استطاعت مجموعة من أولئك الذين يدّعون لأنفسهم بأنهم يمثلون «المعارضة في الإمارات»، ولا نعلم عن أية معارضة يتحدثون، أو ما هي تلك الجهة التي يعارضوها في الإمارات، إلا إذا كانوا يقصدون بأنهم يعارضون مجتمعاً برمته، فأهل الإمارات قيادة وشعباً، كالبنيان المرصوص وموالون لبعضهم بعضاً منذ أن دبّت أقدام أسلافهم على هذه الأرض الطيبة وعمّروها وسكنوها، وتقوّى ولاءهم لبعضهم البعض وتجسد حقيقة واقعة منذ أن اكتمل عقد الاتحاد في 2 ديسمبر 1971. المهم أن تلك المجموعة استطاعت أن توهم مجموعة من النواب في البرلمان الأوروبي وتضللهم بأنها صاحبة قضية تتعلق بحقوق الإنسان، وأن يجروهم نحو إصدار التقرير الذي تداولته وسائل الإعلام ودحضوه وفندوه وأوضحوا ما فيه من مغالطات وافتراءات لا تمت إلى واقع هذا البلد المعطاء وهذه الأرض الطيبة بصلة. إن ذلك التقرير بحد ذاته ليس مهماً فقد بُني على باطل، وما بُني على باطل فهو باطل من أسسه ولابد وأن تكون نتائجه باطلة أيضاً جملة وتفصيلاً، لكن المهم أنه يثير مسألة قدرتنا نحن كدولة وشعب على إيصال صوتنا وصوت الحقيقة وصورتنا الحقيقية من خلال منهج علمي إعلامي سليم واضح المعالم بوسائل العصر الحديثة الموجودة في أيدينا بكثافة، ومن خلال جهود أبناء هذا الوطن المخلصين الذين لديهم العلم والمعرفة والقدرة الحقيقية، وحتى الشخصية الكاريزمية القوية التي تستطيع إقناع الآخرين بما نقول وما نفعل، وهؤلاء منهم الكثيرون الذين لا تتم الاستفادة من إمكانياتهم حتى الآن، وربما أن عدداً منهم يجلسون في بيوتهم أو خلف مكاتبهم دون أن يلتفت أحد إلى قدراتهم وإمكانياتهم. الوصول إلى الشعوب الأخرى في عالم اليوم أصبح علماً تقوم الدول المتقدمة بتدريسه في جامعاتها ومعاهدها العليا من خلال مساحات الإعلام والعلاقات العامة والعلوم السياسية وفنون الإدارة، ثم تدفع بخريجيها في هذه الدراسات إلى المؤسسات الحكومية الرسمية والهيئات الشعبية التي من مهمتها التواصل مع العالم الخارجي والشعوب الأخرى، فيقوم هؤلاء بإيصال أصوات أوطانهم وصورها المشرقة بطرق صحيحة تدفع بمصالحها إلى الأمام وتحققها بالأساليب المثلى، وتعود بالفوائد الجمّة على تلك الأوطان وشعوبها، خاصة المتقدمة منها، ونحن في تقديري لا نقل عن تلك الدول في شيء من حيث الإمكانيات بصورتها الشاملة، ربما باستثناء الهيئات التدريسية التي تستطيع إدارة ميدان العملية التعليمية في مستوياتها العليا على صعيد الجامعات وما في مستواها. إننا كإمارات في حاجة إلى مزيد اهتمام على صعيد التواصل مع دول الغرب، خاصة دول الاتحاد الأوروبي التي تتيح قوانينها ونظمها السياسية والاجتماعية مجالات واسعة للجوء لكل من رفع لافتة يزعم من خلالها أنه معني بحقوق الإنسان، فتفتح له الأبواب ويمارس نشاطاته كما يشاء، وفي أحيان كثيرة دون وازع من ضمير، سوى المصالح الشخصية والرغبة في الوصول إلى السلطة السياسية بطرق ملتوية، ومعاداة أهله ووطنه دونما سبب منطقي. إننا في حاجة إلى إيجاد المداخل الصحيحة إلى الرأي العام والهيئات التمثيلية والنيابية المنتخبة، كالمفكرين والأكاديميين والبرلمانات في كل دولة أوروبية على حدة، والاتحاد الأوروبي من خلال ذوي الخبرة والاختصاص من مواطنينا المخلصين. وبالتأكيد أن لمثل هذا النمط من التواصل عالي المستوى علمياً وفنياً وأدبياً ومادياً آليات خاصة يديرها متخصصون ليس هذا هو مجال الخوض فيها لضيق المساحة.