بين رفع عضوية الدولة الفلسطينية... والتصعيد الجديد في الأزمة السورية رفع عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة، واستمرار التجاذب السياسي في مصر، ودخول الأزمة السورية مرحلة جديدة من التصعيد، ثلاثة موضوعات عربية استقطبت اهتمام الصحافة الفرنسية. فلسطين: رفع العضوية في افتتاحية لصحيفة لوموند تحت عنوان «فلسطين: التصويت بنعم في الأمم المتحدة» قالت إن من حق الفلسطينيين رفع مستوى عضويتهم في المنظمة الدولية لتصبح دولة غير عضو، كخطوة على طريق العضوية الكاملة والاستجابة لتطلعات هذا الشعب التي تؤيدها أغلبية واسعة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، على عكس مجلس الأمن الذي يستطيع فيه بعض حلفاء إسرائيل استخدام حق النقض «الفيتو» لعرقلة صدور أي قرار ضد إرادتها. هذا مع أن المبررات التي ظلت تساق للاعتراض على رفع عضوية فلسطين تبدو غير مبررة، كالقول إن ذلك لا يمكن أن يتم أصلاً إلا من خلال التفاوض بين طرفي النزاع، إذ الحال أن الحكومة الإسرائيلية الحالية المتطرفة يستحيل التفاوض أو التوصل معها إلى أية تسويات أو حلول جادة. وقد جرب الرؤساء الأميركيون الثلاثة الأخيرون فشل كافة مساعيهم لجذب إسرائيل نحو طاولة التسوية. وفي سياق متصل اعتبر أيضاً الكاتب بيير روسلين في افتتاحية أخرى بصحيفة لوفيغارو اليمينية أن من حق نتنياهو الاعتراض على رفع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، لأن هذا الأمر ينبغي أن يأتي عن طريق التفاهم مع إسرائيل، ومن المعروف أن نتنياهو يضع شروطاً مقدمة قبل أي تفاهم، منها أن يعترف الفلسطينيون بإسرائيل كـ«دولة يهودية»، وبعد ذلك لابد أيضاً من تقديم ضمانات أمنية لإسرائيل، وصولاً إلى مناقشة الوضع النهائي لمدينة القدس، ومسألة الحدود، ومصير اللاجئين الفلسطينيين. التجاذب المصري عنونت صحيفة لوموند افتتاحيتها ليوم أمس السبت: «مصر في لحظة الفوضى السياسية»، قائلة في مستهلها إن التظاهرات التي تجتاح مصر منذ يوم 27 من شهر نوفمبر المنصرم، تؤشر إلى أن التجاذب السياسي المصري قد دخل مرحلة جديدة. وهنالك طريقتان يمكن أن نقرأ من خلالهما ما يجري الآن هناك، تتعلق كل منهما بالموقف الذي نتخذه من الوضع القائم. ففي القراءة الأولى، يرى أنصار النظام أن الرئيس مرسي قد حل العقدة التي كانت تعطل مسار عملية التحول في مرحلة ما بعد مبارك، وكانت سبباً في مختلف مظاهر الفوضى الاقتصادية، والاجتماعية، التي تجتاح أكبر بلد عربي. وفي هذا المقام اتخذ الرئيس تدابير خاصة لإعادة تنظيم سلطة القضاء، وقد كان ذلك ضرورياً في بلاد يرى أنصار النظام، والعسكريون، وحتى بعض الثوار والليبراليين أن حكمها بات متعذراً، بهذه الطريقة، تقول الصحيفة. كما أن تمرير الدستور الجديد كان وما زال محل تعقيدات وتجاذب كذلك. وذات الشيء بالنسبة للجنة صياغته التي يتذمر الثوار والليبراليون من استحواذ «الإخوان» والسلفيين على نصيب الأسد فيها، وهو ما أدى إلى انسحابات واسعة من قبل تلك القوى السياسية من هذه اللجنة. وفي هذه الأثناء لا تزال المفاوضات بين مصر وصندوق النقد الدولي حول قرض هي في أمسّ الحاجة إليه معطلة، والاقتصاد لا يتوقف عن الانحدار، وحال الأمن في تراجع. ويخشى أن تتكشف الثورة في النهاية عن فوضى. ولذا يقول أنصار النظام الحالي إن الظروف تقتضي ضبط القضاء، الذي يزعمون أن بعض فلول النظام السابق ما زالوا يتغلغلون في صفوفه، وإنهم من خلاله يقودون ثورة مضادة. ويتطلع الرئيس المصري الآن وهو يترك المستائين يتظاهرون، تقول الصحيفة، إلى الحصول على تأييد «الدولة العميقة» والأقاليم حيث يريد الناس عودة حالة الاستقرار، وكفى. أما القراءة الثانية لما يجري في مصر، فترى أن الرئيس قد استفاد من نجاح وساطته في صراع غزة الأخير بين «حماس» وإسرائيل، لكي ينفذ سياسات قوية. تماماً كما استفاد من قبل، يقول المنتقدون، من حادث أمني خطير في سيناء خلال الصيف الماضي، لكي يتخذ تدابير في القوات المسلحة، حيَّد بموجبها قيادات الأركان والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي قاد البلاد منذ سقوط نظام مبارك في فبراير 2011. والآن بادر بجمع سلطات واسعة بين يديه، وهي سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية. وهذه سابقة. وأكثر من هذا تجري الأمور متسارعة لتمرير دستور «إسلامي»، تقول «لوموند»، وفي هذا الافتراض، تبدو اللعبة كبيرة. وغير مضمونة النجاح. حيث أدى التجاذب الأخير إلى توحيد صفوف التيار الليبرالي المصري، الذي كان متناثراً ومتنافراً. ولا تخلو من دلالة خسارة الإسلاميين للسيطرة على ميدان التحرير. فهذا تحول رمزي، بكل المقاييس. سوريا: مؤشر مقلق نشرت صحيفة ليبراسيون تقريراً صحفياً عن آخر مستجدات الصراع في سوريا حذرت فيه من مؤشر مقلق للغاية سُجل خلال الأيام الأخيرة هو تعمد نظام الأسد قطع كافة الاتصالات الهاتفية والشبكية عبر الإنترنت عن البلاد، بشكل متكرر، وهو ما يخشى أن يكون استعداداً لارتكاب مجازر في بعض المناطق، يريد النظام و«شبيحته» إخفاءها عن العالم. ونقلت الصحيفة عن «منظمة العفو الدولية» قولها يوم الخميس الماضي إن «هذا يمكن أن يكون بمثابة إعلان عن نوايا مبيتة لدى النظام السوري بإخفاء ما يجري في البلاد عن عيون العالم». ومن دون هذا الافتراض لا تبدو المبررات التي يقدمها النظام على قطعه الاتصالات والشبكة العنكبوتية مقنعة أبداً، حيث إنه يسوق مبررات واهية أو غير مقنعة على الأقل لسبب هذه الانقطاعات حيناً بالزعم أن الثوار هم المتسبب فيها، وحيناً آخر بدعوى إجراء «أعمال صيانة» وهي دعاوى لا تنطلي على عقل أحد، بطبيعة الحال. وفي السياق ذاته قال مراسل الصحيفة إن نظام الأسد يخوض الآن معركة السيطرة على ضواحي العاصمة دمشق، فقد أطلق، فجر يوم الجمعة الماضي، هجوماً مكثفاً لإعادة السيطرة على المناطق المحيطة بمطار دمشق، على بعد قرابة ثلاثين كيلومتراً إلى الجنوب الشرقي من وسط المدينة. وفي هذه الأثناء استمرت المواجهات العنيفة في ريف دمشق والمناطق القريبة منها، وفي بعض أحيائها الجنوبية التي تمكن الثوار من التسلل إليها. وقد استفاد مقاتلو الجيش السوري الحر، تقول الصحيفة، من تجربتهم غير الناجحة في شهر يوليو الماضي حين حاولوا السيطرة على بعض أحياء وسط العاصمة، ولذلك أخذوا يركزون الآن على الضواحي والمناطق الواقعة حواليها، بغية تطويقها دون الوقوع في مرمى قوات النظام. ولذا تمكنوا يوم 25 نوفمبر من السيطرة على مطار مرج السلطان العسكري، الذي لا يبعد عن وسط المدينة إلا بـ15 كلم. كما سجل مقاتلو المعارضة أيضاً انتصاراً آخر، يوم الجمعة الماضي، بسيطرتهم على حقل «القمر» النفطي، في شرق البلاد، وطردوا الجيش النظامي من مدينة الميادين، جنوب دير الزور. وبذلك أصبح الثوار الآن يسيطرون عملياً على طول الحدود الشمالية مع تركيا، ومعظم الحدود الشرقية مع العراق، وهو ما يسمح لهم بالتزود بالتموين والوقود والعتاد. وقد أعلنت الولايات المتحدة مساء الخميس الماضي نيتها زيادة الدعم المقدم للمعارضين السوريين، دون خوض في تفاصيل جوانب الدعم التي ستتم زيادتها. ومن المعروف أنها تقدم مساعدات غير قتالية للمعارضين من قبيل الهواتف العاملة بالأقمار الصناعية، ولكنها ترفض رسمياً تقديم أسلحة. وحسب دبلوماسي فرنسي، فإن واشنطن تضع ما يشبه «الفيتو» على تقديم صواريخ أرض- جو للثوار مخافة أن تقع في الأيدي الخطأ، كالعناصر المتطرفة. ومع هذا يتوافر المعارضون على تلك النوعية من الأسلحة، مؤكدين أنهم حصلوا عليها مؤخراً بعدما غنموها من جيش النظام إثر استيلائهم على قاعدة عسكرية غرب مدينة حلب. وبالفعل فقد أسقطوا بها طائرتين للجيش النظامي في الأيام التالية على ذلك. وفي الأخير حذرت «ليبراسيون» من تفاقم الجوانب الإنسانية للأزمة السورية مع قدوم فصل الشتاء، في ضوء حجم الكارثة وقلة الموارد المتاحة للمنظمات الإنسانية الدولية المعنية بمساعدة مئات الآلاف من اللاجئين والنازحين المدنيين السوريين، في دول الجوار، وداخل الأراضي السورية نفسها. إعداد: حسن ولد المختار