في الثاني من ديسمبر 2012 تطفئ الإمارات العربية المتحدة الشمعة الـ41 من عمرها المديد، وبذلك يكون قد مر على التجربة الاتحادية الناجحة الوحيدة في المنطقة العربية وجوارها الجغرافي واحد وأربعون عاماً وهي تسير بنجاح منقطع النظير وتحقق للمواطنين فيها، ولمن وفدوا إليها طالبين الرزق والأمن والأمان، كل ما يصبون إليه من عيشة كريمة وطمأنينة ورخاء قلما تحقق لأي شعب من شعوب الأرض في العصور الحديثة. إن ما يتحقق على أرض الإمارات تجربة فريدة بكل المعاني، فعلى هذه الأرض المباركة يحقق المواطن الإماراتي جهداً إنسانياً مباركاً يجمع بين التقدم العظيم والحداثة بتفرعاتها التكنولوجية والبشرية ومستلزماتها، وبين المحافظة على الموروث الوطني بثقافته وتقاليده وعاداته الأصيلة وفق منظومة متكاملة من الرغبة في التقدم والرقي والاستفادة من آخر ما وصلت إليه البشرية من جانب، والتمسك بالأصالة والوطنية، اجتماعياً وثقافياً وسياسياً، من جانب آخر. والمسيرة الاتحادية المباركة خلال السنوات الماضية لم تكن سهلة أو مفروشة بالورود على طول الطريق، لكن عزيمة الرجال وجودة القيادة وحكمتها وتكاتف أبناء الإمارات المخلصين مع القيادة، والتفاهم حولها كسر شوكة تلك الصعاب وذللها، بل وانتصر عليها انتصاراً مؤزراً وجعل السفينة مستمرة وهي تمخر عباب البحر بأمان. لقد أيقنت الإمارات وأهلها منذ بداية قيام الاتحاد أنه هو ثوبهم الوحيد الذي سيقيهم غائلات التقلبات في المنطقة، وبأنه وسيلتهم المثلى للوصول إلى ما يصبون إليه، لذلك نراهم وقد وضعوا لأنفسهم معادلة توازن بين النمو والتقدم الاقتصادي، وبين متطلبات التغير الاجتماعي والسياسي، وهم سائرون وفقاً لهذه المعادلة الدقيقة بخطى حثيثة يغلفها التروي والحكمة والصبر. وبعبارة أخرى فإن الإمارات وأهلها قيادة وشعباً يعلمون جيداً أنه مع سير بلادهم الثابت على طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فإن ذلك يستلزم الانتباه إلى أهمية التنمية السياسية، لكن تلك اللزومية تستدعي منهم ألا يقفزوا إلى المجهول قفزاً لكي لا يقعوا في مطبات التجارب الأخرى في المنطقة. المهم في الأمر هو أن التجربة الاتحادية لوطننا العزيز حققت حتى الآن للوطن وللمواطن إنجازات هائلة، كماً ونوعاً، على صعيد البنية التحتية والتقدم التكنولوجي، والصناعي والاجتماعي والتعليمي والصحي والإسكاني وحقوق المرأة، وفقاً للموروث الثقافي والاجتماعي والأهداف الوطنية، ونشلت الإنسان من فقر مدقع وعوز ورفعته إلى مصاف أعلى بني البشر دخلاً على وجه البسيطة، وحولت الأرض من جرداء قاحلة يدب على ظهرها بضعة آلاف فقط إلى جنة خضراء ينشد العيش فيها كافة بني البشر من مشارق الأرض ومغاربها، وكل من يدخلها لا يريد الخروج منها أبداً. وكل ذلك يتزامن مع تطور ثقافي وقيمي متوازن تعجب شعوب الأرض جميعاً في كيفية قدرة أبناء الإمارات تحقيقه وهم محتفظون بثقافتهم الأصيلة بكافة تفاصيلها ومعطياتها. إن هذا يدل على أن التعبئة الوطنية نحو الحراك والتقدم الاجتماعي تسير بسلاسة في إطار السعي الحثيث نحو التحديث الذي تقوده القيادة السياسية باقتدار وحكمة وروية، فهنيئاً لك يا وطني اطفاء الشمعة الاتحادية 41 من عمرك المديد، وإلى المزيد من التقدم والرخاء والرفاهية والعز والمجد، ولو كره الكارهون.