تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة على تطبيق الإجراءات كافة في سبيل دفع المواطنين إلى الانخراط في دراسة التخصصات العلمية والاهتمام بها، إذ تدرك القيادة الرشيدة المردود السلبي على مسيرة التنمية في الدولة جراء العزوف عن هذه التخصصات، ولاسيما أن الدولة تتجه نحو الاقتصاد المعرفي، كما أن قلة الكوادر المواطنة في هذه التخصصات ستسهم بالضرورة في رفع نسبة العمالة الوافدة، وهو ما سينعكس بشكل سلبي على سياسة التوطين في الدولة. ويقوم التوجه الإماراتي الحالي على الارتقاء بالمهارات الوطنية التي تحقق طموحات الدولة في إيجاد منظومة من الصناعات التكنولوجية المحلية باختلاف مجالاتها، كالطب والهندسة والطاقة والرياضيات والكيمياء والأحياء، والتخصصات الناشئة كصناعة الطيران، وتصنيع الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات، تماشياً مع متطلبات التنمية المستدامة التي تضع التكنولوجيا والعلوم في مقدمة أولوياتها. ومع نشر دراسات تتحدث عن عزوف المواطنين في الدولة، بشكل عام، عن التخصصات العلمية والتكنولوجية، أبرزها الدراسة التي أعدها قسم البحوث في مؤسسة الإمارات لتنمية الشباب، والتي كشفت عن كون 7% فقط من الإماراتيين يعملون في الوظائف ذات التخصصات المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا، وأن نسبة المتخرجين المواطنين من القسم العلمي في الثانوية العامة بلغت نحو 29% فقط، وأن نسبة المتخرجين الإماراتيين من التخصصات الجامعية العلمية تبلغ 24,6% فقط، بات علاج هذه الظاهرة ضرورة تنموية وهدفاً وطنياً يحتل الأولوية في استراتيجية الدولة. في هذا السياق جاء إعلان "الهيئة الاتحادية للرقابة النووية"، عن بناء قوة عمل من الكوادر الوطنية، لكي تتولى الإشراف على القطاع النووي في الدولة، وإعلان شركة "ستراتا للتصنيع" المتخصصة في صناعة مكوّنات هياكل الطائرات التابعة لشركة "مبادلة للتنمية" استهدافها رفع نسبة التوطين فيها من 30% في الوقت الراهن إلى 50% بحلول عام 2015، عبر تطبيق استراتيجية لتدريب الكوادر الوطنية وتأهيلها، ليشكّل بادرة أمل نحو توطين التخصصات العلمية في الدولة. وتعمل كل من "ستراتا للتصنيع" و"الهيئة الاتحادية للرقابة النووية" على تنفيذ البرامج التدريبية لتأهيل الكفاءات المحلية، فعلى سبيل المثال تطرح "ستراتا" نظاماً لاستقطاب المهندسين المواطنين لدراسة هندسة تصنيع الطائرات من خلال برنامج "جسر" وهي الشهادة المعتمدة دولياً، هذا إضافة إلى فتحها المجال للطلبة المواطنين في أن يعملوا فنيين في تصنيع الطائرات، ومن جانبها تعمل "الهيئة الاتحادية للرقابة النووية" على تدريب موظفيها المواطنين وتطوير مهاراتهم؛ وذلك ضمن التزام "الهيئة" بتوفير الموظفين المواطنين المؤهلين الذين يتمتعون بالمهارات اللازمة لتنفيذ البرامج التشغيلية في "الهيئة" لضمان الأمن في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية في الدولة وفقاً للمعايير الدولية. كما تعمد الدولة إلى إشراك المؤسسات العلمية، محلية كانت أو أجنبية خاصة أو عامة، لتحقيق هذا الهدف، فالشراكة بين "مجلس أبوظبي للتعليم" و"شركة استثمار التكنولوجيا المتطورة" (آتيك)، لابتعاث الطلبة المتفوقين ضمن برنامج "بعثة النخبة"، تُعدُّ من أبرز المبادرات الوطنية لإيجاد قاعدة من الكوادر المواطنة المتخصصة في التخصصات التكنولوجية الحديثة، هذا على الصعيد المحلي، أما في إطار التعاون الإماراتي مع المؤسسات العلمية الدولية، فإن تخصيص الدولة عبر معهد التكنولوجيا التطبيقية لبرامج تدريبية لطلبة الإمارات للالتحاق ببرنامج تدريبي لدراسة علوم الفضاء في وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" يُعدُّ من أبرز الإجراءات التي اتخذتها الدولة، والتي تستهدف إيجاد جيل مواطن متخصص في علوم الفضاء.