تثير قضية قرار البرلمان الأوروبي الصادر في 26 أكتوبر 2012 بشأن ممارسات سلبية مزعومة لحقوق الإنسان في الإمارات، التي استطاعت مجموعة مجهولة لدى شعب الإمارات إثارتها لدى بعض أعضاء البرلمان الأوروبي، استهجاناً واستنكاراً واسعين في الأوساط الشعبية الإماراتية، التي لا تزال مستغربة من تصرف تلك المجموعة، وتتساءل عن الأسباب التي دفعت بهم إلى إثارة موضوع مغلوط كالذي أثاروه في خارج أراضي الدولة. التعجب يأتي من أن تلك المجموعة خرجت عن التقاليد والأعراف والممارسات السوية التي درج عليها مواطنو هذه الدولة الأصلاء منذ مئات السنين عندما تبرز أمامهم مشكلة أو قضية يريدون تسويتها، وهي مفاتحة بعضهم البعض بالموضوع أولاً والتحاور حوله مباشرة، أو اللجوء إلى أولي الأمر وإخطارهم بوجود المشكلة، وبأنه يستلزم حلها بالطرق والوسائل الحكيمة التي يرونها. هكذا درجت العادات والتقاليد والأعراف التي سار عليها الأسلاف، ولا زلنا نسير عليها، ولم نتعود اللجوء إلى أطراف أجنبية تجهل نظامنا الاجتماعي والسياسي وإرثنا الديني ونطلب منها حل مشاكلنا. ومرة أخرى، أشير إلى أن ما قام به البرلمان الأوروبي تجاه بلادنا لم ولن يغير من الحقيقة في شيء، لأن المعلومات التي وصلت إلى أعضائه الذين تبنوا المسألة وأخرجوها بالصورة السلبية التي ظهرت بها، خاطئة ومغلوطة ولا تقوم على الحقيقة في شيء. لذلك فإن الأمر بالنسبة لنا ليس مهماً إلى الدرجة التي يتخيلنا بها من قاموا بالإساءة إلينا سواء كان ذلك بقصد أو بدون قصد. وربما أن الأمر بالنسبة للاتحاد الأوروبي أكثر سلبية، فما اتخذه برلمانهم من قرار يتناقض مع آليات وأهداف اتفاقية التعاون المبرمة عام 1989 بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي، ومع برنامج العمل المشترك الخاص بتنفيذ تلك الاتفاقية، الذي يؤكد على سيادة دول المجلس الوطنية وعلى مراعاة الخصوصية الوطنية لكل دولة وفقاً لدستورها وقوانينها ونظمها ولوائحها الوطنية. الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لنا هو استراتيجيتنا الإعلامية والدعائية تجاه كافة الشعوب الأوروبية على أرض الواقع الأوروبي وليس من خلال مجموعة من النواب في البرلمان الأوروبي الذي كان بإمكان مجموعة مجهولة ذات أهداف ومصالح خاصة، القيام بتضليلهم وإيصال معلومات مغلوطة إليهم بطريقة مغرضة ومخطط لها بإحكام من قبل جماعات لها أهدافها المبيتة. الاستراتيجية التي يمكن للإمارات اتباعها تجاه المجتمعات الأوروبية، يجب أن تقوم على أساسين: الأول، هو أن ما نوصله إلى تلك الشعوب يقوم على الحقائق الثابتة. والثاني، أن يكون ما يصل إليهم نتاجاً للمعرفة التي لدينا عن بلادنا وما يدور فيها. ولثقتنا التامة بأنفسنا ومواطنينا الذين يقومون بإيصالها إلى الآخرين. وطرحنا هذا لا ينطلق من فراغ، بل من معرفة وثيقة بالمجتمعات الغربية، فهذه المجتمعات ليست جاهلة أو متخلفة، لكنها ذات تعليم مرتفع وتثقيف حول القضايا التي تريد الخوض فيها انطلاقاً من مصالحها الوطنية، وبدرجة عالية. إن أية قضية تثار أمام العامة الأوروبية لا تمر مرور الكرام، فهي دائماً ما تعمل على الأخذ بأفضل السبل لكي تعرف الحقيقة حولها، وإذا ما وصلتها الحقيقة فإنها تقوم بردود الأفعال والمبادرات المناسبة تجاهها. وبالنسبة لقضية الخطأ الذي ارتكبه برلمان الاتحاد الأوروبي تجاه الإمارات دون وجه حق وبالاعتماد على معلومات خاطئة، فمن المتوقع لردود أفعال الشعوب الأوروبية إذا ما وصلتها الحقيقة بوسائل صحيحة، هي أن تقوم بتجاهل ما ورد من مغالطات في قرار البرلمان الأوروبي أولاً، ثم بعد ذلك بالتصويت السلبي ضد الأعضاء الذين تبنوه. لكن تحقق ذلك يعتمد على ما نقوم به نحن من جهود من خلال استراتيجيتنا الإعلامية والدعائية المحكمة في أوروبا.