بكل تأكيد، مسألة التوطين تتربع على قمة هرم القضايا ذات الاهتمام البالغ لدى قيادتنا الرشيدة، التي تبذل أفضل الجهود للوصول بها إلى مرحلة الحلول الناجعة. وتُترجم قيادتنا الرشيدة هذا الاهتمام، باستمرار، عبر المبادرات الثمينة منطلقة وسائرة على النهج نفسه الذي انتهجه وكرّسه، أبونا، المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، بأنّ المواطن هو الثروة الحقيقية لدولتنا الحبيبة. وبنظرة عامة على بصمات القيادة الرشيدة في مجال التوطين نرى حجم الجهود المبذولة في هذا الصدد، ومدى الوعي الناضج والرؤية الثاقبة لقيادتنا الرشيدة بأهمية هذه المسألة وضرورتها لأبناء الوطن، حيث ترسم الخطط وتوطّد السبل وتطلق كل حين المزيد من المبادرات الخلاقة والحلول للوصول إلى الغاية الكفيلة بتحقيق الرخاء للمواطنين والباحثين عن عمل. فما أكرم تلك المُبادرة التي كانت في مطلع العام الماضي، عندما أمر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بإنشاء صندوق خليفة لتمكين التوطين لوضع الحلول الفعالة لمواجهة معوقات التوطين في القطاع الخاص، وذلك عبر توفير الموارد المالية اللازمة لدعم برامج وسياسات تشجع المواطنين على الالتحاق بسوق العمل، وعلى الأخص في القطاع الخاص، وتمكينهم من استغلال فرص العمل التي يتيحها لهم هذا القطاع، فضلاً عن توفير التمويل اللازم لتنفيذ حزمة من الحوافز التي تسهم في تحقيق هذا الهدف، ولاسيما أن هذا الصندوق يكفل المساهمة بنحو 20 في المئة من الأجر الذي سيحصل عليه المواطن الذي يتم تعيينه في منشآت القطاع الخاص، خلال العام الأول من تعيينه، كما يتحمل من 2000 إلى 2500 درهم من أجره، بعد ذلك، بالإضافة إلى تحمّله جميع مصروفات وتكاليف عمليات التدريب والتأهيل التي يحتاجها صاحب العمل، ويحددها خلال العام الأول. ثم قبل أيام، مكرمة أخرى من صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، بإنشاء هيئة تتبع مجلس الوزراء، مهمتها الرئيسية التوطين في القطاعين العام والخاص، وسن التشريعات اللازمة من أجل التأمين ضد التعطل عن العمل، والقيام بتأهيل الشباب، بالتعاون مع القطاع الخاص، وتدريبهم وتزويدهم بالمهارات الضرورية، وزيادة الفرص الوظيفية للكوادر الوطنية في قطاعات العمل المختلفة العامة والخاصة، وما يترتب على ذلك من آثار إيجابية اجتماعياً واقتصادياً يقود إلى تحقيق الغايات الأساسية لخطط التنمية الرامية إلى بناء الإنسان، وضمان وتهيئة السبيل للأجيال القادمة للمزيد من التطوّر وتنمية القدرات والخبرات، بما فيها من رفاه واستقرار. وتتآزر معها أيضاً مبادرة "أبشر" التي وضعت هدفاً يضمن توفير أكثر من 20 ألف فرصة عمل للمواطنين في السنوات الخمس المقبلة، وهي تترجم رؤية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في توفير الحياة الكريمة للمواطن، وتأمين مستقبل وظيفي آمن ومستقر له، والعمل على رفع معدل مشاركة الكوادر الوطنية في سوق العمل، وتحقيق ميزة تنافسية للاقتصاد الوطني، من خلال إطار استراتيجي متكامل لدعم سياسات توطين الوظائف. وتستمر المبادرات والدعوات لإيجاد الحلول والوصول إلى النتائج المثمرة والبنّاءة، وها هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، يُعلن عام 2013 عاماً للتوطين في كافة الوزارات والهيئات الاتحادية والدوائر المحلية، رغبة وإصراراً من الحكومة على وضع الحلول الناجعة للتوطين، وإيجاد المزيد من فرص العمل لأبناء هذا الوطن، في ظل الازدياد الكبير في أعداد الطلبة الخريجين من الجامعات والمعاهد، وهي تخلق فرصاً ذهبية لهم كي ينضموا إلى سوق العمل. إن هذه العلامات المضيئة من جهود القيادة الرشيدة تجعلنا نطمئن كل الاطمئنان إلى أن مسيرة التنمية البشرية سارت وما زالت تسير في الطريق الصحيح وعلى أكمل وجه، فهي بأيدٍ أمينة حريصة على تأهيل أبناء الوطن على النحو الذي يضمن لهم كرامة العيش واستقرار الحياة المهنية. كما يجب ألا ننسى، أنّ قيادتنا الرشيدة، حريصة دائماً على العمل باستمرار على إعداد المواطنين وتأهيلهم والارتقاء بكفاءاتهم، ما يزيد من دفع عجلة التوطين باتجاه غاياتها ومقاصدها المرجوة في استكمال مسيرة النهضة والتقدم. ولذلك، أدعو إخوتي وأخواتي المواطنين، إلى مُشاركة قيادتنا الرشيدة جهودها، والسير معها يداً بيد في مسيرتها لبناء المواطنين، كما أرجو من إخوتي وأخواتي المواطنين الباحثين عن عمل، الاستفادة من تلك المبادرات القيّمة، وأن يتخذوا دائماً من الاهتمام البالغ لقيادتنا الرشيدة بمسألة التوطين حافزاً لتنمية وتطوير كفاءاتهم وخبراتهم والارتقاء بأدائهم تلبية لتطلّعات قيادتنا، وكُلّي ثقة بأبناء وطني. --------- عبدالله دعيفس محامٍ وكاتب إماراتي