الأداء الاقتصادي الإيجابي الذي حققته دولة الإمارات خلال الفترات الماضية، واستيعابها السريع للآثار السلبية المترتبة على الظروف الاقتصادية والمالية العالمية غير المستقرة، وتمكنها من استعادة الزخم الذي دأب عليه اقتصادها خلال السنوات الماضية، كان له دور إيجابي في دعم ميزانيات الشركات العاملة في الدولة، فارتفعت أرباحها خلال الاثني عشر شهراً المنتهية في سبتمبر الماضي مقارنة بالاثني عشر شهراً السابقة عليها بنحو 38 في المئة، وهي النسبة الأعلى لأرباح الشركات في منطقة الخليج العربية خلال الفترة نفسها، كما أكدت «فايننشال تايمز» مؤخراً. وعبرت أرباح الشركات العاملة في دولة الإمارات، والمقدرة بنحو 2.8 مليار دولار خلال الفترة المذكورة، عن أن هذه الشركات قد توسعت في أحجام أنشطتها بشكل ملحوظ مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق، مستفيدة مما أنجزه الاقتصاد الإماراتي ذاته، وتمكنه من قطع خطوات جديدة على طريق تجاوز الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية وما ترتب عليها من تداعيات، ما زالت تعرقل تعافي العديد من الاقتصادات حول العالم، ويؤشر الفارق الواضح بين نسبة النمو في أرباح الشركات العاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة مقارنة بباقي دول الخليج العربية إلا أن الاقتصاد الوطني استطاع أن يقفز بعيداً إلى الأمام متغلّباً على تلك الأزمات. بالإضافة إلى ذلك، فإن أداء الشركات العاملة في دولة الإمارات وتمكّنها من تحقيق هذا النمو المرتفع في أرباحها خلال الفترة المذكورة، يُعدّان دليلاً ذا قيمة كبيرة على أن الاقتصاد الوطني استطاع التغلّب على العواقب السلبية التي لحقت باقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسبب ظروف عدم الاستقرار السياسي والأمني الذي تمر به المنطقة منذ نحو العامين، ويبدو أن الاقتصاد الإماراتي قد استفاد في ذلك من العلاقات والروابط الاقتصادية والتجارية المتينة التي تربطه بمعظم الاقتصادات حول العالم، وعلى وجه الخصوص الاقتصادات الصاعدة والاقتصادات الأكثر نمواً على الساحة الدولية في الوقت الحالي، ولعل هذه الروابط قد ساعدته على تحقيق مكاسب لم تتوافر لغيره من اقتصادات المنطقة، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال معدل النمو المرتفع في التجارة الخارجية لدولة الإمارات خلال عام 2011، الذي نما بمعدل يبلغ أكثر من أربعة أضعاف معدل نمو التجارة العالمية، وبالطبع كان لهذه الروابط دورها المهم في تحفيز النمو الاقتصادي في الدولة، وفتح أسواق العالم الخارجي أمام تلك الشركات، ما انعكس بشكل إيجابي على أداء الشركات مضيفاً بنوداً جديدة إلى أرباحها، وساعد على خروج ميزانياتها على النحو الذي ذكرته «فايننشال تايمز». ويمكن أيضاً قراءة هذه النتائج على أنها مؤشر إلى أن بيئة الأعمال في دولة الإمارات اتّسمت خلال العام الماضي بالجاذبية مقارنة بما كان سائداً في باقي دول المنطقة، ومقارنة بما كان سائداً في دولة الإمارات ذاتها خلال الأعوام السابقة، وأن هذه البيئة قد وفّرت لتلك الشركات فرصاً استثمارية عالية الربحية، بما شجعها على التوسع في أحجام الأنشطة والدخول في مشروعات جديدة، لينعكس ذلك في النهاية على ميزانياتها التي خرجت بأرباح لم تخرج بها ميزانيات الشركات الأخرى العاملة في دول المنطقة. _____________ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.