«جمعية الإعلام البديل والبحوث»، معترفاً أن عقدين من العنف الطائفي نجحا في إيجاد صدع اجتماعي، أننا لم نفقد كل شيء بعد. «الأمر الذي يجب أن نتذكره هو أن العنف الطائفي لم يتحول إلى أعمال فوضى طائفية، لأن الروابط الاجتماعية ما زالت قوية». على سبيل المثال، وفي «ملتان»، وهي مدينة في جنوب البنجاب، ما زال يحضر استعراضات محرم كل من السنة والشيعة الذين يؤمنون بأن الفروقات بينهم ليست صعبة لدرجة أنه لا يمكن التغلب عليها. ويعتقد نعيم مالك، وهو أكاديمي يقيم في «راولنبدي» أن الخلافات الطائفية جرى استغلالها عبر التاريخ. في الوقت نفسه، يقول أن الطائفتين، رغم جميع خلافاتهما، عاشتا معاً بسلام. «يتوجّب علينا اعتناق التنوع والتعددية». --------- داود مالك مدير مشروع إصلاح برلماني في إسلام آباد --------- ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية