هناك مثل ألماني يقول «نهاية جيدة كل شيء جيد». وتحت آلية عمل هذه القاعدة ينتهي الإنسان بالتفاؤل أن نهاية الأعمال خير. وأمام مسارات التحول في العالم العربي، فقد كانت ثورة تونس نزهة لطيفة، وثورة مصر خروج للفسيخ الفرعوني، وثورة اليمن انتصار بكلفة مقبولة، والثورة في وجه القذافي أن قذفه «الناتو» بشواظ من نار ونحاس. أما الثورة الفعلية فهي في بلاد الشام، زماناً وكلفةً، فهل تكون نهايتها بما يوازي هذه التضحيات؟ في سوريا تأخرت الثورة العربية الكبرى، وفيها سيحسم المصير، ومنها قد تصدر الثورة المضادة؟ ويمكن ضغط الآثار النفسية لمسارات التحول في 24 نقطة نصفها سلبي ونصفها إيجابي. أما السلبية فنذكر منها ستاً فيما يلي: 1ـ الشرخ السني الشيعي العلوي من خلال ذاكرة مثقلة بالسلبيات. ولو كان موقف إيران و«حزب الله» إيجابياً تجاه الثورة السورية لربما التأم الشرخ التاريخي. لن يغفر الشعب السوري لمن ولغ في دمه وقتل خيرة شبابه ومد النظام بالأسلحة لقتله. 2- انفجار نار الأحقاد والغرائز البدائية، وقد ظهر هذا في مجموعات من أفلام اليوتيوب: قتل وتفجير وذبح وتمثيل. 3- البديل الغامض، وسببه كساح سياسي طال لفترة نصف قرن. لقد دخلت سوريا بطن الحوت منذ انقلاب عام 1963، كما وضع الأسد الأب سوريا في الثلاجة مجمدة منذ عام 1970، مما ترتب عليه إلغاء أي معارضة وصحافة مستقلة ورأي عام، بل ظلام مطبق وديكتاتورية مهلكة. 4- كلفة الثورة باهظة وفاتورتها مرعبة، فما حدث للمنطقة العربية أن أي حركة اعتراض أمامها إشارة حمراء: ثورة سوريا المكلفة، بل النموذج الدموي الأفظع والأكثر إثارة للرعب. 5- نجاح النظام السوري في جر الثورة إلى اللاءات الثلاث المضادة، فقد كانت الثورة تقول لا للعنف، فتحولت من مظاهرات سلمية إلى ثورة مسلحة. وكانت تقول لا للتدخل الأجنبي، لكنها الآن ترحب بأي تدخل لإنقاذها من المقصلة الأسدية. كانت الثورة تقول لا للطائفية، لكن الاقتتال أصبح يأخذ أشكالاً طائفية أحياناً، بين مناطق وقرى موالية وأخرى معارضة. 6 -نمو التطرف الحدي، والمضي إلى آخر الاتجاه المضاد وتبخر العقلانية في الحوار والخطاب. فكل من الطرفين يعتبر الآخر شيطاناً مريداً. لذا لا حوار مع النظام، بل المطلوب إسقاط النظام بكل رموزه ومؤسساته الأمنية. والسبب هو أن الأضداد تستدعي بعضها بعضاً؛ فالنظام أمني وما زال يؤمن بالحل الأمني والانتصار العسكري لضبط الأوضاع. فحلب تم تدميرها بنسبة 40 في المئة، وأتوقع أن يجري تدمير 80 في المئة من دمشق خلال معركتها الوشيكة. لن يبقى حجر على حجر في سوريا، وسيرتفع عدد القتلى إلى مئات الآلاف! لكن الثورة ستنتصر، والخوف هو من مرحلة ما بعد انهيار الدولة والنظام.