بناء التوافق خيار مصر الوحيد ... وجائزة غير مستحقة للاتحاد الأوروبي احتدام الأزمة السياسية في مصر، وحصول الاتحاد الأوروبي على جائزة نوبل للسلام، ومحاولة بيرلسكوني العودة إلى المشهد السياسي في إيطاليا، وتكتيكات الأسد من أجل البقاء في الحكم، موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن عرض أسبوعي للصحف البريطانية. المخرج من الأزمة في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي، وتحت عنوان «مرسي يجب أن يعمل من أجل بناء التوافق»، تناولت «الأوبزيرفر» الأزمة السياسية المحتدمة في مصر، ورأت أنه على الرغم من أن الثورة المصرية، نجحت في تحقيق هدفها المباشر وهو الإطاحة بنظام «مبارك»، فإن تحقيق الهدف التالي لذلك، والأكثر أهمية، وهو بناء نظام ديمقراطي قابل للاستمرار ومقبول من غالبية المصريين يبدو أكثر صعوبة بكثير، وهو ما يرجع إلى استحالة بناء المؤسسات الموثوق بها بين عشية وضحاها، وإلى حقيقة أن المصالح التي ارتبطت بالنظام القديم لم تختف بمجرد زواله، وإلى أن السياسيين لم يصبحوا فجأة أكثر أمانة عما كانوا عليه. وأشارت الصحيفة إلى التوتر القائم في مصر بين الإسلاميين والعلمانيين، والذي وصل إلى ذروته الأسبوع الماضي، الذي شهد اندلاع مصادمات دموية استخدمت فيها أسلحة نارية وقنابل مولوتوف وحجارة، أسفرت عن قتلى وجرحى بين الطرفين، وعجزت قوات الشرطة والجيش عن احتوائها. ورأت أنه على الرغم من تلك الصدامات المؤسفة إلا أن المصالحة ما زالت ممكنة، بشرط أن يعمل الرئيس المصري على الوفاء بوعده بتعديل المواد المثيرة للجدل في نسخة الدستور المقترح من دون إبطاء، فالسعي لتمرير دستور من خلال لجنة تأسيسية يسيطر عليها الإسلاميون وحلفاؤهم ليست هي الطريقة المثلى أو المعقولة لبناء مصر جديدة. ويجب أن يتخلى عن أسلوبه في إلقاء اللوم على أي صعوبة يواجهها، على فلول النظام السابق، أو نسبتها لمؤامرة خارجية تدعم طابوراً خامساً يسعى لتقويض تجربة «الإخوان المسلمين» في الحكم كما يتوهم، وأنه يتعين عليه بدلاً من ذلك العمل على إدانة العنف، وخصوصاً الذي يرتكبه مؤيدوه والبدء في إجراء تحقيقات جدية عن المسؤولين عن تطور الأحداث على ذلك النحو العنيف الذي شهدته مصر خلال الأسبوع المنصرم، والذي لا يبشر بالخير لمستقبل البلاد. جائزة غير مستحقة وتحت عنوان «الاتحاد الأوروبي يحصل على جائزة لكونه بعيداً عن الإحساس بنبض الواقع»، أشارت «ديلي تلجراف» في مقالها الافتتاحي يوم الأحد الماضي إلى أن منح جائزة نوبل للسلام للاتحاد الأوروبي في حفل أقيم الأحد في العاصمة النرويجية أوسلو لـ«جلبه عقوداً من السلام بعد الأهوال التي شهدتها أوروبا خلال حربين عالميتين، ولدوره في تعزيز المصالحة والديمقراطية وحقوق الإنسان في القارة» قد قوبل بانتقادات شديدة من قبل عدد من الشخصيات التي حصلت على تلك الجائزة من قبل من أبرزها القس «ديزموند توتو» التي ترى أن الاتحاد الأوروبي لم يكن أبداً «داعية للسلام» بدليل ما حدث في حرب البلقان التي لقي فيها عشرات الآلاف من البشر مصرعهم، بسبب فشل الاتحاد في التصرف وعدم قدرة أعضائه على تحقيق أي نوع من الوحدة في العمل عقب انهيار يوغسلافيا السابقة منذ عقدين من الزمن. ولم يكن هذا هو السبب الوحيد لانتقاد منح الجائزة للاتحاد وإنما كانت هناك أسباب أخرى من أهمها أن المشروع السياسي الوحيد الذي يتباهى به الاتحاد وهو إقامة نظام العملة الموحدة لم يسفر سوى عن توليد المزيد من مشاعر العداء بين الدول الأعضاء في الاتحاد على نحو لم يشهده منذ أن كان لا يزال عبارة عن سوق مشتركة منذ خمسة وخمسين عاماً. وكل ذلك في نظر الصحيفة، غاب عن المسؤولين الكبار في الاتحاد وهم يتسلمون الجائزة التي اعتقدوا أن الاتحاد جدير بها، وهو ما يكشف عن حجم الفجوة التي تفصل بين النخبة الحاكمة في بروكسل وباقي مواطني الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم 500 مليون مواطن، وهي الفجوة التي تدعو هؤلاء المواطنين- وعلى وجه الخصوص في بلد مثل بريطانيا- إلى طرح أسئلة عميقة حول مستقبل تجربة الاتحاد. وأشارت الصحيفة في هذا السياق إلى تصريحات بعض المسؤولين البريطانيين مثل «بوريس جونسون» عمدة لندن الذي كرر السبت الماضي الدعوة إلى إعادة التفاوض حول شروط عضوية بريطانية في الاتحاد والمتعلقة بإقامة علاقة فضفاضة بدرجة أكبر بكثير، مما هو موجود حالياً تركز في الأساس على السوق الموحدة... وليام فوكس وزير الدفاع السابق، والذي أدلى بتصريح دعى فيه «ديفيد كاميرون» لصياغة علاقة «واضحة» تجاه أوروبا ووضعها موضع التنفيذ خلال عام من الآن، ودعت من جانبها رئيس الوزراء البريطاني، في خطابه القادم، لتوضيح ملامح العلاقة الجديدة التي يتخيلها لبلاده مع الاتحاد الأوروبي ونوعية الإجراءات التي ينوي القيام بها، إذا لم يتمكن من تحقيق تغيير ملموس في تلك السياسة، لأن بقاء الوضع الحالي لا يجب أن يمثل خياراً مطروحاً على الناخبين في أي استفتاء يتم إجراؤه بشأن علاقة بلاده مع الاتحاد. تكتيك جديد كتب «باتريك كوكبيرن» مراسل «الإندبندنت» في دمشق مقالًا في عدد الصحيفة يوم الأحد الماضي تحت عنوان «استراتيجية جديدة للأسد تبقي الثوار خارج أبواب دمشق»، رأى فيه أن انسحاب القوات السورية النظامية من بعض مواقعها ليس سوى تكتيك يتبعه الأسد يقوم بموجبه بسحب قوات جيشه من المناطق التي يعتقد أنها غير قادرة على الدفاع عنها، وإعادة نشرها في مواقع تمثل أهمية حيوية لتعزيز قبضة نظامه على العاصمة وغيرها من المدن المهمة التي يرى أنها قادرة على الصمود أمام هجمات المعارضة. من هذا المنظور يرى «كوكبيرن» أن الهجمات التي شنتها المعارضة في دمشق قد فشلت في تحقيق الأهداف التي كانت تتوخاها، وأن ذلك يؤشر على أن الصراع الدامي في ذلك البلد قد يستغرق وقتاً أكثر مما هو متوقع بكثير سواء في الدوائر الغربية أو في غيرها التي رأت أن قيام قوات المعارضة بشن هجمات في العاصمة دمشق يعد مؤشراً على أن السقوط النهائي لنظام الأسد قد بات قاب قوسين أو أدنى. ادعاء زائف «إيطاليا وعودة المومياء»... هكذا عنونت «الجارديان» مقالها الافتتاحي يوم الاثنين الماضي حول سعي رئيس الوزراء السابق سيلفيو بيرلسكوني العودة لسدة الحكم مجدداً، والذي بدأته بالقول إنه رغم أن مواهب بيرلسكوني السياسية لم توظف في أي وقت من أجل تحقيق مقاصد وأهداف جدية وأنه كان قادراً، مع ذلك، وعلى نحو متكرر، على إعادة تقديم نفسه في صورة جديد وتحقيق الفوز في الانتخابات، إلا أن الأمر سيكون مختلفاً هذا المرة لأن استطلاعات الرأي تشير أن بيرلسكوني لن يتمكن من الحصول على أكثر من عشرين في المئة مقابل ثلاثين في المئة للحزب «الديمقراطي» المنتمي لتيار «يسار الوسط» في حين تتوزع باقي الأصوات بين حركة الخمس نجوم التي يتزعمها السياسي الشعبوي «بيبي جريلو» وعدد من الأحزاب السياسية الأصغر. وترى الصحيفة أن القرار الذي اتخذه بيرلسكوني بسحب دعمه لحكومة «ماريو مونتي» سيؤدي لتقديم موعد الانتخابات التي كان مقرراً إجراءها في مارس أو أبريل من العام القادم بعدة أسابيع وسيؤدي من ناحية أخرى وهو الأهم لإلحاق ضرر بالغ بموقف حكومة «مونتي»، حيث سيحرمها من إنهاء فترتها في الحكم بطريقة منظمة، ولن يمكنها من وضع العديد من التشريعات المفيدة، التي اقترحتها موضع التنفيذ كما سيقوض الاستقرار الذي تمكن «مونتي» خلال فترة قصيرة نسبية من تحقيقه، على نحو نال رضا باقي أوروبا وعلى وجه الخصوص ألمانيا. وأشارت الصحيفة إلى تصريح أدلى به بيرلسكوني مفاده أنه يحاول العودة مجدداً إلى المشهد السياسي الإيطالي «انطلاقاً من شعوره بالمسؤولية»، وقالت إن ذلك التصريح يتناقض تماماً مع سعيه لإحراج حكومة «مونتي» ودفعها لخروج متعجل وغير منظم من الحكم وهو سعي لا يمكن وصفه بحال بأنه يتسم بأي شعور حقيقي بالمسؤولية. إعداد: سعيد كامل