تدخل عسكري وشيك في مالي... وقوات أممية في سوريا! مشكلة شمال مالي ومخاطر تمدد الإرهاب إلى منطقة الساحل، وزيارة أمير قطر لغزة، وارتباك "حزب الله" بعد اغتيال وسام الحسن، ثم احتمال إرسال قوات أممية لحفظ السلام إلى سوريا... جولة سريعة ضمن الصحافة الفرنسية خلال الأسبوع الماضي. الساحل وخطر الإرهاب في افتتاحيتها ليوم الاثنين الماضي تطرقت صحيفة "لوموند" الفرنسية للوضع الملتهب في شمال مالي وتداعياته على مجمل منطقة الساحل الإفريقي، مشيرةً إلى أن العد العكسي لتدخل عسكري وشيك في المنطقة قد بدأ بالفعل، بعدما فشلت جميع محاولات التفاوض مع الجماعات المسلحة التي تسيطر على شمال مالي، وتهدد بزعزعة استقرار المنطقة برمتها، وذلك كله، تقول الصحيفة، باسم الإسلام السياسي، بعدما تمكنت جماعات مسلحة متشددة لا تخفي علاقتها بتنظيم "القاعدة" من فرض هيمنتها على شمال مالي وتهميش حركة التمرد الرئيسية المعروفة باسم "حركة تحرير الأزواد"؛ فاليوم -تقول الصحيفة- تتصدر الأحداث في صحراء مالي كل من حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا وحركة أنصار الدين، وبحسب التقارير الواردة من مالي تعتمد تلك الجماعات في تمويل أنشطتها على جملة من العمليات غير الشرعية، سواء تعلق بالأمر بالتهريب، أو بخطف الرهائن الغربيين، واشتراط الفدية مقابل إطلاق سراحهم، هذا بالإضافة إلى الاستفادة من تدفق الأسلحة المستمر عبر الحدود الليبية، وعودة عناصر مخضرمة قاتلت إلى جانب القذافي خلال الثورة الليبية. غير أن الصحيفة تؤكد في الوقت نفسه أن أي تدخل عسكري يتعين أن يكون بأيدي الأفارقة وأبناء المنطقة تحت مظلة مجموعة دول غرب إفريقيا الأكثر تأثراً بتداعيات التمدد الإرهابي في المنطقة. وبالطبع سيكون التدخل بترخيص من الأمم المتحدة ومساعدة الدول الغربية من الناحية اللوجستية، وإرسال القوات الخاصة، إن استدعى الأمر ذلك، وهو إجماع بدأ يتحقق، بعدما انضمت الجزائر مؤخراً إلى الجهود الدولية، ووافقت على العملية العسكرية بعد ترددها في البداية. قطر وقطاع غزة كتب "جورج مالبرونو" في مقاله الذي نشرته "لوفيجارو" يوم الثلاثاء الماضي عن الزيارة التي قام بها أمير قطر الشيح حمد بن خليفة آل ثاني إلى قطاع غزة يوم الثلاثاء الماضي، فرغم قصر مدة الزيارة التي لم تتجاوز أربع ساعات، إلا أنها حملت في طياتها رمزية عالية ودلالات لا تخطئها عين المراقب، كما يقول الكاتب. فالزيارة هي الأولى التي يقوم بها مسؤول عربي بارز إلى غزة المحاصرة من قبل إسرائيل، كما أنها جاءت لتضفي المزيد من الشرعية على "حماس" التي تحكم القطاع منذ عام 2007، هذا بالإضافة إلى الفائدة المالية الكبرى التي جنتها الحركة وقطاع غزة معاً من زيارة الأمير، حيث أُعلن عن زيادة حجم الاستثمارات القطرية في القطاع من 254 مليون دولار إلى 400 مليون دولار، كما تم وضع حجر الأساس لبناء ألف وحدة سكنية في منطقة خان يونس جنوب غزة لتستفيد منها الأسر الفقيرة، وتلك التي فقدت منازلها خلال الهجوم الإسرائيلي في عام 2008، ناهيك عن مشاريع أخرى متنوعة تهم ترميم البنية التحتية المتآكلة. ويضيف الكاتب أن الزيارة تندرج في إطار محاولات كسر الحصار الاقتصادي المفروض على غزة منذ عدة سنوات، وهو الحصار الذي خنق القطاع، وأعاق عمليات إعادة البناء بمنع دخول المواد الضرورية لذلك. كما يلفت النظر إلى الحمولة السياسية لهذه الزيارة، إذ معروف دعم قطر لـ"حماس" والصداقة التي تجمع أميرها بخالد مشعل، رئيس المكتب السياسي للحركة، والمقيم حالياً في الدوحة بعد مغادرته دمشق. وفي الوقت الذي تعاني فيه السلطة الفلسطينية في رام الله أزمة مالية خانقة، وتجد صعوبة في دفع رواتب موظفيها، يقول الكاتب، تغدق الدوحة المال على "حماس" التي تسعى قطر من خلالها إلى تعظيم نفوذها وتعزيز مكانتها الدبلوماسية في الشرق الأوسط. "حزب الله" والمعادلة الصعبة تطرقت الصحفية والناشطة السورية هالة قضماني، في مقالة منشورة على صفحات "ليبراسيون" يوم الأحد الماضي، للرهانات الكبرى التي يجد "حزب الله" نفسه في خضمها إثر حادث الاغتيال الأخير الذي أودى بحياة وسام الحسن، رئيس شعبة المعلومات بالأمن الداخلي اللبناني، وتداعياته على المسرح اللبناني الحافل بالتناقضات، فالكاتبة أولاً وخلافاً للأصوات الأخرى المعارضة للنظام السوري التي سارعت إلى اتهامه باغتيال الشخصية الأمنية اللبنانية الرفيعة، تدعو إلى التريث قليلاً وعدم التسرع، ليس لأن النظام السوري بريء وهو الذي ولغ سابقاً في الدم اللبناني لأقصى حد كما تقول، بل لأن أصول التحقيق في الجرائم تفرض التحفظ وعدم توجيه التهم. هذا بالإضافة إلى وجود تصريحات تذهب في اتجاهات أخرى كان أهمها ما قاله رئيس الأمن الداخلي اللبناني الجنرال أشرف ريفي من أن إسرائيل ليست مستبعدة من دائرة الاتهام، لاسيما وأن القتيل سبق له الكشف عن عدد من شبكات التجسس الإسرائيلية. غير أن الطرف الأكثر ارتباكاً بعد هذا الاغتيال، تقول الكاتبة، هو "حزب الله" الذي سعى ومنذ اندلاع الأزمة السورية إلى النأي بلبنان عن الأحداث، مع إعلان موقف داعم للنظام السوري والمحور الذي يربطه مع إيران. هذه المعادلة الصعبة التي يحاول من خلالها "حزب الله" الحفاظ على حلفه المعروف مع النظامين السوري والإيراني، وفي نفس الوقت عدم زج لنبان في أتون الصراع، بدأت تتهاوى بسبب التقارير التي تفيد بتورط عناصر "حزب الله" في القتال إلى جانب النظام السوري، مثل تقرير صادر عن الأمم المتحدة يتحدث عن مشاركة مسلحي الحزب في قتال الثوار السوريين. وتشرح الكاتبة الموقف السياسي لـ"حزب الله" بالقول إنه نابع من قراءته لخريطة الصراع الناشب في المنطقة، فأي سقوط للنظام السوري سيقوي المعارضة السنية في الداخل، الأمر الذي يتخوف منه الشيعة عموماً في لبنان، لذا يصارح الحزب بدعمه للنظام حفاظاً على توازن طائفي بات صعباً مع مرور الأيام. ماذا بعد الهدنة في سوريا؟ سؤال طرحته الصحفية الفرنسية "سيلين لوساتو"، في مقالها ليوم الأربعاء الماضي بمجلة "لو نوفيل أوبسرفاتور"، وذلك على خلفية الحديث المتنامي عن احتمال نجاح هدنة بين الأطراف المتصارعة في سوريا توصل إليها المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية، الأخضر الإبراهيمي، وهي الهدنة التي ستستمر لأربعة أيام، ويُفترض أن تفسح المجال لوصول المساعدات الإنسانية لعدد من القرى والبلدات المحاصرة في سوريا. لكن سؤال الكاتبة هو: ماذا بعد الهدنة؟ فالهدف الرئيسي الذي يسعى إليه المبعوث الأممي هو إقرار هدنة طويلة تسمح ببدء عملية سياسية ربما تقود إلى انتقال سلمي للسلطة، هذا الانتقال لن يُكلل بالنجاح ما لم تتوقف العمليات العسكرية ويسترجع السوريون أنفاسهم بعد أكثر من 19 شهراً من المعارك ومقتل أكثر من 30 ألف سوري، وحتى تتوقف العمليات العسكرية من الجانبين، تقول الكاتبة، يروج حديث في كواليس الأمم المتحدة وخلف الأبواب المغلقة عن مشروع إرسال قوات أممية لحفظ السلام بعد تأمين الترخيص الضروري لمجلس الأمن. وهنا تُطرح أيضاً إشكالية الموقفين الروسي والصيني، فرغم معارضة البلدين لأي تدخل عسكري، إلا أنه يمكن -كما تشير الكاتبة- البناء على قرارين سابقين سمحا لدخول مراقبين دوليين إلى سوريا لتمرير قرار جديد يتيح إرسال قبعات زرق للفصل بين الطرفين ومراقبة وقف إطلاق النار. إعداد: زهير الكساب