اسمحوا لي بالحديث عن آمالي تجاه الحالة المصرية، وأن أتطرق للجراح العميقة التي حلت ببدنها ونفسها الأسبوع الماضي. تتركز أمالي في أن ينجح المعارض الليبرالي أيمن نور فى إقناع الرئيس محمد مرسي في حوار السبت بالإقدام على خطوات كفيلة بإنهاء حالة الاحتقان المتصاعدة في كافة ربوع مصر. آمالي في هذا يعززها موقف وزير العدل الذي قرر أن يقدم استقالته إذا لم يوافق الرئيس في الحوار على أمرين، أولها تجميد الإعلان الدستوري الذي فجر الموقف لانطوائه على مواد تحصن قرارات الرئيس من الطعن القضائي وتؤسس لديكتاتورية جديدة. وثانيهما تأجيل موعد الاستفتاء على الدستور الذي تعارض القوى المدنية بعض مواده التي تضع أساساً للدولة الدينية. كنت أتمنى أن تستجيب سائر القوى المدنية الرئيسية لدعوة الحوار التي أطلقها الرئيس خاصة د. محمد البرادعي والمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، وعمرو موسى، ولكن يبدو أن هذه الشخصيات قررت ممارسة مزيد من الضغط على د. مرسي برفض الحوار والإبقاء على حالة الاعتصام والتظاهر قائمة. الصورة على هذا النحو توحي بأننا أمام تقسيم أدوار بين القوى المدنية التي غاب معظمها وحضر ممثل واحد عنها وهو د. أيمن نور. هذا التقسيم الذي جاء تلقائياً للأدوار يعزز الأمل في اهتمام الرئيس بإنهاء النزاع السياسي والعودة إلى منطق المشاركة والحوار وتجنباً لتصاعد الاحتقان على نحو يهدد صورة استقرار حكم الرئيس المنتخب. آمالي تستند على الجانب الآخر على أن تأجيل الاستفتاء للمصريين فى الخارج من السبت إلى الأربعاء يمثل إشارة إيجابية من الرئاسة لإفساح المجال للحوار. فليس من المعقول أن يكون موضوع الحوار إرجاء الاستفتاء على الدستور في حين يجرى تنفيذ الجزء الخارجي منه في نفس يوم الحوار. اعتقد أن الرئاسة أرادت أن تبدي حسن النية وعدم المصادرة على النتيجة التي يمكن أن يتوصل إليها الحوار. تأجيل الاستفتاء لمدة شهرين آخرين يمنح «الإخوان» فرصة استعادة صورتهم كشركاء في الثورة وفي بناء النظام الديمقراطي، بعد أن أدى الإعلان الدستوري وانهاء مسودة الدستور على عجل إلى تراجع أعداد كبيرة من المواطنين العاديين الذين صوتوا لمرسي في الانتخابات الرئاسية عن تأييده، بل ودفعهم إلى النزول في مظاهرات الاحتجاج التي دعت إليها الأحزاب السياسية المدنية. إنني انتقل إلى حديث الجراح التي تمثلت أولًا فى الفجوة الكبيرة التي خلقها الإجراءان المذكوران حيث قسما البلاد إلى تيارين متناقضين متنازعين، أولهما التيار المدني وثانيهما التيار الإسلامي. إنها فجوة شديدة الخطورة على سلامة السفينة المصرية التي يمكن أن يعرضها الصراع العنيف على متنها، إلى الجنوح والغرق بمن فيها على غرار السفينة السورية. لقد تمثلت الجراح ابتداء في إحساس الإخوان والرئيس بأن هناك مؤامرة لانتزاع الشرعية والإطاحة بالرئيس المنتخب وهو ما دفعهم إلى الإعلان الدستوري، وهو أيضاً ما دفعهم الى تحريك ميليشياتهم المسلحة للتصدي للمعتصمين بجوار القصر الرئاسىي والعدوان عليهم وتفجير العنف المتبادل بالتالي. اختتم بأملي في أن يتغلب صوت الحوار والمشاركة حتى تنجو السفينة بكل من عليها.