سنحت لي الفرصة السنة الماضية للتدريس في جامعة بالسليمانية، وهي مدينة كردية تقع في شمال العراق. درّست الأدب الإنجليزي لما يزيد على مئتي طالب جامعي، وأسست صداقات عديدة، من بينهم أساتذة وإداريون وطلبة وجيران. معظم هذه الصداقات من المسلمين، أصبح العديد منهم أصدقاء على «فيسبوك»، وبقينا على اتصال، بغضّ النظر عما إذا كنت في الولايات المتحدة أو الشرق الأوسط، مما ساعدني على إدراك قوة الصداقة والعلاقات عبر العالم، مما يخلق جواً من السلام والتفاهم. تعلّمت أثناء وجودي في العراق الكثير عن العقيدة والثقافة الإسلامية مما أكّد ما كنت أتوقعه بأن المسلمين العراقيين هم مثلي تماماً ومثل غيري من الأميركيين. هم يحبون عائلاتهم ويحبون الله، ويبحثون عن السلم والعدالة في العالم. ربما تكون لهم أعياد دينية مختلفة ورموز مختلفة واحتفالات وممارسات مختلفة، ولكن على المستوى الأوسع، نحن وحدة واحدة متحدة تحت مظلة أعظم من خدمة الآخرين وخدمة الرب خالقنا جميعاً. أصبح الإعلام الاجتماعي شائعاً، ولكن قدرته على زيادة الوعي العالمي وتيسير التفاهم عبر الثقافات لا يتم تقديره بشكل كافٍ. وتجاوز عدد المشتركين في «فيسبوك» المليار نسمة، ولدى معظمنا «أصدقاء» في دول أخرى حول العالم. وتصل وسائل الإعلام الاجتماعي مثل «فيسبوك» و«تويتر» و«يوتيوب» وغيرها الناس عبر كوكبنا وتخلق فرصة للمواطنين «الدبلوماسيين» للانخراط في نشاطات بناء السلام على المستوى الصغير كمدخل لبناء التفاهم عبر العلاقات. يعطي «فيسبوك» وغيره من المنتديات الإعلامية الناس الذين لا يملكون القدرة على السفر، سبل الوصول إلى أصدقاء المراسلة الإلكترونية. لم يكن إيجاد أناس عبر العالم لبناء صداقات معهم أكثر سهولة في يوم من الأيام. تمكن هذه العلاقات ملايين الناس من التواصل مع الآخرين عبر الفروقات العنصرية والعرقية والدينية والثقافية والوطنية والاقتصادية. باختصار، تمكن هذه العلاقات من التواصل بين أناس ما كان بالإمكان أن يتلاقوا لولاها. وهي تعطينا فرصاً لبناء علاقات يمكنها أن ترعى سياسات السلام، لأننا نعرف الآن واقع الأصدقاء على الطرف الآخر من الكوكب، بينما كان الآخرون في الماضي بعيدين وكانت حياتهم غير متعلقة بحياتنا. وراء الوصول القوي للإعلام الاجتماعي، نملك اليوم القدرة على الحفاظ على الصداقات، وتطوير مستوى من التفاهم لهؤلاء المشاركين في نزاعات وقضايا بعيدة عبر عيون أصدقائنا. يمكن لتواصلنا أن يتراوح من تحية بسيطة إلى حوار كبير، ويرسل لي أصدقائي المسلمين، بمنتهى السهولة تمنياتهم بعيد ميلادي وأعياد الميلاد والفصح، وأرد عليهم وأهنئهم في أعياد ميلادهم وعيدي الفطر والأضحى. تمكنت كذلك من عقد حوارات معمّقة مع أصدقاء فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية الأخيرة في الولايات المتحدة، وما عنا ذلك بالنسبة لسياسات الولايات المتحدة. بعد الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي بليبيا يوم 11 سبتمبر، تسلّمْتُ مئات الاعتذارات، رغم أن أصدقائي كانوا على بعد مئات، بل آلاف الأميال وقتها، ولم يكن لهم ما يربطهم بذلك العنف. بالمثل، كتبْتُ الكثير عن شريط الفيديو العدائي، «براءة المسلمين»، مذكّراً أن ذلك ليس هو الأسلوب الذي يفهم فيه غالبية الأميركيين أو المسيحيين الإسلام، معتذراً عن إعداد هذا الفيلم، رغم أنه لم تكن لي علاقة به. تقدّم هذه النقاشات الحقيقية، التي تجري إلكترونياً فرصة لتأسيس علاقات وإجراء الحوار وتحقيق السلام، حيث نرى أنفسنا أعضاء في أسرة واحدة كبيرة ممتدة. وهذه الأساليب لتشجيع علاقات إيجابية وحوارات بديلاً لاستخدام التكنولوجيا لصنع أسلحة موت ودمار، أكبر وأسرع وأكثر قوة وبطشاً. ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ د. واين لافندر أستاذ بكلية التنمية البشرية بالسليمانية في العراق ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية