"إن معارضة الغرب جعلت من المستحيل على الدول الإسلامية تحقيق فرض حظر على ازدراء الأديان، بما في ذلك الأفلام والرسوم المعادية للإسلام التي فجرت أعمال شغب قاتلة، وإن المنظمة التي تضم 57 دولةً لن تحاول مرة أخرى الحصول على دعم الأمم المتحدة لحظر ازدراء الأديان". بتلك الكلمات أسدل أكمل الدين إحسان أوغلو الستار على جهود منظمة التعاون الإسلامي لإصدار قانون يحظر ازدراء الأديان، وهي جهود بدأت منذ عام 1998 بعد أن كثُرت الهجمات على الإسلام في الغرب. وهنا أريد التوقف عند مسألة مهمة دائماً ما يجعلها الغرب الشماعة التي يعلّق عليها كثيراً مما يحدث في هذا الخصوص، وهي مسألة حرية التعبير، حيث كشفت الحركة الصهيونية ازدواجية الغرب في هذا الخصوص، عندما كسرت الحاجز ومارست كل الوسائل واستخدمت قوتها وتأثيرها ونفوذها على الغرب لاستصدار قانون يجرم من يشكك في "المحرقة"، حتى ولو كان ذلك من خلال البحث العلمي الذي قد يقلل من أرقام ضحايا "المحرقة"، بصورة منهجية وعلمية ونزيهة. لذلك أصبح من الممكن أن تتم الإساءة إلى الأديان السماوية والرموز المقدسة لأهلها، ولا يجوز قانوناً التطرق إلى الهولوكست أو مناقشته مناقشة علمية، لأنه يعتبر "فوق النقد". لقد تم تجنيد كل الوسائل الممكنة لترسيخ فكرة "الهولوكست"، وتحويلها إلى سلاح يتم من خلاله إرهاب العالم وإرعاب المفكرين والباحثين، وهذا ما حدث لكثيرين مثل المؤرخ الفرنسي بول راستين الذي واجه مثل هذا التزييف بعد أن أثبت في كتابه "تجاوز الخط" أن عدد اليهود الذين قتلوا على يد هتلر لم يتجاوز المليون، وأن ذلك لم يكن من خلال أفران الغاز. لكن راستين تعرّض للمطاردة والمحاكمة. والأمر نفسه حدث للباحث آرثر بوتز عندما كشف في كتابه "أكذوبة القرن العشرين" عن معلومات دقيقة حول الهولوكست، فتعرّض لهجوم صهيوني عالمي وصل إلى حد محاولة قتله. كما جرى شيء مشابه مع يوري دافيس، الأكاديمي اليهودي الذي كشف في مجموعة الكتب التي ألّفها، عن التعاون الذي تم بين الحركة الصهيونية والنازية بهدف تهجير اليهود من الدول الأوروبية إلى فلسطين. ومثلهم الأكاديمي اليهودي نورمان فينكشتاين الذي كشف هو أيضاً في كتابه "صناعة الهولوكست"، أن الهولوكست تم استخدامه كغطاء لإخفاء جرائم إسرائيل. وقد حدث الشيء نفسه كذلك للمفكر الفرنسي المسلم روجيه جارودي بعد أن أصدر كتابه الشهير "الأساطير المؤسسة للصهيونية"، والذي فنّد فيه كثيراً من الأكاذيب، فحُكم عليه بالسجن والغرامة وتمت مطاردته واغتياله معنوياً. وعندما أعلن المؤرخ البريطاني ديفيد ايرفينج أمام 800 شخص في ميونيخ عام 1990، أنه لم يكن هناك أي غرف غاز في أوسنتير، وأنه لم يتم إحراق 6 ملايين يهودي، تمت مطاردته وإهانته وسجنه هو أيضاً. أعتقد أننا كمسلمين مطالبون اليوم ببلورة رؤية واضحة حول هذا الموضوع، والتحرك لإيجاد مثل هذا القانون الذي يحمي ديننا الإسلامي من عبث المغرضين وسخرية المستهزئين، وإلا فسوف تستمر الإساءات ولن تتوقف عن الإساءة إلى مفاهيم التعايش والتعاون بين حضارات العالم وبين ثقافاته. لذلك فالمطلوب هو مواصلة الضغط على المؤسسات الدولية، وأهمها الأمم المتحدة، واللجوء إلى المحاكم الدولية، واستخدام الوسائل القانونية المشروعة عالمياً، إلى جانب سلاح المقاطعة السياسية والاقتصادية إذا لزم الأمر، وانتهاج أساليب فعّالة في عرض مثل هذه القضية على العالم، بغية الوصول إلى الهدف المنشود.