تخطّط دولة الإمارات العربية المتحدة لأن تضع نفسها في مكان متميّز على خريطة السياحة العلاجية العالمية، ولذلك حرصت وتحرص على توفير المقوّمات الأساسية كافة لتحقيق هذا الهدف، فبالإضافة إلى الموقع الاستراتيجي المتميّز والاستقرار الذي تتمتع به، عمدت الإمارات إلى توفير البنية التحتية اللازمة لهذا القطاع، وتوفير البيئة الاستثمارية من سنّ التشريعات والقوانين لتنظيم قطاع السياحة بشكل عام والسياحة العلاجية بشكل خاص، في هذا السياق يمكن الإشارة إلى استصدار تأشيرة للسياحة العلاجية في عام 2008، وإطلاق مؤسسات طبية حكومية في مايو الماضي العديد من المبادرات التي تستهدف تشجيع السياحة العلاجية في البلاد، فهيئة الصحة في دبي أعلنت مبادرة «السياحة العلاجية» في الإمارة، كما أطلقت مدينة دبي الطبية أول دليل سياحي للعلاج، وهو النسخة المحلية من الكتاب الأشهَر عالمياً لأغراض السياحة العلاجية «مرضى بلا حدود»، في إطار مخطط الإمارة لأن تصبح وجهة عالمية للسياحة العلاجية، فيما يتوقع أن تكون «جزيرة السعديات» في أبوظبي هي وجهة المستقبل في مجال السياحة العلاجية والاستشفاء، وفقاً لشركة «دي إن أيه هيلث كورب» الأميركية، فإضافة إلى ما تمتاز به الجزيرة من طبيعة خلابة فإن إمارة أبوظبي حرصت على توفير البنية التحتية للسياحة فيها، إذ تتمتع الجزيرة بالعديد من المرافق السياحية المميزة. حرْص دولة الإمارات على تطوير قطاع السياحة العلاجية فيها هو، في أحد جوانبه المهمة، خطوة استراتيجية تستهدف خفض نسبة إنفاق الدولة على علاج المواطنين في الخارج، التي تصل إلى نحو ملياري دولار سنوياً، في الوقت نفسه إضافة مصدر جديد للدخل القومي، في إطار السياسة الاقتصادية الحالية القائمة على تنويع مصادر الدخل، فبحسب مؤسسة «يورومونيتور إنترناشونال»، يتوقع أن يبلغ حجم سوق السياحة العلاجية في الدولة 6.1 مليار درهم خلال العام الجاري، فيما يتوقع أن يتجاوز حجم سوق السياحة العلاجية الـ (7.34) مليار درهم بحلول عام 2016، إذ تحتل الإمارات مرتبة الصدارة عربياً في استقطاب السياح لأجل العلاج. إضافة إلى ما سبق تحتل الإمارات المرتبة العشرين على مستوى العالم في الإنفاق على خدمات الرعاية العلاجية، إذ تنفق الدولة ما يعادل 1200 دولار سنوياً على الفرد، وكان نائب مدير منطقة دبي الطبية قد كشف، على هامش مشاركته في فعاليات «المؤتمر الدولي الأول حول السياحة العلاجية» في ماليزيا، مؤخراً، عن توقّعات بإنفاق الإمارات أكثر من 20 مليار درهم على القطاع الصحي بحلول عام 2015، مشيراً إلى أن السياحة العلاجية في الدولة تنمو بمعدل سنوي يصل إلى 15 في المئة. أيضاً تنعكس الفعاليات الطبية الإقليمية والعالمية التي تحتضنها الدولة، إيجاباً على القطاع الصحي في الدولة، من ناحية تحسين الخدمات العلاجية من خلال توفير بيئة علمية للقائمين على هذا القطاع، لاكتساب الخبرات وتبادلها عبر الاحتكاك بالكفاءات العلمية العالمية، ومن ناحية أخرى إتاحة فرصة للتعريف بالجهود التي تبذلها الدولة لتطوير الخدمات والرعاية الصحية في الإمارات، علماً أن إمارة أبوظبي تستضيف خلال الأسبوع الجاري فقط أربعة مؤتمرات علمية، هي: «المؤتمر الدولي لمجموعة العمل الإقليمية العربية للطب العسكري»، و«المؤتمر الثالث عشر لجمعية الشرق الأوسط لزراعة الأعضاء»، و«المؤتمر العالمي للرعاية الصحية في الشرق الأوسط»، و«مؤتمر شركة أبوظبي للخدمات الصحية (صحة) الرابع للبحوث» تحت عنوان «بحوث نظم المعلومات الطبية من أجل تحسين الكفاءة السريرية». عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية