كان الهدف الرئيسي لعملية التنمية منذ أن ظهر مفهوم التنمية خلال العقود الماضية هو تحسين الدخل المادي للإنسان، بهدف تمكينه من إشباع حاجاته المادية، ولكن هذا المفهوم شهد تطوّراً كبيراً خلال السنوات الماضية، فأدخل عليه عدد من المكوّنات التي أكسبته أبعاداً جديدة كتنمية مهارات الإنسان وخبراته عبر تمكينه من الحصول على المعرفة، وتحسين وضعه الصحي، لكي يتمكن من العيش لأطول فترة ممكنة وبشكل صحي، وتوسيع الخيارات المتاحة أمامه، وبذلك فقد أصبح الإنسان يقع في لبّ عملية التنمية ومفاهيمها وبرامجها، وقد تبارَت الدول والبلدان فيما بينها لتوفر أفضل مستويات العيش الكريم لسكانها. وتعدّ دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من الدول ذات الجهود الوفيرة والطموحات الكبيرة في هذا الشأن، فمنذ نشأتها في عام 1971، وهي تتبنّى العديد من مبادئ العمل الدالة على أن الإنسان هو لبّ اهتمامها، ومحور عملها التنموي، وقد تمكّنت بذلك من التقدم إلى المرتبة الثلاثين بين دول العالم وفقاً لـ«مؤشر التنمية البشرية» لعام 2012 الذي يصدره «البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة»، واستطاعت أن تضع اسمها في قائمة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة جداً، وهو أعلى تصنيف يمكن لأي دولة الحصول عليه، فيما يعتبر ترجمة صريحة لحجم المنجزات التنموية التي تمكّنت الدولة من إدراكها في هذا الشأن على مدار العقود الماضية. وفي إطار الحرص على مواصلة هذه المسيرة في مجال التنمية البشرية، أعلنت «الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية» خلال الفترة الأخيرة اعتزامها تطبيق استراتيجية عمل جديدة خلال الفترة ما بين عامي 2014 و2016، تتبنى الاستثمار في رأس المال البشري، وتمكين الإنسان الإماراتي من أدوات الابتكار، وإمداده بالمهارات والخبرات التي تتوافق ومستجدات العصر الحديث من تكنولوجيا ومعرفة علمية وأكاديمية، ومن أجل النهوض به، وإبقائه في مكانة رائدة على المستويين الإقليمي والعالمي، وأكدت الهيئة أن استراتيجيتها الجديدة تعتبر الإنسان هو محور التغيير والتطوير المستمرين، وأساس عملية التنمية المستدامة. إن الاستراتيجية المزمع إطلاقها خلال الفترة المقبلة، من قبل «الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية» تستهدف تمكين المواطن الإماراتي من الحصول على ما يتطلّع إليه من فرص توظيف، بما يحقّق طموحاته العملية والحياتية، وبما يتوافق مع إمكاناته ومهاراته وخبراته، وبما يتفق من ناحية أخرى مع متطلبات سوق العمل الوطني، التي تمثل ترجمة صريحة لاحتياجات الاقتصاد الوطني من تلك الكوادر، وهي الاحتياجات التي تتجدد بدورها تبعاً للتطورات المستمرة التي يشهدها الاقتصاد الوطني في طريقه نحو التنمية الشاملة والمستدامة. إن الجهود التي تبذلها «الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية» إلى جانب الجهود التي تبذلها باقي المؤسسات الحكومية في الدولة على المستويين الاتحادي والمحلي، من أجل بناء الإنسان الإماراتي، وتمكينه من امتلاك أدوات العصر الحديث، وإتاحة الفرصة أمامه لتوظيف إمكاناته وقدراته على الوجه الأمثل، سيكون لها بالتأكيد آثار إيجابية في الأوضاع الوظيفية والمعيشية للإنسان الإماراتي، وانعكاسات إيجابية على مؤشرات التنمية الشاملة في الدولة، خاصة التنمية البشرية التي يتوقع أن تخطو خطوات جديدة إلى الأمام على سلم الترتيب العالمي وفقاً لتلك المؤشرات. ــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.