منعطف خطير في مصر... وغرابة الموقف الكندي من «الدولة الفلسطينية» لماذا عاد المصريون إلى ميدان «التحرير»؟ وهل يمكن تمديد عمر التهدئة بين «حماس» وإسرائيل؟ وماذا عن موقف حكومة «هاربر» الكندية من ترفيع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة؟ وما مدى دقة مؤشرات الفقر الروسية؟ تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية. «العودة إلى التحرير» في افتتاحيتها ليوم الجمعة الماضي، وتحت عنوان «العودة إلى ميدان التحرير: ثورة مصر لم تنته بعد»، أشارت «سيدني مورنينج هيراد» الأسترالية إلى أن المتظاهرين عادوا مرة أخرى إلى ميدان التحرير، والقضاة يواصلون إضرابهم والرئيس لم يتراجع، فهل تعثر «الربيع العربي» في مصر؟ هكذا تتساءل الصحيفة، التي نقلت مداخلات لبعض المتظاهرين من بينها: «لقد خضنا ثورة من أجل الديمقراطية، وليس من أجل حكم ديكتاتوري». المتظاهرون يعربون عن رفضهم للمرسوم الرئاسي المؤقت الذي أصدره مرسي وحصّن من خلاله قرارته أمام القضاء، وهو ما تراه الحكومة المصرية خطوة من أجل حماية مكتسبات الثورة. الخطوات التي اتخذها مرسي جاءت بعد أيام من نجاحه في اختبار على المسرح الدولي تمثل في وساطته من أجل وقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل. لكن في الداخل المصري، لا يزال حزب «الحرية والعدالة» الحاكم، وهو الجناح السياسي للإخوان المسلمين غامضاً بالنسبة لمعظم المصريين، فالبنى التحتية في البلاد لطالما أهملت، والدليل على ذلك كارثة 17 نوفمبر التي أودت بحياة 37 طفلاً جراء اصطدام قطار بحافلة ركاب، وبعد الحادثة، قال البعض إن على الحكومة المصرية الاهتمام بمشكلاتها الداخلية بدلاً من التركيز على العنف في غزة. وفي إطار ما يتفاعل الآن من أحداث في مصر، تقول الصحيفة، إذا كانت لدى بعض مكونات الطيف الليبرالي المصري مخاوف من الشريعة، فإن من أولويات مرسي على الأقل أن يلعب الإسلام دوراً أكبر في حياة المصريين، أكثر مما كان مسموحاً به في النظام السابق. وضمن هذا الإطار، نوهت الصحيفة إلى السماح لمضيفات شركة مصر للطيران في نوفمبر الماضي بارتداء الحجاب، لأول مرة منذ تأسيس الشركة عام 1932، كما انتهى منذ سبتمبر الماضي، الحظر المفروض على ظهور المذيعات في التلفزيون المصري. وتشير الصحيفة إلى أن ثلث المصريين يعانون من الأمية، ولدى مصر أقلية غير مسلمة (الأقباط) هي الأكبر على الصعيد العربي، وهؤلاء الأقباط لديهم مخاوف من اتساع نفوذ العناصر الراديكالية لدى «الإخوان المسلمين». وتذكر الصحيفة بأنه منذ عام تلاشى حكم القذافي وبات انهيار حكم بشار الأسد وشيكاً، المنطقة الآن- والكلام لا يزال للصحيفة- تعج بحركات شعبية تتنوع طموحاتها ما بين الليبرالية والديمقراطية على النمط الغربي، ونسخة متشددة من الإسلام، وما بين الأمرين تتنوع الأطياف. وتختم الصحيفة افتتاحيتها بالقول إن مرسي ربما يصبح «تغييراً صوب الحرية والعدالة التي تحتاجهما مصر، وربما يصبح رمزاً للانتقال إلى الإسلام السياسي». ديمومة التهدئة يوم السبت الماضي، وتحت عنوان «وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل»، نشرت «جابان تايمز» اليابانية افتتاحية، علقت خلالها على التهدئة المتفق عليها بين طرفي الصراع، مشيرة إلى ضرورة مواصلة المحادثات لمنع عودة العنف... وحسب الصحيفة، نجحت مصر في الوساطة التي ضمنت وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس»، كما ينبغي على الولايات المتحدة التي أقنعت إسرائيل بقبول الوساطة المصرية- وكذلك بقية المجتمع الدولي - عدم إدخار أي جهد لضمان استمرار وقف إطلاق النار، وضمان استمرار الهدنة. وتلفت الصحيفة الانتباه إلى فروقات تميز المشهد الراهن عن نظيره في نهاية 2008 وبداية 2009. ففي الفترة من 27 ديسمبر 2008 إلى 18 يناير 2009، نفذت إسرائيل، هجوماً برياً على غزة استمر لمدة أسبوعين، وكان الهدف منه وقف الهجمات الصاروخية القادمة من القطاع صوب إسرائيل، وكانت محصلة العملية مقتل 1400 فلسطيني ومصرع 13 إسرائيلياً. الآن باتت «حماس» أقوى عسكرياً، وهذا ما اتضح عبر إطلاقها صاروخ إيراني الصنع صوب تل أبيب والقدس الغربية، علماً بأن إسرائيل تمكنت من اعتراض عدد كبير من الصواريخ الفلسطينية ضمن ما يعرف بنظام «القبة الحديدية». وثمة اختلاف آخر، يتمثل في تغير المشهد السياسي المحيط بإسرائيل الآن مقارنة بعام 2008، ففي هذا الأخير كانت العلاقات بين الدول العربية السُنية و«حماس» فاترة، خاصة وأن «حماس» لديها علاقات مع إيران الشيعية، لكن هذه المرة أرسلت مصر وتركيا الدولتان السُنيتان المؤثرتان، وزيري خارجيتهما إلى قطاع غزة. كما أعلنت الدول السُنية تضامنها مع «حماس»، وبعد ضغوط أميركية، لم تجد إسرائيل أمامها من خيار، إلا قبول جهود الوساطة المصرية، خاصة في ظل علاقات قوية بين الرئيس المصري و«حماس». وترى الصحيفة أنه من المستحيل منع صراع عسكري بين إسرائيل و«حماس» ما لم يتم حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي على نطاق واسع. ومن ثم ينبغي على مرسي وأوباما أن يبذلا جهوداً حثيثة للبدء في جولة جديدة من مفاوضات سلام الشرق الأوسط. موقف يفتقر الشعبية خصصت «تورونتو ستار» الكندية افتتاحيتها يوم الأربعاء الماضي لانتقاد موقف حكومة «ستيفن هاربر» الكندية «المحافظة»، التي عارضت حصول فلسطين على عضوية «مراقب» في الأمم المتحدة. وتقول الصحيفة إن «جون بيرد» وزير الخارجبة الكندي حذر السلطة الفلسطينية من الدفع باتجاه مزيد من الاعتراف لأن ذلك سيضر «بعلاقاتنا» - أي العلاقات الكندية- الفلسطينية، وتطرقت الصحيفة إلى تكهنات منها أن «سعيد حميد» المبعوث الفلسطيني إلى أوتاوا قد يعود إلى بلاده، وأن المكتب الفلسطيني قد يغلق، أو أن كندا ستجمد مساعدتها للفلسطينيين التي تصل إلى 300 مليون دولار يتم دفعها كل خمس سنوات. لكن معظم الكنديين يدعمون فكرة الدولة الفلسطينية، وهؤلاء عددهم، حسب استطلاع رأي أجرته BBC يفوق عدد الكنديين الذين يعارضون الدولة الفلسطينية. والكنديون لن يثنوا على رئيس حكومتهم إذا تضرر التمثل الدبلوماسي الفلسطيني في كندا، علماً بأن المساعدات الكندية تمول حكم القانون في الضفة وهذا بدوره يضمن مصالح إسرائيل الأمنية، ما يعني أن تخفيض هذه المساعدة لن يساعد إسرائيل. خديعة روسيا الغنية بهذه العبارة نشرت «فيدومستي» الروسية يوم الأحد الماضي افتتاحية رأت خلالها أن الأجانب قد يظنون أن روسيا قد تغلبت على مشكلة الفقر، أو أن «الروس يعيشون حياة خالية من القلق خاصة في المدن الكبرى»... هذه المقولة جاءت ضمن مقال للصحفي «بيير أفريل» في «ليفيجارو» يوم 13نوفمبر الماضي، الذي استطرد:(بينما تعاني ربات البيوت في أوروبا جراء الركود الاقتصادي، تبدو روسيا غير متأثرة بالأزمة... الروس يشترون سيارات وسلعاً فاخرة كما لو كانوا غير متأثرين بأية مشكلات اقتصادية على الإطلاق). وحسب الصحيفة، فإن عدد الروس الذين يعيشون دون خط الفقر، وفق معايير البنك الدولي- يعد قليلاً، وذلك وفق استنتاج توصل إليه تقرير يحمل عنوان «وداعاً للفقر»، أعده «ميخائيل ديمترييف»، رئيس المركز الفيدرالي للتنمية الاجتماعية و«سيفتلانا ميسخينا»، رئيسة مركز السياسة الاجتماعية بأكاديمية الاقتصاد الوطني. ومن بين نتائج التقرير أن فقراء روسيا الآن باتوا «فقراء أغنياء»، ذلك أن نسبة الـ12 في المئة من الروس الذين يعيشون على 2 إلى 10 دولارات في اليوم يتمتعون بمستويات معيشية أفضل مقارنة بنظرائهم في الصين والهند وإندونيسيا. فقراء روسيا يشترون هواتف وحواسيب وتلفزيونات ربما أكثر من أصحاب ذوي الدخول الأعلى، والسبب في ذلك يعود إلى تركة البنى التحتية السوفييتية. ومع ذلك تظل مشكلة الفقر في روسيا عالقة دون حل، ذلك أن طفرة الاستهلاك لا تعني بالضرورة الحصول على دخول مرتفعة، بل تعود إلى نمو سريع في عمليات الاقتراض، فديون الروس تتراكم بطريقة تنذر بالخطر، فمعدلات الاقتراض الشخصي ازدادت بنسبة 300 في المئة مقارنة بقروض الشركات. كما أن الفقر لا يمكن قياسه بعدد أجهزة التلفاز التي يتم شراؤها، بل الأمر يحتاج لمؤشرات أكثر نوعية كنوعية المساكن والرعاية الصحية، وباستخدام هذه المؤشرات لن تكون الصورة وردية. إعداد: طه حسيب