"ساندي" يؤكد الحاجة لحكومة "كبيرة"...ومطلوب سياسة صارمة مع بغداد هل جاء إعصار "ساندي" ليدحض موقف "رومني" من الحكومة الفيدرالية التي يريد تقليصها؟ وماذا عن دروس هذا الإعصار؟ وهل تحتاج واشنطن لتغيير لهجتها تجاه بغداد التي تقدم العون لبشار الأسد؟ وإلى أي مدى يلعب الاقتصاد دوراً في السباق الانتخابي بين أوباما ورومني؟... تساؤلات نضعها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. "الحكومة الكبيرة" أمس الأول الاثنين، وتحت عنوان "العاصفة الضخمة تتطلب حكومة ضخمة"، نشرت "نيويورك تايمز" افتتاحية استهلتها بالقول إن معظم الأميركيين لم يسمعوا أبداً عن "المركز القومي لتنسيق الاستجابة"، لكن من حسن حظ هؤلاء أن هذا المركز موجود، خاصة في الأيام التي تشهد أعاصير وفيضانات، المركز أشبه بغرفة عمليات حربية تابعة لوكالة الطوارئ الفيدرالية، حيث يجتمع المسؤولون للبت في قرارات تتعلق بإنقاذ الناس في وقت الكوارث وتوفير المساعدة للمستشفيات التي تضطر إلى إخلاء مقراتها. التنسيق في وقت الكوارث واحدة من المهام الأكثر حيوية بالنسبة لما يسمى بـ"الحكومة الكبيرة"التي يريد المرشح "الجمهوري" مت رومني التخلص منها، وضمن هذا الإطار، شهد الحزب "الجمهوري" سجالات حول ما إذا كانت إدارة الطوارئ عملية يجب أن تكون تابعة للولايات، وكانت الإجابة نعم، بل ذهب "الجمهوريون" إلى ما هو أبعد... فالمرشح "الجمهوري" يرى أن الولايات تستطيع التصرف بمفردها أفضل من واشنطن (الحكومة الفيدرالية) لمواجهة الإعصار الذي يضرب الآن ساحل أميركا الشرقي. موقف رومني يتسق مع عقود طويلة يرفض فيها "الجمهوريون" وكالة الطوارئ الفيدرالية، التي أسسها جيمي كارتر، والتي تم التعامل معها بصفتها وزارة في عهد كلينتون، لكن الرئيس السابق جورج بوش تجاهل الوكالة وألحقها بوزارة الأمن الداخلي. وبعد وصول أوباما إلى البيت الأبيض عادت الوكالة إلى العمل، لكن الأيديولوجيا لا تزال تعمي أعين "الجمهوريين"، وتجعلهم لا يقدرون أهمية الوكالة. ويبدو أن البعض لا يحبذ فكرة مفادها منح العون المجاني للفقراء أو أنه يتعين على الأميركيين دفع ثمن قراراتهم السيئة التي قد يندرج ضمنها السكن في الساحل الشرقي الذي يتعرض لإعصار ساندي. وتشير الصحيفة إلى أن "الجمهوريين" في الكونجرس فرضوا خلال العامين الماضيين تخفيضات في ميزانية الوكالة الخاصة بالجاهزية لمواجهة الكوارث بلغت 43 في المئة. المرشح "الجمهوري" لا يزال مؤمناً بأن الولايات يجب أن تتحمل مسؤولية إدارة الأزمات، لكن إعصار ساندي جاء ليؤكد أن الأيديولوجيا لا تصلح بديلاً للسياسات الجيدة. وطرحت الصحيفة تساؤلات منها: من سيكون مسؤولاً عن تحديد وجهة إرسال المساعدات الفيدرالية؟ وإذا لم تقدم الحكومة الفيدرالية مساعدات، فهل بمقدور الولايات المتضررة بالإعصار تحمل أعباء تتمثل في خسائر بمليارات الدولارات؟ وبعد أن كررت وسائل الإعلام تصريحات لرومني كان أطلقها قبل عام حول وكالة الطوارئ الفيدرالية، لجأت حملته إلى الإعلان عن أن المرشح "الجمهوري" لا يريد إلغاء الوكالة، لكنه مع ذلك لا يزال مؤمناً بدور الولايات في إدارة الأزمات. دروس "ساندي" يوم الاثنين الماضي، وتحت عنوان ما هي الدروس التي يحملها معه إعصار ساندي؟" استنتجت "كريستيان ساينس مونيتور" أن أفضل وسيلة للاستجابة تكمن في جاهزية المجتمع من الناحية السياسية والمدنية وأيضاً من خلال المواقف الثقافية. الصحيفة استندت إلى كتاب أصدره "مارك هرتسجارد"، وهو متخصص في قضايا التغير المناخي، الكتاب يحمل عنوان "الحرارة: الحياة على كوكب الأرض خلال الخمسين عاماً المقبلة". هرتسجارد خلص في مقاله إلي أن السياق الاجتماعي أكثر أهمية من التفوق التقني، وهذا السياق يشمل مزيجاً من المواقف العامة وما تحتويه من عادات ثقافية وميول سياسية ومصالح اقتصادية وإجراءات مدنية. الصحيفة واصلت الاقتباس من كتاب "هرتسجارد"، مشيرة إلى كارثة إعصار كاترينا الذي ضرب منطقة نيوأورلينز عام 2005، وكيف أن المشكلات السياسية في ولاية لويزيانا والحكومة الأميركية في واشنطن دي.سي، أسفرت عن ردود أفعال غير مناسبة عند التعامل مع الكارثة. الصرامة مع العراق في مقاله المنشور بـ"نيويورك تايمز"يوم الاثنين الماضي، وتحت عنوان "حان الوقت للتعامل بصرامة مع العراق"، استنتج "نسيبة يونس" أن الرئيس الأميركي المقبل يجب أن يعيد تقييم علاقات بلاده المتدهورة مع العراق. يونس، وهو زميل برنامج الأمن الدولي التابع لمركز بلفر، لديه قناعة مفادها أن نظام نوري المالكي الذي عايش رئيسين أميركيين يعمل في أجواء من الحصانة، خاصة في وقت ركزت الحكومة الأميركية على تهدئة العراق، وإيجاد طريقة للخروج منه. ويبدو أن الخوف من انتقاد العراق تحسباً لتأثير ذلك على السياسة الأميركية، التي تعارض الانخراط من جديد في الشؤون العراقية. مقاربة واشنطن هذه جعلتها تنظر بعيداً بينما العراق يسير في اتجاه مغاير للمصالح الاستراتيجية الأميركية في المنطقة. وينوه الكاتب إلى تضارب المصالح بين العراق والولايات المتحدة في الأزمة السورية، فمن مصلحة الولايات المتحدة أن ينتهي نظام بشار الأسد، وعلى الأقل ينبغي على واشنطن منع حلفائها من تقديم مساعدات أو نقل أسلحة إلى نظام بشار. فثمة تقارير استخباراتية مفادها أن العراق سمح الشهر الماضي بنقل أشخاص وعشرات الأطنان من الأسلحة عبر المجال الجوي العراقي إلى سوريا، بشكل يومي، حتى أن ثمة أشخاصاً ينتقلون عبر الحافلات من سوريا إلى العراق على اعتبار أنهم حجاج لكنهم ينقلون أسلحة ومساعدات لنظام بشار. إدارة أوباما توسلت إلى العراق طالبة منه أن يتخلى عن تقديم مساعدات لنظام بشار، والمفروض – حسب الكاتب- أن تطلب واشنطن من بغداد أن تمنع هذه المساعدات على الفور، أو تخسر صداقتها مع الولايات المتحدة بما فيها مساعدات أميركية قوامها 1.7 مليار دولار إضافة إلى صفقات سلاح أميركية. ويقول يونس إنه بتمكين نظام الأسد من الحصول على السلاح، أو بالأحرى إعادة تسليحه، تكون حكومة المالكي مسؤولة عن تمديد صراع أسفر بالفعل عن خسائر بشرية جمة، ويزعزع استقرار لبنان ويهدد بجر الأردن وتركيا إلى هذا الصراع. تعافي اقتصادي "سيئ"! واصلت "واشنطن تايمز" انتقادها لسياسة أوباما الاقتصادية، منتهزة إفصاح وزارة التجارة الأميركية عن معدل نمو الاقتصاد الأميركي خلال الشهور الأخيرة، فتحت عنوان "نمو اقتصادي هو الأسوأ على الإطلاق"، قالت الصحيفة في افتتاحيتها ليوم الجمعة الماضي، إن إدارة أوباما تستخدم أرقام النمو الاقتصادي كدليل على أن الأمور تتحسن وتتجه نحو الأفضل. وزارة التجارة كشفت عن نمو اقتصادي في الربع الثالث من العام الجاري قدره 2 في المئة، وهو أفضل من الربع الثاني الذي شهد نمواً بلغ 1.3 في المئة، لكن أرقام الربع الثالث ليست دليلاً علي تحسن الاقتصاد، وهنا تقارن الصحيفة الحالة الراهنة بما كانت عليه الأمور إبان إدارة كلينتون... ففي 1992 نما الاقتصاد الأميركي خلال الربع الثالث من العام المذكور بنسبة 2.7 في المئة، وآنذاك تم اعتبار معدل النمو- أو الوتيرة التي يتعافى بها الاقتصاد الأميركي- الأضعف منذ الحرب العالمية الثانية، وبهذا المنطق تصبح نسبة الـ2 في المئة هي الأضعف على الإطلاق. من جانبه كتب "ديفيد جرانت" مقالاً يوم السبت الماضي، استنتج خلاله أنه أياً كان الفائز في انتخابات الثلاثاء المقبل، فإن أوباما أو رومني بجاجة إلي المساعدة داخل مجلس الشيوخ للوصول إلى اتفاق بشأن تخفيض الديون الأميركية. وأشار الكاتب إلى تحليلات أعدها خبراء اقتصاديون مفادها أن الولايات المتحدة بحاجة إلي تخفيض ديونها خلال السنوات العشر المقبلة بمقدار 4 تريليونات دولار، كي يتم ضمان الاستقرار المالي في الولايات المتحدة علي المدى الطويل. وإذا فاز أوباما بفترة رئاسية جديدة، فإنه تعهد بعدم تمديد تخفيضات ضريبية كانت إدارة بوش قد طبقتها ويستفيد منها الذين تزيد دخولهم السنوية على 250 ألف دولار، فالضرائب التي يدفعها الأثرياء ستحقق مداخيل للحكومة الأميركية تصل قرابة تريليون دولار، لكن “الجمهوريين” عادة ما يرفضون هذه الضرائب. إعداد: طه حسيب