يتعرض بيع شركة أميركية مفلسة لتصنيع بطاريات متقدمة تدعى «آيه- 123 سيستمز» -سبق لها تلقي مساعدات بملايين الدولارات من أموال دافعي الضرائب- إلى شركة صينية، لهجوم شديد بسبب ما ينطوي عليه من تهديد للأمن والاقتصاد القوميين الأميركيين. وفي يوم الأحد الماضي، عرض فرع لشركة صينية متخصصة في تصنيع قطع غيار السيارات (انكسيانج جروب) مقره الولايات المتحدة مبلغ 256.6 مليون دولار -وهو عرض يفوق ذلك الذي قدمته شركة جونسون كونترولز الأميركية، وشركة «إن ئي سي» اليابانية، و«سيمنز» الألمانية في المزاد الذي تم في ذلك اليوم- من أجل شراء أصول «آيه- 123 سيستيمز». وأشارت مصادر موثوق بها إلى أن محكمة «ديلاوير» لقضايا الإفلاس، قد نظرت في أمر الصفقة يوم الثلاثاء الماضي. وإذا ما تمت الموافقة على الصفقة من قبل القاضي المتخصص بهذا النوع من القضايا، فإنه سيتعين بعد ذلك أن يمر بيع «آيه- 123 سيستيمز» بمرحلة أخرى وهي الحصول على موافقة لجنة الاستثمارات الخارجية في الولايات المتحدة (SFIUS)، وهي مجموعة فيدرالية استشارية يرأسها وزير الخزانة الأميركي «تيموثي جيثنر»، ومهمتها التصديق على عملية بيع أي شركة أميركية لشركات خارجية. وفي الظروف العادية لا يجتذب بيع أصول شركة قطع غيار مفلسة لمستثمر أجنبي سوى القليل من الاهتمام. غير أن ذلك لا ينطبق على شركة «آيه- 123 سيستيمز» ومقرها وولت هام بولاية ماساشوسيتس التي تقوم بتصنيع بطاريات «ليثيوم- أيون» التي تستخدم في الجيل القادم من السيارات الهجينة المعتمدة على تقنية الشحن من المقبس، أو السيارات الكهربائية بالكامل التي تعمل ببطارية السيارة. والسبب الذي جعل بيع تلك الشركة يحظى بكل ذلك القدر من الاهتمام، هو حصولها على مساعدة في صورة منحة طاقة نظيفة بقيمة 249 مليون دولار من إدارة أوباما. ومن إجمالي تلك المنحة استخدمت الشركة 133 مليون دولار قبل أن تقدم طلباً لإعلان إفلاسها في شهر أكتوبر الماضي، وهو ما كان يعني أنها لن تتمكن من سحب أي مبلغ إضافي من المنحة الأصلية، كما أكد مسؤولون أميركيون منذ أيام. ومن ناحيته أوضح «بن ناي»، رئيس «وانكسيانج- أميركا»، السبب الذي حدا بشركته لشراء شركة «آيه- 123 سيستيمز» بقوله: «نحن نخطط للبناء على القدرات الهندسية والتصنيعية التي نجحت «آيه- 123 سيستيمز» في تأسيسها في الولايات المتحدة، علاوة على أننا عاقدون العزم على جعل عملية الاستثمار طويل الأمد للشركة ناجحة». لكن حتى إذا ما نجحت الشركة من خلال بيع أصولها في إعادة سداد أموال دافعي الضرائب، فإن المعارضين للصفقة يخشون من أن تنتهي تقنية تصنيع البطاريات المتقدمة الممولة من قبل دافعي الضرائب الأميركيين إلى الوقوع في أيدي صينية في نهاية المطاف. وقد عبّر النائب بيل هويزينجا (جمهوري من ميتشيجان) عن هذه المخاوف بقوله: «إذا ما أخذنا في اعتبارنا الخيط الرفيع بين وانكسيانج وبين الحكومة الصينية، فإني لا أملك سوى أن أعبر عن مخاوفي من احتمال تمكن الحكومة الصينية في نهاية الأمر من امتلاك القدرة على الوصول إلى تقنيات حساسة يتم استخدامها من قبل قواتنا المسلحة». وقدّم «مجلس المواد الاستراتيجية الاستشاري»، وهو مجموعة مراقبة مكونة من مسؤولين عسكريين سابقين، تقريراً جاء فيه: «رغم أنه لا يمكن إنكار أننا نعيش في عصر عولمة، إلا أن منح شركة صينية الفرصة للوصول حتى إلى الجزء التجاري من معلومات شركة آيه 123 سيستيمز، سوف يمكنها في النهاية من الاستفادة من التقنيات العسكرية الممولة من جانب وزارة الدفاع الأميركية». ويرى الخبراء العسكريون الأعضاء في «مجلس المواد الاستراتيجية الاستشاري» أن التقنيات التي تستخدمها «آيه- 123 سيستيمز» يمكن أن تصبح العمود الفقري لتقنيات شبكات طاقة متطورة في المستقبل كما يمكن أن تتحول إلى مفتاح لتطبيقات عسكرية مستقبلية ذات أهمية بالغة. ويشار إلى أن «وانكسيانج» قد ظلت تحاول جاهدة الحصول على أصول شركة «آيه- 123 سيستيمز» منذ الربيع الماضي على أقل تقدير. «عندما عرضت الشركة الصينية تقديم قروض لمساعدة الشركة المترنحة والحيلولة دون إعلان إفلاسها، فإنه كان من الواجب على المسؤولين أن يدركوا السبب الذي كان يحدوها إلى ذلك». هذا ما قاله «الآن تونلسون»، الخبير الاقتصادي لدى مجلس الصناعة والأعمال الأميركي الذي يمثل مجموعة من المصنعين الصغار والمتوسطين في الولايات المتحدة والذي يضيف لما سبق قوله: «من الواضح في الحالة التي نحن بصددها أن أموال دافعي الضرائب الأميركيين تتعرض لخطر الضياع... بيد أن ذلك في حد ذاته لا يشكل هماً يعادل الهم الذي نشعر به من احتمال وقوع تقنية متقدمة ممولة من دافعي الضرائب في أيدي الحكومة الصينية -وهي خصم محتمل- في نهاية المطاف». وأضاف تونلسون: «وإذا لم يكن تأمين وضمان سلامة عمل شبكة الطاقة العامة للولايات المتحدة وضمان كفاءتها يمثل أولوية أمن قومي قصوى للولايات المتحدة في عالم ما بعد الحادي عشر من سبتمبر، فما الذي يمكن أن يمثل هذه الأهمية». مارك كلايتون كاتب أميركي متخصص في شؤون العلوم والتقنية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»